مع الخطوات الأولى لتأسيس التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في السعودية، تُثار عدة تساؤلات حول طبيعة هذا التحالف ودوره وتوجهاته
مع الخطوات الأولى لتأسيس التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في السعودية، والذي تم إشهاره في 14 ديسمبر 2015، بمشاركة 41 دولة، أهمها دول خليجية كبرى وتركيا وباكستان وماليزيا ومصر، تُثار عدة تساؤلات حول طبيعة هذا التحالف ودوره وتوجهاته، قصيرة وطويلة المدى، التي يسعى التحالف لإنجازها واقعياً، خاصة أن شعار الاجتماع الأول حمل رسائل هامة تشير إلى أن التحالف ضد الإرهاب يحتاج بالفعل إلى منظومة أمنية ممتدة للمواجهة، إلى منظومة مجتمعية وثقافية بل وآيديولوجية، وهو ما قامت به من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بإنشاء مراكز للمناصحة والإرشاد، وهو ما سيُبنى عليه أيضاً في الفترة المقبلة في ظل عمل دائم وجهد متواصل يضم دولاً إسلامية، مع تحديد أسس التعامل بين الدول الأعضاء ، والذي يتجاوز فكرة التحالفات السياسية الدائمة والمؤقتة معاً .
1. حمل الاجتماع الأول شعار "متحالفون ضد الإرهاب" ، وهذا معناه أن الهدف الموضوع لإنشاء تحالف إندماجي وجماعي معا، وأنه يضم دولاً عربية وإسلامية لمواجهة الإرهاب ،وأن توحيد جهود الدول الإسلامية للقضاء على الإرهاب والتكامل مع جهود دولية أخرى في مجال حفظ الأمن والسلم الدوليين .
2. سيضع التحالف على رأس أولوياته تأكيد المبادئ والقيم الإسلامية، كالاعتدال والتسامح والرحمة والتصدي لنظريات وأطروحات الفكر الإرهابي وإحداث الأثر النفسي والاجتماعي لتصحيح هذه المفاهيم الإرهابية المتطرفة، والتي ستكون محل تناول حقيقي واهتمام من قبل دول التحالف الإسلامي، والتي ستركز بطبيعة الحال على المساعدة في تنسيق وتأمين الموارد، وتيسير عمليات تبادل المعلومات العسكرية بصورة واضحة، وعبر تناول مباشر وتشجيع الدول الأعضاء على بناء قدرات عسكرية متراكمة لمحاربة الإرهاب لمواجهة الاعتداءات الإرهابية الجارية في الدول الإسلامية .
3. من الواضح أن دولاً إسلامية كبرى مثل باكستان سيكون لها دور مباشر ليس مقصوراً على تولي راحيل شريف قيادة التحالف العسكري خاصة وأن لباكستان حضوراً عسكرياً كبيراً في نطاق الدائرة الإسلامية، ومن ثم سيسعى التحالف لاستقطاب عدد كبير من الدول ولن يكون مقصوراً على ممثلي ال41 دولة التي شاركت في الافتتاح الأول لأعمال التحالف، ومن ثم فان دولا أخرى قد تلتحق، وسيكون لها دور حسب التوجهات والمواقف المحددة لدول التحالف ومدى قدرته على نقل رسالته إلى خارج الدائرة الإسلامية التي حددها، ووفق للأهداف والتوجهات المعلنة لدول التحالف في الفترة المقبلة، ومدى ما يمكن أن يوظف في أداء رسالة استباقية للمواجهة والتصدي للإرهاب أياً كان وجوده أو حضوره.
ستظل القوى الدولية وخاصة الولايات المتحدة وروسيا تحديداً تنظر بعين الترقب لما يمكن أن يقوم به هذا التحالف الإسلامي في هذا التوقيت، خاصة وأن الولايات المتحدة في حاجة لمراجعة مواقفها السياسية والاستراتيجية في الإقليم والانتقال من مساحة الأقوال إلى مساحة الأفعال في الفترة المقبلة
4. من المبكر التأكيد على رسالة التحالف المباشرة، وهل هي محاربة بالفكر وتبادل المعلومات وبناء منظومة مجتمعية جماعية أم أن الأمر سيكون من خلال أعمال عسكرية في بعض الأحيان خاصة وأن الأهداف التي وضعها التحالف عديدة وشاملة؟، ومن ثم فإن مواجهة الإرهاب لن تكون فقط كما نتصور من خلال رسائل المواجهة غير العسكرية، فالحرب علي الإرهاب والتطرف لن تكون فقط مقصورة في مجال بل ستمتد إلى اطار أشمل، وقد تأخذ سنوات ومن خلال استراتيجية جماعية .
5. إن الجبهة الإسلامية الموحدة المعلنة ضد التهديدات المستمرة من التنظيمات الإرهابية في نطاق التحالف وخارجه ستنطلق من التأكيد علي ضرورة بناء إطار استباقي، يقف في مواجهة التنظيمات الإرهابية الصاعدة والموجودة، والتي ستحدد وفق مجالات عمل التحالف، وهي النطاقات الفكرية والإعلامية ومحاربة تمويل الإرهاب والنطاق العسكري، وهو ما يشير إلى ضرورة تبادل المعلومات والدعم اللوجستي والتدريب وتنسيق الجهود العسكرية، وإنشاء شراكات استراتيجية إقليمية ودولية لتقوية أواصر التعاون وتحقيق الفاعلية الشاملة في محاربة الإرهاب وإسهام الدول الإسلامية في الحرب الراهنة ضد الإرهاب .
6. ستظل القوى الدولية وخاصة الولايات المتحدة وروسيا تحديداً تنظر بعين الترقب لما يمكن أن يقوم به هذا التحالف الإسلامي في هذا التوقيت، خاصة وأن الولايات المتحدة في حاجة لمراجعة مواقفها السياسية والاستراتيجية في الإقليم، والانتقال من مساحة الأقوال إلى مساحة الأفعال في الفترة المقبلة خصوصاً وأن الرئيس دونالد ترامب أيد في قمة الرياض وما تلاها المواقف الإسلامية وتحركات السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة في مواجهة الإرهاب والتعامل معه كظاهرة حقيقية تهدد الاستقرار العالمي، وأن ترك هذه التنظيمات تعمل في الأقاليم المختلفة سيكون له تداعيات مكلفة، ومن ثم فإن التصدي له يأتي عليى رأس الأولويات المطروحة للمجتمع الدولي إن أراد حقاً التعامل مع مهددات الإرهاب وأسبابه، والتصدي لكل مخاطره التي تمتد من داخل المنطقة إلى خارجها، وفي ظل حالة من عدم الاستقرار والسيولة السياسية الراهنة التي لم تتبلور تأثيراتها بعد، وإن كانت بدأت في الانتشار والتمدد ، وهو ما سيتعامل معه التحالف الإسلامي بالأساس، ويستهدف الوقوف في مواجهته، ومن خلال تحركات استراتيجية وتكتيكية حقيقية وعبر أنماط من التعاملات المختلفة سياسيا ومجتمعيا وثقافيا وبالضرورة اقتصاديا وأمنيا ، وهو ما تدركه الدول المشاركة في التحالف الإسلامي وتسعى لإقراره عبر آليات جديدة ، ومن خلال أساليب غير نمطية أو تقليدية ...
7. رسالة التحالف الإسلامي المباشرة أن الدول الإسلامية لديها بدائل وخيارات في التعامل مع مهددات الأمن الإقليمي ،وأن على رأس الأولويات المطروحة التعامل مع الخطر مبكراً وعدم الوقوف في دائرة رد الفعل أو التقابل، ومن ثم فإن خيارات التحالف الإسلامي ستكون بالأساس في مواجهة الأطراف العابثة بأمن الإقليم، ولن تقتصر على تنظيمات مركزية وإنما بطبيعة الحال ستمتد إلى المخاطر الفرعية التي يمثلها حضور تنظيمات فرعية مؤثرة سيكون لها دور في الفترة المقبلة بعد أن انحسر دور تنظيم داعش في العراق وسوريا، وامتدت عناصره خارج سياق المساحات الاستراتيجية التي سيطر عليها التنظيم سنوات ، ومن ثم فإن التحاف الإسلامي سيتعامل مع مخاطر تحول التنظيمات إلى شظايا في الإقليم العربي والإسلامي بأكمله، مما سيكون له الخطر الأكبر والذي سيظل يحظى باهتمام كبير، وسيحتل أولوية لدول التحالف الإسلامي في إطار الحرب على الإرهاب والتعامل مع إشكالياته الممتدة في النطاق الإسلامي بعد أن اتسعت مشاركة الدول الإسلامية في التحالف، وبدا أن لها دورا بارزا ومهما في إطار الحرب على الإرهاب، ومن خلال مشاركة الدول الإسلامية الكبيرة التي سعت لوضع اللبنات الأساسية لمواجهة الحرب على الإرهاب من خلال إطار شامل ومتعدد الأهداف والغايات .
إن الدول الإسلامية قادرة على التصدي لمواجهة الإرهاب وتجفيف منابعه واتخاذ اجراءات رادعة في مواجهة ما يهدد أمنها السياسي والاستراتيجي، وهو ما سيتطلب استمرار الجهود وتكاتفها والتنسيق الأمني المباشر وتبادل المعلومات كأساس للعمل المشترك، وستنجح الدول الإسلامية في مواجهة الإرهاب بالفعل إن اتسقت مواقف الدول الكبرى وترجمت ما تصرح به من أقوال إلى أفعال وإجراءات حقيقية في إطار الحرب الدائرة على التنظيمات الإرهابية بأكملها .
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة