6 تساؤلات حول الإرهاب يثيرها هجوم الروضة بمصر
تساؤلات تتعلق بنوعية الهجمات، والأهداف المقبلة، ومسألة التأمين، ومن يقف وراء الهجوم، والتوقيت، ودور جماعة الإخوان الإرهابية.
"اعلموا أنكم عندنا مشركون كفار، وأن دماءكم عندنا مهدرة، ولكننا ندعوكم ونستتيبكم ونرجو لكم الإسلام والهداية".. بهذه العبارة هدد الإرهابيون السكان بإحدى قرى شمال سيناء المصرية في ديسمبر/كانون أول الماضي، قبل أن ينفذوا ضدهم جريمتهم أمس الجمعة.
وأثاروا بهذا الهجوم مجموعة من التساؤلات بشأن ما وصفه خبراء لـ"بوابة العين" الإخبارية "تحولا نوعيا للجماعات الإرهابية في مصر".
ففي وقت سابق أمس الجمعة نفذ إرهابيون هجوما ضد المصلين بمسجد الروضة في منطقة بئر العبد بمحافظة شمال سيناء المصرية، ما أسفر عن استشهاد 305 أشخاص، بينهم 27 طفلا حسب آخر إحصائية رسمية.
وركز 4 خبراء -اثنان منهما متخصصان في شؤون الإرهاب، استطلعت "بوابة العين" الإخبارية آراءهم- على 3 محاور رئيسية طرحها هجوم الروضة الإرهابي؛ وهي ملابسات الهجوم، ودلالاته، وأهدافه.
وخلص الخبراء إلى 6 تساؤلات بشأن الإرهاب يطرحها الهجوم الأخير، تتلخص في المقصود من توقيت الهجوم؟ ومن يقف وراءه؟ ودور جماعة الإخوان الإرهابية والحركات المسلحة المتفرعة منها في التحول النوعي في تنفيذ الهجمات بمصر؟ ودلالات استهداف أول مسجد خلال الصلاة بمصر؟ وكيفية مواجهة معضلة تأمين التجمعات؟
ولم يستبعد الخبراء بداية وقوع هجمات تحمل التكتيك نفسه من حيث استهداف التجمعات دون النظر لطبيعتها، سواء كانت دينية أم اجتماعية، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن منفذي هجوم مسجد الروضة بمدينة بئر العبد بشمال سيناء يتبنون الفكر الإخواني القطبي الذي يعتمد العنف كمنهج، ما أدى بهم إلى هذا التحول في تكفير الآخر حتى لو كان مسلما.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي وجه أحد القيادات الداعشية بشمال سيناء تهديدا صريحا لأتباع الطرق الصوفية من طائفتي الجريرية والأحمدية، عبر حوار نشرته صحيفة "النبأ" الصادرة عن التنظيم الإرهابي، قال فيه إن "زوايا هذه الطوائف التي وصفها بالشركية ستكون أهدافا لمن أسماهم لجنود الخلافة متى تمكنوا من ذلك بالجهاد"، حسب ادعائه.
توقيت مقصود
ونفذ الإرهابيون تهديداتهم بعد نحو عام من إطلاقها، في توقيت وصفه أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية (خاصة) طارق فهمي لـ"بوابة العين" الإخبارية بأنه مقصود، ومرتبط بما جرى على الساحة السياسية خلال الأيام الأخيرة.
وأوضح فهمي قصده بقوله: يجب وضع التربيطات جنبا إلى جنب، فهناك 3 أحداث سبقت الهجوم، أولها إصدار القاهرة مع الدول المقاطعة لقطر قائمة جديدة للكيانات والأسماء الإرهابية، وكشف جهاز المخابرات المصرية شبكة أخبار إخوانية تعمل لصالح تركيا، وأخيرا ما جرى في نتائج التحقيقات في حادث الواحات بالصحراء الغربية وإظهار أحد المتهمين في وسائل الإعلام المصرية.
واستطرد الخبير السياسي المصري: هذا لا يعني أننا لسنا أمام جماعة ترتب وتخطط مسبقا لكنها تفعل وتختار هدفها بعناية، وتبدأ التنفيذ بتوقيت له دلالاته.
وألمح فهمي إلى هذه الدلالة قائلا: في بداية عصر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بدأت الأحداث باستهداف كنائس وتجمعات جماهيرية وإلقاء قنابل عشوائية، ومع انتهاء الولاية يتكرر السيناريو بصورة أو أخرى، بالتزامن مع الضربات الموجعة للإرهاب.
تحول نوعي
ومن جانبه يقول الخبير في الحركات الإسلامية والمنشق عن جماعة الإخوان الإرهابية خالد الزعفراني لـ"بوابة العين" الإخبارية: إن هذا التحول يظهر في استهداف أول مسجد خلال الصلاة بمصر، مشيرا إلى أن هذا التحول النوعي مبعثه أفكار الإخواني سيد قطب، الذي كان يتبنى الفكر التكفيري في مواجهة المجتمع وهو أساس فكر داعش.
واعتبر طارق فهمي الانتقال من الكنائس إلى المساجد مؤشرا على بداية الدخول في مواجهات صفرية، حيث أصبح من غير المستبعد استهداف مناطق التجمعات ذات الأعداد الكبيرة مثل الجامعات أو المدارس أو حتى الأسواق، وعدم قصر الهجمات على أفراد الشرطة والجيش والمسيحيين.
حماية الإخوان
ورغم اتفاق الخبير الأمني اللواء رفعت عبدالحميد مع الزعفراني وفهمي في مسألة التحول النوعي لهجمات الإرهابيين بمصر، غير أنه اختلف مع فهمي بشأن تبعات هذا التحول بقوله: صحيح نتوقع استهداف التجمعات، لكن في رأيي سيستمر الإرهابيون في اختيار ضحاياهم، فحينما ضربوا المسجد أمس كانوا على يقين بأنه ليس هناك تجمعات إخوانية داخله.. وهذا خطير.
وأضاف الخبير الأمني: "لذا أستبعد استهداف أماكن مثل مترو الأنفاق أو المدارس أو حتى الأسواق، وإن اضطروا سيختارون هدفا لا يتواجد شركاؤهم من الإخوان فيه".
معضلة التأمين
واتفق الخبراء على أن تأمين التجمعات لا سيما الدينية والاجتماعية أمر غير منطقي، معتبرين الحل ليس أمنيا فحسب، لا سيما مع صعوبة تأمين أماكن عامة مثل الجامعات والمدارس والأسواق وكذلك المساجد وزوايا الصلاة التي يقدر عددها بالآلاف في جميع أرجاء البلاد.
من جانبه، قال فهمي: "لا مجال أن نقول أين الأمن ليقوم بدوره هذه المرة، لأنه من غير الواقعي أن تتواجد قوات الأمن داخل المحاضرات والحصص ومحلات الأسواق".
وتابع أنه "حتى مع وجود الأمن فإن سيناريوهات إلقاء قنابل عشوائية في أي مكان عام أمر ليس مستبعدا، سواء من خلف سور جامعة أو بواسطة أحد الركاب في وسائل المواصلات.. وهنا تكمن الخطورة".
تلك الخطورة قال عنها الخبير الأردني المتخصص في شؤون الإرهاب حسن أبوهنية لـ"بوابة العين" الإخبارية إنها تشكل تحديا كبيرا للأمن والجيش المصري، فرغم الحملات والضربات الاستباقية خلال السنوات الأخيرة لا تزال التنظيمات الإرهابية في سيناء نشطة وتحاول الانتقال من تكتيك إلى آخر أكثر عنفا وانتشارا.
أبوهنية اعتبر المرحلة الحالية -التي وصفها بنقطة تحول في نهج الإرهابيين- تتطلب تبني الدولة المصرية تكتيكات مكافحة الإرهاب المتمثلة في محاولة كسب حاضنة اجتماعية وعملا استخباراتيا أكثر عمقا.
وعمن يقف وراء الهجوم صنف أبوهنية الجماعات الإرهابية في شمال سيناء إلى 3 أقسام، الأول هم أتباع تنظيم داعش تحت مسمى "ولاية سيناء"، أما الثاني فهي الحركات التي تدور في فلك القاعدة ومنهم جماعات "المرابطين"، "أجناد مصر"، و"جند الإسلام" وغيرها، والثالث هي الحركات الإخوانية الإرهابية مثل "حسم" و"العقاب الثوري" وغيرهما.
وطرح أبوهنية احتمالين لهوية المنفذين، فهم إما من الدواعش، وهذا يعني تبنيهم مرحلة أكثر دموية، وإما أن يكون المنفذون مجموعة من المنشقين عن تنظيم داعش تبنوا التحول استنادا على الأفكار الإخوانية التكفيرية ونفذوا الهجوم بحق مصلين.
واعتبر أبوهنية تراجع التنظيم في العراق وسوريا أثر كثيرا على تكتيكاته، فدفعه إلى إعادة العمل بشكل حرب عصابات، بعدما فقد سيطرته مكانيا، ما يفسر تفرغ عناصره للهجمات الانتقامية.
ومخالفا الرأي في مسألة وجود احتمالية الانشقاق داخل ولاية سيناء المبايعة لتنظيم داعش الإرهابي، رأى الزعفراني احتمالية واحدة وهي أن المنفذين ليسوا عناصر محلية داخل التنظيم أو منشقة عنه فحسب، ولكن أسلوب التنفيذ يشير الى أن دواعش سوريا والعراق وليبيا هم من وجهوا العناصر المحلية، وربما نفذوا معهم الهجوم على غرار حادثة الواحات، لا سيما أن أسلوب التنفيذ واحد، مستدلا على ذلك بمقتل الشيخ البارز محمد البوطي في دمشق والهجمات على مساجد الشيعة في العراق.
aXA6IDMuMjMuOTIuNjQg جزيرة ام اند امز