لا أحد منا يسلم من فقد الأحبة، فالموت كأس نتجرّعه رغم مرارته، لكن الحياة تستمر وتظل ذكرى الذين فقدناهم تتوهج حينا وتخبو أحايين.
لا أحد منا يسلم من فقد الأحبة، فالموت كأس نتجرّعه رغم مرارته، لكن الحياة تستمر وتظل ذكرى الذين فقدناهم تتوهج حينا وتخبو أحايين.
أمام يد الغدر التي أطلت بالأمس القريب من أكمام الإرهاب البغيض على مسجد في عريش مصر، فأزهقت أرواح أناس أبرياء، قررت أن أترك جزءاً من مألوف الكتابة لأقلام أخرى، وأستحضر في المقدمة، تلك الأم الثكلى، لأقول لها ما رددناه لأمهات فلسطين وهنَ يودعن أبناءهن: "زغردي يا أم الشهيد وزغردي، زيّني فخر الأصايل بالوداع، وازرعي الحنّا على الصدر النجيل، واربطي العصبة على كل الوجع، واشعلي سراجك عالعالي ورددي: ظلم الليالي والظالم لازم يزول..واهتفي أحلى نشيد، لم يمت من مات لله وللوطن الحبيب".
نعم.. هؤلاء الشهداء الذين اعتلوا صهوة المجد وانطلقوا إلى العلا من بيت الله؛ حيث فروا إليه من الحياة الدنيا لاجئين إليه مبتهلين بالدعاء، متضرعين بالصلاة أن يخلصهم من داء الإرهاب الذي عاث دماراً ونثر دماءً في أرض الكنانة مصر.
عمل جبان وإن دلّ على شيء إنما يدل على يأس منفذيه أيا كانوا، تنظيمات أم أجهزة مخابرات دول أرادت النَيْل من عمود البيت العربي "مصر" التي لقَنت الإرهاب دروساً في رحى المعارك من واحاتها لصحرائها لجبالها، وامتطت قواتها صهوة زماننا الزائف لتصنع للأمة أمجاداً ستحفرها ذاكرة أجيالنا، واقتحمت ليلنا الحالك لتمضي نحو نور الصباح تنثر في قلوبنا الأمن والسلام.
هذا الإرهاب المقيت لم يرحم قدسية بيت الله ولا دماء أبرياء عادوا على الأكتاف شهداء تنحني لهم هاماتنا إجلالا وإكراما وإكبارا، في محاولة يائسة لفئة تجرّدت من كل صنوف الإنسانية ومن أي وزاع ديني يردعها، وفقدت بوصلة الرحمة والعقل، فأقدمت على تنفيذ عمليتها الخسيسة دون تفرقة بين مسلم ومسيحي، عسكري ومدني، لتثبت أنهم هم الطائفة التي لا دين لها ولا إسلام، طائفة معروفة بأعمالها الخبيثة ومعتقداتها الفاسدة، جنَدت نفسها لتكون أداة غدر وخيانة في يد أعداء الأمة لغرزها في خاصرتها، وهي لا تدري أنها خابت وخاب مسعاها، فها هو الشعب المصري، مسلمين ومسيحيين، ومن حولهم من شعوب المنطقة، تخندقوا وراء قياداتهم وأمتهم، وازدادوا تلاحما وتقاربا في وجه هذا العدوان الآثم.
عمل جبان وإن دلّ على شيء إنما يدل على يأس منفذيه أيا كانوا، تنظيمات أم أجهزة مخابرات دول أرادت النَيْل من عمود البيت العربي "مصر" التي لقَنت الإرهاب دروسا في رحى المعارك من واحاتها لصحرائها لجبالها، وامتطت قواتها صهوة زماننا الزائف لتصنع للأمة أمجادا ستحفرها ذاكرة أجيالنا، واقتحمت ليلنا الحالك لتمضي نحو نور الصباح تنثر في قلوبنا الأمن والسلام.
جريمة جبناء تنم عن أهل غدر وخيانة، وتُترجم إفلاس التنظيمات الإرهابية ومن يقفون وراءها بالمال والسلاح، فها هي الضربة تلو الأخرى التي تدك معاقلهم الأيدولوجية والفكرية، وحتى خرائطهم المالية، في شامنا وعراقنا ويمننا ولبناننا وخليجنا العربي.
ولعل الضربة القاسية هي تلك التي تابعناها بالأمس القريب وعشية الهجوم على مسجد بئر العبد بمدينة العريش، حين أعلنت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية، الإمارات، مصر، البحرين) عن قائمة جديدة ثالثة للإرهاب تضم كيانين و11 شخصا، في مقدمتهم "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" الذي يرأسه بوق الفكر المتطرف يوسف القرضاوي، خادم "تنظيم الحمدين" في قطر ومن والاه من الجماعات المتطرفة.
قائمةٌ أصابت القائمين على مصانع الإرهاب بالجنون وأفقدتهم التوازن، فخرجوا من جحورهم كالفئران في وضح النهار، يفسدون في الأرض ويهددون الأمن والأمان والاستقرار في ديار المسلمين، فسوَل لهم شيطانهم باستهداف بيوت الله من المساجد، وجعلها هدفاً لها لقتل المصلين الآمنين المطمئنين.
وفي نهاية المقام يستحضرني قول شيخ مصر الجليل رحمة الله عليه، محمد متولي الشعراوي "يجب علينا أن ننتبه إلى ما يُراد بنا من كيد وما يُراد بنا من شر، فأروني في مصر، مصر الكنانة، مصر التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أهلها في رباط إلى يوم القيامة".
"من يقول عن مصر إنها أمّة كافرة، إذاً فمن المسلمون؟ ،من المؤمنون؟، مصر التي صدّرت علم الإسلام إلى الدنيا كلها، صدّرته حتى إلى البلد الذي نزل فيه الإسلام، هي التي صدَرت لعلماء الدنيا كلها الإسلام".
"فانظروا إلى التاريخ، من الذي ردّ همجية التتار؟ إنها مصر، من الذي ردّ هجوم الصليبين عن الإسلام والمسلمين؟ إنها مصر، وستظل مصر رغم أنف كل حاقد أو حاسد أو مستغِل أو مستغَل أو مدفوع من خصوم الإسلام، إنها مصر وستظل دائما".
ومن شاعرنا الراحل محمود درويش أيضاً لشهداء الروضة أقول:
عندما يذهب الشهداء إلى النوم أصحو
وأحرسهم من هواة الرِّثاء
أقول لهم
تُصبحون على وطن
من سحابٍ ومن شجرٍ.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة