وفاة تشيكي كاريو: من «نيكيتا» إلى «باد بويز».. مسيرة لا تنسى في السينما العالمية
فقدت السينما الفرنسية والعالمية واحدًا من أبرز وجوهها بوفاة الممثل تشيكي كاريو عن 72 عامًا بعد صراع مع المرض، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا متنوعًا بين باريس وهوليوود، وجسورًا ثقافية امتدت بين أربع لغات.
رحل الممثل الفرنسي الشهير تشيكي كاريو يوم الجمعة، عن عمر ناهز 72 عامًا، وفق بيان أصدرته عائلته جاء فيه: «زوجته فاليري كيروزوري وأبناؤهما يعلنون بحزن شديد وفاة تشيكي كاريو إثر إصابته بالسرطان». خبر أعاد إلى الأذهان مسيرة فنان استثنائي حمل ملامح لا تُنسى، وترك حضورًا قويًا في السينما الأوروبية والأمريكية على حد سواء.
من هو تشيكي كاريو؟
وُلد كاريو في إسطنبول عام 1953، لكنه صُقل فنيًا في فرنسا، حيث بدأ مسيرته في سينما المؤلف. ولم يتأخر كثيرًا قبل أن يتعرّف إليه جمهور أوسع في نهاية الثمانينيات، عندما أدى دور الصياد الممزق أخلاقيًا في فيلم «الدب» للمخرج جان جاك آنو، وهو العمل الذي حقق نجاحًا ساحقًا في دور العرض بأكثر من تسعة ملايين تذكرة.
ومنذ تلك اللحظة، صار اسمه جزءًا من ذاكرة السينما الفرنسية الحديثة، بحسب محطة «بي.إف.إم» التلفزيونية الفرنسية.

عام 1982 حصل كاريو على أول اعتراف كبير بموهبته، عندما رُشّح لجائزة السيزار كأفضل وجه رجالي واعد عن دوره في فيلم La Balance للمخرج بوب سويم.
وقد فتح له هذا النجاح أبواب العالمية، ليشد الرحال نحو الولايات المتحدة حيث شارك إلى جانب ويل سميث في فيلم الحركة الشهير «باد بويز» من إخراج مايكل باي.
وفي عام 1990 عاد بقوة إلى الواجهة مع شخصية لا تُنسى: عميل مجنّد في فيلم «نيكيتا» للوك بيسون، يقف خلف تدريب امرأة تحوّلت إلى قاتلة محترفة.

وكانت نظراته الحادة وفكه المربّع علامة بصرية ميّزت معظم أدواره، وجعلته أحد الوجوه الأكثر قدرة على تجسيد الشخصيات المعقدة والمترددة بين العنف والإنسانية.
لم تكن مسيرته محصورة في أوروبا أو هوليوود، فكاريو الذي كان يتقن الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والعربية، قدّم أعمالًا متنوعة مع مخرجين من مدارس مختلفة.
وظهر في فيلم «A Very Long Engagement» مع جان بيير جونِّه، وشارك مع المخرج البرازيلي والتر ساليس في Terra Estrangeira، ثم مع ريدلي سكوت في فيلم «1492: كريستوفر كولومبوس» إلى جانب جيرار ديبارديو.

وقد سبقت هذه الأدوار مشاركات مبكرة في أعمال سينمائية مؤثرة، منها فيلم «كل ليلة» لشانتال أكرمان عام 1982، و«ليالي اكتمال القمر» لإيريك رومير عام 1984.
على خشبة المسرح، كان لكاريو حضور طويل امتدّ منذ بدايات الثمانينيات، حيث وقف في مهرجان أفينيون وغيره من أبرز العروض المسرحية.
وفي مقابلة صحفية عام 2017، لخّص علاقته بالمهنة قائلًا: «هذا العمل جعلني إنسانًا أفضل. الفن المسرحي مساحة سحرية يدخلها أشخاص في حاجة إلى التعبير والتأمل، وربما إلى أن يروا أنفسهم من بعيد».

برحيل تشيكي كاريو، تفقد السينما الأوروبية واحدًا من وجوهها المميزة؛ فنانًا حمل بصمة خاصة وترك أثرًا خالدًا في الذاكرة السمعية والبصرية، بين باريس وهوليوود، وبين المسرح والسينما، وبين أربع لغات وثقافات.