في وقت كانت تتجه فيه الأنظار للرياض لمواكبة اجتماع المعارضة السّورية، ثمّة من كان يراهن على فشله في تشكيل وفد موحّد إلى جنيف
في الوقت الذي كانت تتجه فيه الأنظار إلى العاصمة السّعودية الرياض لمواكبة اجتماع المعارضة السّورية هناك، ثمّة من كان يراهن على فشل هذا المؤتمر السّاعي لتشكيل وفد موحّد إلى مفاوضات جنيف في الثامن والعشرين من الشهر الحالي كما أعلن المبعوث الأممي إلى سورية سيتفان دي ميستورا .
بالفعل كاد المؤتمر الجامع لأطياف المعارضة أن يكون قاب قوسين أو أدنى من الفشل لولا تدخل الدبلوماسية السعودية متمثلة بوزير الخارجية عادل الجبير وما يملكه الرجل من خبرة وحنكة سياسية؛ مكنتاه على مدار ثلاثين ساعة وفريقه من جمع الأطراف والاتفاق على بيان موحّد، رغم تحفّظ منصّة موسكو على البند المتعلق بمصير الأسد.
في الشكل، لاتبدو الخلافات ظاهرة بين المتحاورين عقب تلاوة البيان، ولعلّ المشهد الجامع مابين بسمة قضماني التي وصفها أحد المشاركين بـ"دينمو" هذا الاجتماع وفراس الخالدي رئيس منصة القاهرة إشارة واضحة إلى أنّ اختلاف وجهات النظر لم يعرقل مطلقاً صدور بيان ختامي واحد.
بعد أن اختتمت المعارضة اجتماعاتها وصدّرت بيانها للعالم ثمة سؤال لابدّ من طرحه.. هل استطاعت المعارضة إرضاء جمهورها والحفاظ على مايصطلح تسميته صقورها الذين استقالوا قبل بدء الاجتماع الأخير بمبادئ الثورة، وأيُّ مكتسبات جديدة حصلت عليها مقارنة ببيان الرياض واحد؟.
اللافت أنّه لافوارق كثيرة بين البيانين، ولكن ثلاث نقاط مهمة حصدتها المعارضة باجتماعها هذا.
كاد المؤتمر الجامع لأطياف المعارضة أن يكون قاب قوسين أو أدنى من الفشل لولا تدخل الدبلوماسية السعودية متمثلة بوزير الخارجية عادل الجبير، وما يملكه الرجل من خبرة وحنكة سياسية مكنتاه على مدار 30 ساعة وفريقه من جمع الأطراف والاتفاق على بيان موحّد، رغم تحفّظ منصّة موسكو على البند المتّعلق بمصير الأسد
الأولى توحيد أطيافها فما عاد مبررا الحديث عن منصّات ثلاث ومعارضة متشظية مايعزّز موقفها التفاوضي، ويدحض بالضرورة حجة النظام بعدم الجلوس على طاولة واحدة وجها لوجه مع المعارضة بسبب وجود أكثر من منصّة كما كان يقول في المّرات السابقة.
الثانية الدعم الدّولي الذي لم تكن تحظى به المعارضة في شكلها السابق، وهذا ما انعكس ترحيبا أممّيا بالبيان الذي يكرّس أكثر دور الرياض في صياغة الحلول المرتقبة للأزمة السّورية رغم عدم مشاركتها باجتماعات أستانا.
أما النقطة الثالثة فتكمن بقّوة الوفد المفاوض من ناحية التمثيل لأطياف المعارضة برئاسة نصر الحريري ممثلا للائتلاف واختيار أربعة نواب له هم على التوالي جمال سليمان عن منصّة القاهرة وعلاء عرفات ممثلا لمنصة موسكو وخالد المحاميد عن المستقلين، أما النائب الرابع فهي هنادي أبو يعرب ممثلة المرأة السورية.
نذكر أنّ الشكل الجديد للوفد لم يكن كذلك في المؤتمرات الماضية إذ كان الائتلاف يحتكر التمثيل (انظر الأسماء المفاوضة خلال مؤتمرات جنيف السابقة) .
هذا عن معيار الربح فما الذي خسرته المعارضة من هذا الاجتماع؟، في الواقع لاخسائر تكبدتها المعارضة بمؤتمرها الأخير، فهي استطاعت من خلال توحيد صفوفها الخروج بنتائج أفضل عما حصلت عليه في الماضي، مقارنة بالوضع الدولي المطالب إيّاها بما بات يٌعرف بالواقعية السياسية، ناهيك عن الوضع العسكري على الأرض والذي لم يعد في صالحها، إذ تشير المعلومات التي يوردها المرصد السوري لحقوق الإنسان بين حين وآخر إلى أنّ 80% من الأرض السورية باتت تحت سيطرة النظام، وهذا مايجد فيه الأخير نقطة قوة في مفاوضاته المقبلة.
في واقع الحال نستطيع القول إن المعارضة لم تتنازل عن مطلبها الداعي لـرحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة، وهذا ما أشار إليه بيانها وإنْ بطريقة مختلفة هذه المرة تجنبا لأيّ حرج من الأمّم المتحدة التي تكرّر دائما أنّ المفاوضات التي ترعاها لابدّ أنْ تكون من دون شروط مسبقة، لذا ذكرت في ختام اجتماعها أنّ سقف تفاوضها هو رحيل الأسد عن السلطة، وأنّها قادرة على إقناع المجتمع الدولي بوجهة نظرها، فهل سيكون لها ذلك؟ المؤشرات توحي بعكس ذلك تماما خاصة فيما يتعلق بمصير الأسد الذي بات الغرب يطالب المعارضة بإسقاطه عبر الإنتخابات فحسب.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة