في شمال أفريقيا، أنهى أردوغان وشريكه أمير قطر بقصدٍ أو بغير قصد التأثير المباشر أو غير المباشر للإخوان على الحكومات.
لا تخفى اليوم نوايا تركيا وقطر في شمال أفريقيا على أي محلل أو خبير جيوسياسي، وعندما تسلّم أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، السلطة من والده، فعل ذلك مع تعهّدٍ يتمثل بغزو شمال أفريقيا من خلال تشكيل "الاتحاد الإسلامي في شمال أفريقيا" بمساعدة القوة الناعمة لقطر، جماعة الإخوان المسلمين.
ولتحقيق أهدافه، بحث الأمير عن رفيق سفر في رحلته تلك، وكان أردوغان التركي هو الأنسب، لأنه كان بدوره مخلصاً للإخوان. ولتهيئة الأرضية لخدمة مصالحهم الضيقة، أطلقوا الربيع العربي الزائف وما نتج عنه من كوارث يعرفها القاصي والدّاني.
ومنذ وصول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى السلطة في عام 2014، لم يتردد يوماً في دعم مشروع الأمير والإخوان، والذي أدى في معظمه إلى إحداث القتل والدمار في كل مكان. ومنذ ذلك العام، يُطرح السؤال عمّا إذا كان أردوغان "مع الأمير" يعيان حقاً ما يفعلانه؟
وفي سنة 2014، اضطر الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، إلى تفكيك جماعة الإخوان المسلمين المدعومة من قطر وتركيا. ونتج عن تلك الحملة تشتت كبير لأعضاء الإخوان الذين فرّوا إلى السودان وقطر وتركيا، وبالتالي فقدانهم السيطرة على مصر.
وفي تونس، بعد التمرد على حكم الرئيس السابق، زين العابدين بن علي، نجح الإخوان المسلمون وبالتحديد حزب النهضة في السيطرة على البلاد عن طريق حكومة ائتلافية. وبسبب إدارتها الكارثية وسوء تسييرها للبلاد، فقدت الأغلبية في عام 2018، وهو ما يعني أيضاً فقدان تركيا وقطر سلطتهما على البلاد "على الرغم من استمرارهما في المحاولة".
وفي السودان كان لقطر وتركيا حليف ينتمي للإخوان المسلمين وهو الرئيس السابق عمر حسن البشير. وحكم البشير البلاد من عام 1989 حتى أبريل/نيسان 2019، عندما أزيح عن الحكم وتم الزّج به في السجن، لأنه لم يكن لديه متّسع من الوقت للفرار إلى الدوحة، حيث كان ينتظره منفى لطيف وممتع. وبهذه الطريقة، فقدت جماعة الإخوان دعامة السودان التي كانت أساسية في مشروعها في أفريقيا.
وفي ليبيا، يبدو أن تحركات تركيا وقطر للاستيلاء على الكعكة الليبية تتلاشى، لكن ببطءٍ شديد. وعلى هذا النحو، تكون الدوحة وأنقرة قد خسرتا الحرب، لأنهما ارتكبتا خطأ كبيرا بمواجهة الاتحاد الأوروبي في نفس الوقت، مما أدى إلى زيادة عدد أعداء تركيا بشكل مباشر وقطر بطريقة غير مباشرة. ومع ذلك، فهما تبذلان قصارى جهدهما للحفاظ على السلطة داخل الحكومة المستقبلية.
إلى الغرب، في المغرب وموريتانيا والسنغال، تعرف هذه البلدان جيدًا نوايا تركيا وقطر، لذلك فهي تود الحفاظ على مسافة آمنة من الدوحة وأنقرة. ونجحت الجزائر، بعد سقوط نظام بوتفليقة، في التخلّص من التدخل القطري الذي وصل لدرجة التجسس على الخطوط الهاتفية للجزائريين.
وفي شمال أفريقيا، أنهى أردوغان وشريكه أمير قطر بقصدٍ أو بغير قصد التأثير المباشر أو غير المباشر للإخوان على الحكومات. والشيء المنطقي في هذه الحالة هو الفرار بعد فشلهما، وهذا ما فعلاه ولكن بتغيير القارة. الآن جاءوا للتدمير في أرمينيا وأذربيجان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة