الشاعر السوري مروان علي: دعوت الجميع لأن يكونوا أكرادا ولو بالقراءة
"العين الإخبارية" تجري حوارا مع الشاعر السوري مروان علي حول كتابه الصادر حديثا "كيف تصبح كرديا في خمسة أيام؟"
طريق طويل يحفظ خُطى الشاعر السوري مروان علي، الذي لم يتخفف من هويته الكردية على نهر طريقه الذي عبر بمدينة القامشلي مرورا بالحسكة والرقة ودير الزور وحلب وصحراء تدمر إلى أوروبا، ومع كل خطوة يحمل في قلبه مدينته "كرصور" أينما حل وكتب.
في كتابه الصادر حديثا "كيف تصبح كرديا في خمسة أيام؟"، الصادر عن دار المتوسط-إيطاليا، ودار السويدي-الإمارات العربية المتحدة، للنشر، لم يتسع جنس أدبي واحد لذاكرة مروان علي، فأتاح بالشعر والنثر واليوميات فرصة لتنفس البيوت الطينية، والسيارات الشيفروليه القديمة، أصوات الرعاة، الشاي الثقيل، القمح، والفلاحين، كما جعل لنفسه هامشا للتنفيس عن ألم ذكريات الحرب، وحُجب الجبال، وآثار القصف.
في الكتاب ستمر على يوميات مروان علي منذ أن كان طفلا يذهب للمدرسة، تشغله الموسيقى، ونبوءات أبيه عن الحرية، رحلة قادها صاحب الكتاب في 5 أيام وكأنه يمنح قارئه تجربة تخيلية للعيش كمواطن كردي ولو لـ5 أيام فقط.
"العين الإخبارية" أجرت هذا الحوار مع الشاعر السوري مروان علي للحديث عن كتابه الجديد "كيف تصبح كرديا في خمسة أيام؟".. فإلى نص الحوار:
ما قصة عنوان الكتاب واختياره الفانتازي؟
أحب العناوين المختلفة غير المكررة، ويلاحظ القارئ ذلك من خلال كتبي التي صدرت حتى الآن، علاقتي بالعنوان مثل علاقتي بالنص، أحاول تقديم نص مختلف للقارئ كذلك أبحث دائما عن عنوان مختلف.
باختصار (كيف تصبح كرديا في خمسة أيام؟) دعوة للجميع كي يكون كرديا خلال القراءة على الأقل، ويشعر بالألم الذي يعانيه الكردي، ويقف مع حقه في الحرية وحقه أن يغني أغانيه ويرقص ويرسم حدود بلاده دون خوف من أحد.
في الكتاب تجدد انحيازك للبيوت، القمح، القرية، الفلاحين، الشاي الثقيل، لماذا تبقى ذاكرة "كرصور" مهد إلهامك الأول رغم إقامتك في أوروبا منذ سنوات طويلة؟
كرصور كلها معي، بيوتها وناسها وحجارتها وطيورها وهضابها وأسراب القطا في سمائها، حتى الآن بعد أكثر من عقدين في أوروبا أحلم أن أستيقظ كل صباح على صوت أمي: مروان خذ قطيع الخراف إلى هضاب خربه غزال وتمويا.
قدمت دواوين شعرية وسيرة روائية من قبل، حدثنا عن تجربتك الجديدة في الجمع بين النصوص النثرية واليوميات والشعر في كتاب واحد؟
حاولت الجمع بين الشعر والنثر والشعر، وأرى أنه لا يمكن الفصل بين الأجناس الأدبية، هناك شعر في المسرح وفي السينما، وحتى حين ننظر نحو النوافذ والبيوت البعيدة وفي الرواية والقصة أيضا، القارئ يبحث عن النص المختلف الذي يقدم له الجديد ولا يهمه الاسم طبعا.
جعلت من الأغاني والموسيقى الكردية خلفية للهوية المتروكة عمدا أو قسرا، وتبحث لنفسها عن فرص للتنفس.. ماذا تعني لك أغاني محمد شيخو وقصائد جكرخوين وغيرها؟
كبرت على هذه الأغاني التي تمثل لي ولكل أبناء جيلي الذين استمعوا إلى هذه الأغاني سرا، الخطوة الأولى نحو الحرية، أحب الأسماء الكردية الممنوعة والأغاني الكردية الممنوعة والكتب الكردية الممنوعة والقصائد الكردية الممنوعة (قصائد جوكر خوين) والأحلام الكردية الممنوعة، والبلاد الكردية الممنوعة والأعلام الكردية الممنوعة، كادوا أن يمنعوا عنا الهواء، لذلك حين أكتب عنها أكتب وأغني وأبكي، وأنا أتذكر محمد شيخو الذي كان يغني سرا ويسير بين القرى ليلا متنقلا من بيت إلى بيت.
في الكتاب ثمة حوار تأملي أو جدلي بين ثيمات متناقضة كالغني والفقر، الهوية والغربة، السلم والحرب، القرية والمدينة، هل هذه محاولة للتوقف وفهم ما عبرت به من أسفار في الزمان والمكان؟
بالتأكيد، وهي جزء من حياتنا في الشمال الكردي السوري، كنّا نمر قرب البيوت الجديدة والعالية في طريقنا إلى المدرسة، كنت أقارن بين بيوتنا الطينية ونوافذها الخشبية وبين تلك البيوت الأسمنتية ونوافذها الحديدية، كل تلك المتناقضات جزء من حياتنا هناك، الطريق طويلة نحو الحرية عادة.
ماذا أضافت الغربة والإقامة في أوروبا إلى مشروعك في الكتابة؟
قرأت كثيرا خصوصا باللغات الأصلية مثلا الألمانية والهولندية، ووفرت لي الحياة هنا الوقت للقراءة والكتابة، وتعلمت أن أحترم حق الاختلاف، وأن أحب سوريا كثيرا.
سبق أن ترجمت الرواية والشعر من الكردية إلى العربية، برأيك هل استطاعت حركة الترجمة الإضاءة على الأعمال الأدبية الكردية التي يقف بيننا وبينها حاجز اللغة أم أن هذه الحركة ما زالت ضعيفة؟
حركة الترجمة من الكردية إلى العربية ازدهرت في السنوات الأخيرة، وبات القارئ يعرف الكثير عن الأدب الكردي، وهنا اسمحي لي أن أشكر مشروع "كلمة" في أبوظبي، الذي كان سباقا في تقديم الأدب الكردي إلى القارئ العربي.
وشخصيا أعول كثيرا على الترجمة لأنها جسر بين الثقافات، وعلى وزارات الثقافة والمؤسسات الثقافية في العالم العربي تشجيع المترجمين على نقل الأدب الكردي إلى اللغة العربية، وينبغي على الأدباء الكرد المساهمة بقوة في هذه الحركة ودعمها.
إلى جانب الكتابة والترجمة، حدثنا عن الجانب الآخر عن عملك كسائق تراكتور، وعتال في صوامع الحبوب، إلى أي مدى أثرى هذا الجانب مشروعك في الشعر والكتابة؟
عملت في مهن كثيرة، عامل في مطعم، ميكانيكي لتصليح السيارات، سائق جرار زراعي ماركة فورد، خياط في مصلحة زراعية، وسائق حصادة جوندير، وعتال في صوامع الحبوب في القامشلي، وتعلمت من الحياة ومن السائقين ومن العتالين والمهمشين أكثر مما تعلمت من الكتب، ما أكتبه حتى الآن بفضل هؤلاء، لذلك أنا أكتب عن هؤلاء ولهم.
aXA6IDMuMjMuMTAzLjIxNiA= جزيرة ام اند امز