السوريون في تركيا بعهد أردوغان يسامون سوء العذاب، والارتزاق العسكري وإن كان جريمة موصوفة في القانون الدولي.
منذ لجوء ملايين السوريين إلى تركيا منتصف العام ٢٠١١، وهو العام الذي بدأت فيه الأزمة بسوريا، تجنب نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منح هؤلاء السوريين صفة "اللاجئ الإنساني أو السياسي"، بحسب ما تمليه على نظام تركيا اتفاقيات حقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالنازحين.
وعزف أردوغان والمقربون منه على وتر مصطلح "الضيوف السوريون"، وهو مصطلح وعبارة تخفي وراءها نوايا تركية سيئة حيال أولئك السوريين المنكوبين، وتمت ترجمة تلك النوايا المشبوهة فيما بعد من خلال استغلال معاناة الناس وفقرهم، وتسخير "المعارضة" السورية من أجل خدمة أجندة تركيا الأردوغانية، وليس آخر هذا كله تجميع السوريين من المخيمات والمناطق المحتلة شمال البلاد ليتم سوقهم كمرتزقة، يستقلون ليلاً ونهاراً طائرات الجيش التركي نحو ليبيا وقطر والصومال، والآن أذربيجان من أجل القتال ضد أرمينيا.
و"المرتزقة السوريون" يضمون في صفوفهم قصراً وغير بالغين، تزج بهم مخابرات أردوغان في أتون معارك عسكرية ضروس، ويوماً ما ردد أردوغان على مسامع الملايين من السوريين مقولته الشهيرة، "أنتم المهاجرون ونحن الأتراك الأنصار"، واليوم هذا ما فعله نظام أردوغان بمن سماهم الأنصار، حين طرحهم سلعة بخسة في بازار مغامراته العسكرية والتوسعية في غرب ليبيا والقوقاز.
والأسوأ من هذا أن يتصدر الإخوان المسلمون المشهد مدافعين عن تجييش أردوغان للاجئين السوريين، وإرسالهم كمرتزقة ضمن عملية "سفر برلك" جديدة، تشبه في شكلها ومضمونها تاريخ من يقول أردوغان عنهم أنهم أجداده العثمانيون، وبعض مشايخ الإخوان ذهب أبعد من ذلك ليسرد أدلة شرعية مزعومة لجواز ما يقوم به أردوغان، وطبيعة الأجر والثواب الذي يناله "المرتزقة" إن هم شاركوا في ذلك.
ولم تقتصر حفلات التبرير لهذه الجريمة التركية بحق فقراء سوريا ومعوزيها على الشق المتعلق بالجانب الديني، بل إن منظري الإعلام القطري ومذيعي ومراسلي قناة الجزيرة القطرية وبقية دكاكين عزمي بشارة الإعلامية، نشروا وينشرون عبر صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، منشورات تبرر بل تمجد الأفعال التركية الشنيعة التي ترتقي لمستوى إرهاب دولة منظم.
الأمم المتحدة ومنظماتها يتوجب عليهم التدخل فوراً لحماية السوريين الواقعين تحت نير الاحتلال التركي، فهذا الاستغلال الأردوغاني يعتبر إتجاراً بالبشر واستغلالا للقاصرين، وتعدياً سافراً على حقوق وحياة أناس هربوا من جحيم الحرب في بلدهم، ليقعوا ضحية ديكتاتور يهوى سفك دماء الأبرياء في أماكن مختلفة من العالم.
فالسوريون في تركيا بعهد أردوغان يسامون سوء العذاب، والارتزاق العسكري وإن كان جريمة موصوفة في القانون الدولي، إلا أن العقوبة الأشد حوله ترتبط بالطرف الذي يجند ويمول، والطرف التركي هنا متورط وتورطه موثق بشكل لايدعو للشك، وعلى المجتمع الدولي أن يخلق آلية موحدة وسريعة لوقف عمليات مقايضة فقر السوريين ونكبتهم، من خلال تسفيرهم إلى مناطق الصراع بتخطيط وتنفيذ مباشر من الدولة التركية.
وما يسمى بالائتلاف الوطني السوري وحكومته الإخوانية المؤقتة في شمال سوريا، الواقع تحت السيطرة التركية يعتبران مشاركان في التحضير و التأطير لما بات يسمى وظيفة مرتزق، ويجب أن تلاحق هؤلاء القادة لهذه الأجسام السياسية الإخوانية عقوبات دولية وعربية مثل منع دخول دول وتجميد أرصدة مالية، لأنهم أدوات أردوغان في إقناع أو إجبار سوريين كثر على الالتحاق بمعسكرات المرتزقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة