"ترهونة" الليبية.. موقع استراتيجي ودور حاسم في معركة طرابلس
مدينة ترهونة تشارك في القتال ضد المليشيات بالعاصمة طرابلس منذ اليوم الأول لانطلاق عملية طوفان الكرامة وتدعم بقوة الحرب على الإرهاب
من موقع استراتيجي مميز قرب العاصمة الليبية طرابلس، إلى تعداد سكاني كبير، مرورا بخبرة واسعة في مواجهة الإرهاب وعناصر المليشيات المسلحة، وصولا إلى طبيعة جغرافية غنية بالموارد، أصبحت مدينة ترهونة الليبية قلب الكرامة النابض والحصن المنيع للجيش الليبي في تحرير طرابلس من الجماعات والمليشيات الإرهابية.
المدينة المليونية من أوائل المدن التي أعلنت انضمامها للقيادة العامة للجيش الليبي، مع إعلان المشير خليفة حفتر في خطابه الشهير "لبيك طرابلس" الانضمام إلى عملية طوفان الكرامة في الرابع من أبريل/نيسان الماضي، لتطهير المنطقة الغربية من الإرهاب والمليشيات الإجرامية.
- "ترهونة" الليبية تتوعد بالثأر لشهدائها عقب اعتداء تركي
- قبائل ترهونة تجدد دعمها لعمليات الجيش الليبي بمدن الجنوب
وللمدينة التي تبعد 88 كم جنوب شرقي العاصمة الليبية تاريخ طويل من المقاومة بداية من الاستعمار الإيطالي، وصولا إلى المليشيات والعصابات الإجرامية في طرابلس، وقد عرفت في الأوساط الليبية بـ"ترهونة الجهاد".
أهمية ترهونة
مدينة ترهونة التي يبلغ عدد سكانها نحو مليون نسمة تكتسب أهميتها من كونها معقل قبائل ترهونة إحدى أكبر القبائل الليبية على الإطلاق التي تزيد على 63 قبيلة منها (أولاد علي، الفرجان، المهادي، الغرارات، الدوائم، الهماملة، أولاد حمد، العوامر، الحواتم، المارغنة، وأولاد معرف، البركات، والعبانات، والمزاوغة، والدراهيب، والحمادات).
ولمدينة ترهونة في معارك طرابلس أهمية كبرى نتيجة أسباب عدة، أهمها الموقع الجغرافي على حدود العاصمة طرابلس، بالإضافة إلى أنها معقل اللواء التاسع مشاة أحد أذرع الجيش الوطني الليبي الرئيسية، خاصة أنه لم يأتِ من مسافات طويلة كالأذرع الأخرى القادمة من الشرق والجنوب، ولديه معرفة فعلية مسبقة بأرض المعركة.
وتمرس أبناء المدينة في القتال لسنوات عدة منذ عام 2011 حتى الآن، بسبب المناوشات المستمرة والاشتباكات مع مليشيات مصراتة التي اعتدت على المدينة، بالإضافة إلى المليشيات التي حاولت القيام بانقلاب فجر ليبيا عام 2014.
وفي عام 2018 دخلت الكتائب العسكرية من أبناء مدينة ترهونة في اشتباكات مسلحة مع مليشيات طرابلس ومليشيات الإرهابي صلاح بادي، في عملية "تطهير طرابلس من دواعش المال العام"، وذلك بعد تعرض المدينة للقصف الجوي في يناير/كانون الثاني 2018، ما ساهم في زيادة خبرة المدينة العسكرية وممارسة أبنائها القتال وبسالتهم في معركة طوفان الكرامة.
كما أن ترهونة تشتهر تاريخيا بالنشاط الزراعي لخصوبة أراضيها، بالإضافة لاحتوائها على محطة لتربية السلالات المحسنة من الدواجن ومحطة أبقار وإنتاج اللبن، وانتشار الأسواق في المدينة، نظرا لكثرة سكانها التي تتداول بيع الأغنام والخضار ومختلف المتطلبات اليومية، ما يسهل عملية تعايش المقاتلين على الأرض مقارنة بالمحاور الأخرى التي يغلب عليها الطابع الصحراوي.
ترهونة والكرامة
ومنذ إعلان المشير حفتر انطلاق معركة الكرامة عام 2014 سارعت مدينة ترهونة لدعمها المعنوي، كما عقدت مؤتمرات عدة قبلية داعمة للجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر وأرسلت الوفود إلى الرجمة.
وفي يوليو/تموز 2017 أعلن تشكيل اللواء 22 مشاة ترهونة التابع للقيادة العامة للجيش الوطني الليبي وهو يضم عناصر عسكرية محترفة وذات تراتبية وتعمل في إطار الانضباط العسكري، من منتسبي الكتيبة 124 مشاة والكتيبة 126 مشاة، والكتيبة 519 دفاع جوي، وكتيبة تأمين النهر الصناعي، ومعسكر أم الجذاري، والبحرية، ومركز تدريب ترهونة، ومنظومة المخابرة - ترهونة، وسرية الشرطة العسكرية، ومكتب الاستخبارات - ترهونة، والبحث والإنقاذ، وفرع الإمداد والتموين، ولجنة التجنيد - ترهونة.
وشاركت مدينة ترهونة في القتال ضد المليشيات بالعاصمة طرابلس منذ اليوم الأول لانطلاق عملية طوفان الكرامة، وأعلن اللواء 22 تغيير اسمه إلى اللواء التاسع وأعلن وضع كل إمكانياته تحت إمرة القيادة العامة للجيش الوطني، وشارك في المواجهات في منطقة سوق الخميس مسيحل.
كما ساهمت المدينة في تقدم قوات الجيش الليبي المستمر والمتزايد في المنطقتين الجنوبية والشرقية للعاصمة طرابلس.
ومؤخرا استطاعت كتائب اللواء التاسع القادم من ترهونة صحبة بقية ألوية الجيش الليبي، من التقدم باتجاه الشمال والغرب، وسيطرت على مصنع الأسمنت بمنطقة سوق الخميس امسيحل، ومناطق متقدمة بمحاور عين زارة وصلاح الدين، الذي لا يبعد كثيرا عن مداخل وسط العاصمة، وقد نفذ عدد من منتسبيه عمليات نوعية قرب القرة بوللي على الطريق الساحلي الرابط بين مدينتي مصراتة وطرابلس.
ترهونة تدفع الثمن
دفعت ترهونة الضريبة غالية من دماء أبنائها، فقد استشهد عدد من أبنائها وقياداتها على رأسهم العميد عبدالوهاب المقري والنقيب محسن الكاني باستهداف طائرة تركية مسيرة، وطلب الجيش الليبي إرسال إمدادات للمدينة لتأمينها إلا أن رئيس مشايخ ترهونة صالح فاندي أعلن "جاهزية أبناء ترهونة لصد أي هجوم"، وأن "مهمة الدفاع عن ترهونة أوكلت لشباب المدينة".
ولم تستسلم مدينة ترهونة بعد مقتل بعض قياداتها، وأعلنت إنشاء لواء الموت وقوامه 5000 متطوع من أبناء المدينة تم تدريبهم على القتال وانضمامهم للجيش الليبي كقوات إسناد.
ونتيجة لأهمية المدينة هذه ودورها في عملية طوفان الكرامة، فقد حاولت طائرات مسيرة تركية عدة استهداف المدينة، إلا أن منظومة الدفاع الجوي تمكنت من إسقاطها جميعا.
والأربعاء الماضي أسقط الجيش الليبي طائرة مسيرة إيطالية من سماء مدينة ترهونة، بعد اختراقها لنطاق العمليات بالجيش الليبي، إلا أن وزارة الدفاع الإيطالية أشارت إلى أن طائرتها فقدت الاتصال بالقاعدة التي انطلقت منها أثناء قيامها بمهمة تأمين البحر المتوسط.
aXA6IDMuMTQzLjIwMy4xMjkg
جزيرة ام اند امز