الروائية نجوى بركات لـ"العين الإخبارية": الجوائز تضيف الكثير للكاتب
الكاتبة اللبنانية نجوى بركات أطلقت مشروعها "محترف نجوى بركات.. كيف تكتب رواية؟" لتقدم دروسا للأدباء الشباب في الكتابة الروائية عام 2009
لا تتعامل الكاتبة اللبنانية نجوى بركات مع الكتابة وفق شروط محددة، حيث لا تحصر نفسها داخل قالب كتابة واحد, فكتبت الرواية واشتغلت بالترجمة، وعالجت نصوصاً درامية، وكتبت السيناريو، فضلًا عن دراستها للمسرح.
ومنذ عام 2009، أطلقت نجوى بركات مشروعها "محترف نجوى بركات.. كيف تكتب رواية؟" لتقدم دروسا للأدباء الشباب في الكتابة الروائية، وأنتجت الورشة حتى الآن 23 رواية، نشرت في أهم دور النشر العربية مثل الساقي، والفارابي، والعين.
وعن الجوائز الأدبية تؤكد الكاتبة اللبنانية أنها تضيف الكثير للكاتب، حيث إنها في أسوأ الأحوال تعرّف القراء على كاتب لم يكونوا يعرفون عنه بالضرورة.
في حوارها لـ"العين الإخبارية" تحدثت نجوى بركات عن الإنتاج المسرحي واشتغالها بالترجمة، وورشة المحترف، وروايتها الجديدة.. فإلى نص الحوار:
- برأيك ما سبب ندرة النصوص المسرحية المنشورة في الأدب العربي؟
سؤالك من الأسئلة الصعبة التي يستحيل الرد عليها في مقابلة صحفية، صحيح أن المسرح العربي عامة يشكو من نقص النصوص المحلية وسعى إلى ملء هذا النقص، إما بالارتجال، أي بالعمل مع فرق مسرحية ثابتة يرتجل أعضاؤها نصوصهم من خلال التجريب والكتابة الجماعية، وإما من خلال تعريب نصوص مسرحية عالمية كلاسيكية وعصرية، ومحاولة تكييفها مع الواقع المحلّي حيث تؤدّى، وفي الحالتين بقيت تلك حلولا محدودة لم تحلّ أزمة غياب النص المسرحي عربيا، وبتقديري فالكتابة المسرحية كأي كتابة أخرى، تحتاج إلى مساحة من حرية التعبير لا يتيحها الفضاء العربي دوما، أضف إلى ذلك أن مجتمعاتنا ما زالت لم تشهد انبثاقا فعليا للفرد أو للمواطن بالمعنى الحديث للكلمة، وخارج هذا الوجود الفردي لا أرى إمكانية فعلية لوجود الشخصية المسرحية التي هي أحد شروط توافر نصّ مسرحي، فكيف لك أن تحكي عن معاناة شخصية بعمق، في مجتمع ما زال الفرد فيه مرتبطا بالجماعة، يعيش تحت مظلتها ويأتمر بإمرتها.
- تعملين بالترجمة إلى جانب الكتابة الأدبية.. كيف أفادك عملك كمترجمة فيما يخص الكتابة الإبداعية؟
أنا لا أعتبر نفسي مترجمة، لقد خضت بعض التجارب المتفرّقة هنا وهناك، وأكثرها أهمية كانت ترجمة دفاتر ألبير كامو الـ3 ضمن مشروع "كلمة"، والتي صدرت عن دار الآداب في 3 أجزاء تحت مسمّى مفكرة كامو.
وأستغل هذه المناسبة لأحيي مبادرات الترجمة والمترجمين، حيث إنهم جسور الربط بين ثقافة وأخرى، وهم من أكثر ما يحتاج إليه العالم العربي حاليا لكي يلحق بركاب العصر، فالترجمة عملية إبداعية من نوع خاص جدا، فالتمكّن من إبداع نص بلغة أخرى مع الحفاظ على روحه ومستواه عملية من أصعب ما يكون، والمترجمون المبدعون فعلا ليسوا بهذه الكثرة.
- أنجزتِ عدداً من السيناريوهات الروائية والوثائقية.. هل أنت من أنصار تحويل الروايات لأعمال درامية أم الأفضل هو كتابة النصوص الموجهة للسينما مباشرة؟
في السنوات الماضية، حملت عدة مشاريع من بينها ترجمة وتعريب عدد من المسرحيات العالمية المعاصرة لإثراء المكتبة العربية بالنصوص المسرحية، ومشروع آخر يقوم على اقتراح اقتباس عدد من الروايات العربية بغية تحويلها إلى نصوص مسرحية وسيناريوهات درامية، منطلقة من وجود ضعف أكيد على هذا المستوى، لكنه للأسف لم تلق آذانا صاغية، الرواية العربية قطعت شوطا كبيرا وبعض الأعمال بلغت مستوى متقدّما، وهي ربما اليوم الأفضل تعبيرا عن الواقع على اختلافاته وتمايزه، من جهة أخرى أنا لا أفهم أبدا عدم تعاون المخرجين ومنتجي الدراما في البلدان العربية مع كتّاب الأدب ومع الروائيين بشكل خاص، واعتمادهم دوما على أفكار مأخوذة عن أعمال أجنبية أو على كتّاب دراما يكررون المشهد نفسه من عمل إلى آخر، وهذا أمر مؤسف فعلا.
- لنتحدث عن مشروعك "محترف نجوى بركات.. كيف تكتب رواية؟".. ما أبرز التحديات التي تواجهينها؟
المحترف أنتج إلى اليوم 23 رواية لكتّاب شباب من مختلف الدول العربية نشرت أعمالهم في أهم الدور العربية "دار الآداب، الساقي، الفارابي والعين.. إلخ"، ونالوا جوائز من بينها جائزة كتارا للأدب، وجائزة الإمارات للأدب، وجائزة المحترف، هذا إلى جانب الاعتراف بجودة أعمالهم من قبل النقاد والقراء على السواء، لذا لا أدري ما الذي يمكن أن أضيفه حول هذا الموضوع، سوى شعوري بشيء من الخيبة بسبب صعوبة إيجاد التمويل الذي يسمح للمحترف بالاستمرار في صيغته المكتملة تلك، فنحن اليوم نقيم ورشا إبداعية مكثفة تدوم بضعة أيام، بينما كان العمل سابقا يستمر عاما كاملا وينتهي بنشر الأعمال الموجزة.
- هناك تطور ملحوظ في أدب الخليج.. فما سبب هذه الطفرة من وجهة نظرك؟
أنا على علم بوجود تجارب كتابية ثرية في منطقة الخليج، لكن للأسف لستُ مطلعة بشكل كامل عليها، باستثناء بعض الأصوات المعروفة والمكرّسة التي انتزعت مكانتها عن جدارة وبات لها حضورها اللافت في المشهد الأدبي العام.
- بالحديث عن الجوائز.. هل ترتبط بجودة العمل الأدبي؟ وهل تضيف للكاتب؟
الأعمال الأفضل ليست هي التي تنال الجوائز دائما، وهذا رائج في مختلف أنحاء العالم، لأن العملية خاضعة لاعتبارات ليست دائما على صلة بالمعايير الأدبية من نوع الجودة والتجديد وسواهما من الاعتبارات الإبداعية الأخرى، في العالم العربي يزداد الأمر خطورة لأن القراء ما زالوا في طور النموّ، ومن المهم جدا ألا تختلط عليهم الأمور فيمزجون بين معايير الجودة ومعايير الانتشار، ومع ذلك فإن الجوائز تضيف الكثير للكاتب، حيث إنها في أسوأ الأحوال تجلب إليه في كل مرة قراء شبابا فتؤثر في ذائقتهم الأدبية وفي علاقتهم بالأدب وبالكتاب إجمالا، لذا سيكون من الأفضل لو تُلقى بين أيديهم أفضلُ الأعمال وأهمّها، وهذه مسؤولية خطيرة من الضروري جدا أن يعيها أعضاء لجان التحكيم.
- في روايتك "لغة السر" ثمة حديث عن اللغة وإشارة لأهميتها.. هل اللغة هي مشروعك الأهم؟ وهل الاهتمام الزائد بها قد يؤثر على السرد؟
أجل.. علاقتي باللغة مهمة جدا، ولست أرى كاتبا خارج هذه العلاقة الخاصة جدا والمميزة، فكيف لا تقيم للغتك اعتبارا وهي أداتك ووسيلتك للتعبير ونافذتك التي منها تطلّ على الآخرين وعلى العالم.. وعلى نفسك أيضا، وأنا لي علاقة حسّية باللغة، ويمكن أن تستوقفني كلمة طويلا وتحملني إلى آفاق جديدة مجهولة، وروايتي "لغة السرّ" هي إلى حد ما خلاصة هذه العلاقة الخاصة جدا، وهي مع ذلك تحذير من تحوّل اللغة إلى سلطة تُفتي وتحلّل وتحرّم، فهناك فرق كبير بين سلطة اللغة ولغة السلطة التي تحكم على كل نصّ بالموت حين تدعو إلى إغلاقه كي تتفرّد بتفسيره، وهناك كمٌّ كبير من النصوص التي تنشر اليوم لا تمتلك لغة لكثرة ما تثرثر وتلغو دون أن تقول.
- ما الجديد لديك؟
رواية ستصدر العام المقبل بعنوان "وصية السيد نون"، أرجو أن تعجب القراء.