زيتون سوريا يزهر في كردستان العراق.. و"شيخو" يحتفل
كردي سوري يروي حكايته الناجحة عن نقل أشجار الزيتون من مسقط رأسه عفرين عام 2017 إلى كردستان العراق.. وهذه هي النتيجة
يفتخر سليمان شيخو وهو رجل أعمال كردي يتحدر من سوريا، بفتح مشروع لإنتاج زيت الزيتون من أشجار جاء بها من بلدته عفرين لتثمر اليوم على أرض إقليم كردستان العراق.
وبجهود هذا الرجل تغطي تلال إقليم كردستان الآن عشرات الآلاف أشجار الزيتون التي تمتد جذورها في أرض جديدة بعد نقلها من حقول في سوريا المجاورة.
ويقول شيخو (58 عاما) الذي بدأ بنقل أشجار الزيتون من مسقط رأسه عفرين عام 2017 إلى كردستان العراق، لوكالة الأنباء الفرنسية "هذا العام كان عام خير".
وأضاف وهو يشير إلى أشجار زيتون ترسم خطوطا طويلة نحو الأفق "في هذه المزرعة عندي 42 ألف شجرة زيتون كلها جلبتها في عامها الثالث، من عفرين"، الواقعة في شمال غرب سوريا.
لكن مهمة شيخو أصبحت معقدة بعدما سيطرت القوات التركية وفصائل سورية موالية لها على عفرين، بداية عام 2018.
وللمفارقات أطلق اسم "غصن الزيتون" على تلك العملية التي أدت لنزوح عشرات الآلاف من سكان عفرين، الكثير منهم كانوا يعملون منذ عقود في إنتاج زيت الزيتون في ظل مناخ بلدتهم المعتدل.
ويملك شيخو الذي يعد من الجيل الرابع بين مزارعي الزيتون في عفرين، أربعة آلاف شجرة عمرها أكثر من قرن. ودفع ذلك رجل الأعمال هذا الذي كان يرأس اتحاد عفرين لإنتاج الزيتون، للعمل بإنتاج زيت الزيتون.
وتولى شيخو نقل بعض أشجاره بطريقة رسمية وهرب أخرى عبر الحدود المشتركة بين البلدين وتسيطر عليها سلطات كردية مستقلة على الجانبين.
ورغم بيع كثير من تلك الأشجار لفلاحين من مناطق متفرقة في إقليم كردستان، ترتفع أخرى الآن بعدما أعاد زراعتها في بستانه الذي يمتد بين منازل صيفية فاخرة قرب مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان.
ويعد الزيتون جزءا رئيسيا على مائدة الطعام في بلاد الشام، كما يستخدم زيت الزيتون في الطبخ ومع المقبلات بينها الحمص المعروف.
كما يستخدم الزيتون الخام المتبقي من عمليات إنتاج الزيت، لصناعة قطع صابون نباتي مميز.
أرض خصبة
تعتبر شجرة الزيتون في العراق والمنطقة كما هي النخلة، مباركة ويفضل زراعتها في المنازل.
لكن الحرارة المرتفعة ووجود مساحات صحراوية واسعة في العراق تقلص وبشكل كبير من زراعة أشجار الزيتون، ما دفع أهل العراق منذ زمن بعيد الى استيراد زيت الزيتون من لبنان أو سوريا وتركيا. لكن ثمنه بالتأكيد مرتفع، ولتغيير هذه المعادلة كان لا بد من تحقيق إنتاج محلي.
من جانبه، يشعر شيخو براحة كبيرة لأن الأرض التي يزرعها قرب أربيل، خَصبة مثل التي في مسقط رأسه، مع الفارق في درجات الحرارة التي ترتفع أكثر، ما يتطلب وجود أنظمة ري أكثر فاعلية.
وتجنى محاصيل الزيتون مرتين كل العام، في شباط/فبراير وتشرين الثاني/نوفمبر.
وبنى شيخو المولع بشجرة الزيتون، معصرة يتم فيها فصل الزيتون عن الأغصان والأوراق ثم يحفر، بعدها تُعصر الحبات للحصول على زيت كثيف تفوح منه رائحة مميزة.
كان شيخو يرتدي سترة رصاصية ويتذوق جودة الزيت الكثيف اللزج قبل تعبئته في قناني بلاستيكية.
وقال شيخو بفخر واضح "أنتج 23 كيلوجراما من زيت الزيتون من كل مئة كيلوجرام من حبات الزيتون".
إنتاج زيت الزيتون كان محدودا في العراق لكنه بدأ بالازدهار بعد توافد نازحين سوريين هربا من الحرب التي اندلعت في بلادهم منذ حوالي عشر سنوات، وبعد انطلاق مشروع شيخو.
وفي عام 2008 ، لم يكن في الإقليم سوى نحو 169 ألف شجرة زيتون وفقا لوزارة الزراعة في حكومة إقليم كردستان.
لكن بعدما استثمرت الوزارة حوالي 23 مليون دولار في عمليات لاستيراد وزراعة هذه الشجرة ارتفع عددها ليصل اليوم إلى حوالى أربعة ملايين شجرة زيتون في الإقليم وفقا لتقديرات حكومة كردستان العراق.
كما يوجد الآن ست معاصر زيتون أغلب العاملين فيها أكراد من بلدة عفرين السورية.
ويرى شيخو أن الأرض التي يزرعها حاليا ستكون أكثر انتاجاً في المستقبل. وأوضح متحدثا أن المزارعين "هنا لديهم أفكار عظيمة وطموحون جداً".
وأضاف "بالعمل الجاد وخبرة مزارعي عفرين، سيخلقون مستقبلاً مشرقاً جداً للعمل في الزيتون".