ردا على رسائل طالبان.. ترحيب مشروط ودعوة للحوار
لم يستغرق الرد الدولي على رسائل حركة طالبان خلال مؤتمرها الأول وقتا طويلا، حيث أكدت الأمم المتحدة أنها تنتظر أفعالا وليس أقوالا فقط.
وعقب انتهاء المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد من مؤتمره الأول منذ سيطرة الحركة على أفغانستان، قال متحدث باسم الأمم المتحدة ردا على المؤتمر إن المنظمة الدولية ستحتاج إلى رؤية أفعال لطالبان على الأرض في أفغانستان.
وأضاف ستيفان دوجاريك للصحفيين في نيويورك قائلا: "سنحتاج إلى رؤية ما سيحدث فعلا وسنحتاج إلى رؤية أفعال على الأرض بشأن تنفيذ الوعود".
دعوة للحوار
يأتي ذلك فيما وجه الاتحاد الأوروبي دعوة إلى دوله للحوار مع الحركة في أقرب وقت ممكن حرصا على الوضع في أفغانستان.
وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن على الاتحاد أن "يحاور" طالبان "في أسرع وقت" لأن هؤلاء "ربحوا الحرب" في أفغانستان.
وأضاف بوريل أن "طالبان ربحت الحرب في أفغانستان. إذن، علينا أن نتحدث إليهم بهدف إجراء حوار في أسرع وقت لتفادي كارثة إنسانية على صعيد الهجرة ومنع عودة وجود إرهابي أجنبي في أفغانستان".
وأوضح الوزير الأوروبي أن ذلك لا يستدعي بالضرورة اعترافا رسميا بنظام طالبان.
ألمانيا والتي اتهمت في وقت سابق طالبان بعرقلة عمليات الإجلاء في مطار كابول، علقت على تصريحات طالبان بأنها تريد الحكم على أرض الواقع وليس عبر التصريحات.
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس: "سنحكم على طالبان استنادا إلى أفعالها"، معربا عن أسفه لعرقلة وصول أفغان يرغبون في إجلائهم إلى مطار كابول.
وأضاف ماس، خلال مؤتمر صحفي في برلين في ختام جلسة لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، قائلا: "الشيء المهم هو أن تكون المرحلة الانتقالية سلمية وهذا أمر يعتمد على ما ستفعله في الواقع الحكومة الانتقالية حالما يتم تشكيلها، وإذا كان بمقدورنا الوثوق بتصريحاتها".
إشارات إيجابية
موسكو التي كانت منذ أيام قليلة من سقوط أفغانستان في يد طالبان مسرحا لمفاوضات السلام بين الأطراف الأفغانية، رحبت بالرسائل الإيجابية التي أرسلها المتحدث باسم طالبان خلال مؤتمره الصحفي.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف: "نرحب بالبيانات الأولية التي أدلت بها طالبان" واصفا تلك التصريحات بأنها إشارة إيجابية بعد سيطرة الحركة على أفغانستان، في أعقاب انسحاب القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي "ناتو".
ونقلت وكالة أنباء "انترفاكس" عن لافروف قوله : "الذي تعلنه طالبان في كابول وكيفية إظهار رغبتهم في احترام آراء الآخرين بشكل فعلي، أعتقد أنه إشارة إيجابية".
وأضاف أنها "إشارة مشجعة" إن طالبان أعربت عن رغبتها في العمل مع الجماعات السياسية الأخرى لحكم البلاد، مؤكدا أن روسيا تدعم الحوار مع كل القوى السياسية والعرقية والطائفية في أفغانستان.
أساس دولي
بريطانيا وعلى لسان رئيس الوزراء بوريس جونسون، أكدت أي اعتراف بالحكومة الجديدة يجب أن يكون على أساس دولي.
وقال جونسون لنظيره الباكستاني إن بريطانيا ستعمل مع الدول الأخرى لتجنب حدوث كارثة إنسانية في أفغانستان.
وقال المتحدث باسم رئاسة الوزراء البريطانية بعد الاتصال مع رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، أكد جونسون التزامه بالعمل مع الشركاء الدوليين لتجنب كارثة إنسانية في أفغانستان والمنطقة الأوسع.
وفي إطار ردود الأفعال الرافضة بشكل قاطع لما حدث في أفغانستان، قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إن بلاده لا تعتزم الاعتراف بطالبان كسلطة حاكمة لأفغانستان في أعقاب سيطرتها على كابول.
وقال ترودو للصحفيين :"كندا لا تخطط للاعتراف بطالبان حاكمة لأفغانستان... لقد استولت على السلطة وحلت بالقوة محل حكومة منتخبة ديمقراطيا".
تحذير ونصيحة
حلف شمال الأطلسي "ناتو" صاحب الدور الكبير في أفغانستان خلال 20 عاما الماضية مع القوات الأمريكية، وجه رسالة تحذيرية ونصيحة لطالبان بأن لا تسمح بتحويل أفغانستان لساحة إرهابية.
وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرج للصحفيين، في أول مؤتمر صحفي له منذ سقوط كابول في يد طالبان، إنه لا بد لحركة طالبان ألا تسمح بأن تصبح أفغانستان تربة خصبة للإرهاب مجددا، محذرا من أن الحلف لا يزال لديه رغم انسحابه القوة العسكرية لضرب أي جماعة إرهابية من مسافة بعيدة.
وأضاف قائلا: "لدينا القدرة على ضرب الجماعات الإرهابية من مسافة بعيدة إذا رأينا أن الجماعات الإرهابية تلك تحاول ترسيخ موقعها وتخطط وتنظم هجمات على حلفاء حلف شمال الأطلسي ودولهم".
وكان قتال القاعدة، التنظيم المسلح المسؤول عن هجمات 11 سبتمبر/ أيلول ، السبب الرئيسي في تدخل الغرب في أفغانستان عام 2001 فيما أصبحت أكبر عملية خارجية لحلف الأطلسي خارج أوروبا.
لكن بعد أن اختتم الحلف العمليات العسكرية هذا الصيف بعد قرابة العقدين، أحرزت طالبان تقدما خاطفا واستولت على أكبر مدن أفغانستان خلال أيام.
وحدت سيطرة الحركة المفاجئة على العاصمة كابول بآلاف الأشخاص إلى الفرار إلى مطار المدينة، الذي لا يزال تحت سيطرة الجيش الأمريكية، في محاولة مستميتة لاستقلال رحلات الإجلاء.
يأتي ذلك فيما وجه المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد رسالة إلى العالم مفادها حرص الحركة على حقوق الإنسان وحقوق المرأة.
وقال مجاهد، مؤتمر صحفي هو الأول منذ استيلاء طالبان على العاصمة، إن الحركة ستؤمن السفارات والمنطقة الخضراء في كابول؛ التقرير التالي يرصد أبرز لاءات طالبان في مؤتمرها الأول.
وسيطرت طالبان على أفغانستان، الأحد الماضي، عندما فرّ الرئيس أشرف غني ودخل مسلحوها إلى كابول من دون مقاومة، بعد عقدين من الحرب التي أودت بحياة مئات الآلاف.
وفي مؤتمرها الأول أكد المتحدث الرسمي باسم الحركة، أنه لا مجال لتصفية الحسابات، وتابع قائلًا: "نطمئن العالم والولايات المتحدة وجيراننا أن الأراضي الأفغانية لن تستخدم ضدهم".
وفي رسالة للشعب الأفغاني، قال ذبيح الله مجاهد، "أطمئن من عملوا ضدنا مع القوات الأجنبية بأننا عفونا عنهم وأن أفغانستان بلدهم ولا يجب أن يغادروها".