"صيادو النينجا".. شرطة مناخ سرية تتعقّب تغريدات "تويتر" المضللة

يكرس حراس الإنترنت السريون جهودهم لمحاربة إنكار تغير المناخ على "تويتر"، بتعقّب التغريدات المشككة ودحضها بالأدلة العلمية.

أجرى موقع "بي بي سي" البريطاني مقابلة مع اثنين من حراس الإنترنت، وهما عضوان في فريق "Team Ninja Trollhunters" السري المؤلف من 25 عضوًا.

• ناقوس خطر.. "بالوعة الكربون" في بريطانيا قد تتحول إلى "قنبلة المناخ"

وجرت المقابلة مع الشابين "ماريا" و"آرثر" في بلدة ساحلية صغيرة في إسبانيا مطلة على البحر الأبيض المتوسط، ولم يكشف الاثنان عن هويتهما، وأخفيا وجهيهما طوال المقابلة بالقناع.

وطلب الشابان عدم الكشف عن أسمائهما الحقيقية أو مكان وجودهما، وقالا إنهم -كفريق- صنعوا أعداء لا حصر لهم على الإنترنت بمرور السنين، ويرون أن الخروج من الظل قد يكون أمرًا خطيرًا.

مجهولو الهوية

قالت ماريا: "لكي نتمكن من القيام بهذا العمل ولا نفكر كثيرا في العواقب يجب أولا أن نتخفى باستمرار"، مشيرة إلى أنها أمضت آلاف الساعات في الإبلاغ عن تغريدات من ناكري المناخ على موقع "تويتر".

وفي عام 2019، ساعدت ماريا في إنشاء فريق "Team Ninja Trollhunters"، ويضم 25 عضوًا من جميع أنحاء العالم، واجتمعوا معًا لمكافحة إنكار تغير المناخ المتزايد على موقع التدوينات القصيرة.

وأضافت ماريا: "كان من الضروري أن أبيّن أن العديد من التغريدات على تويتر خاطئة"، مشيرة إلى أنها تتسلح في هذا العمل بخلفية معتبرة في العلوم الطبيعية، وهذا يساعدها على كشف الأكاذيب وقراءة البحوث المعقدة.

ويقول الشاب آرثر: "خضت العديد من المعارك بجانب ماريا، وكان لدينا أيضًا الكثير من المرح"، وعندما اجتمعت المجموعة لأول مرة عام 2019 قضت جزءا من وقتها في التحقق من صحة الادعاءات المضللة على "تويتر".

آلية العمل

وترصد المجموعة الادعاءات التي تنتشر بسرعة وترد عليها بروابط لمعلومات واقعية، أوراق أكاديمية أو تقارير علمية، ولكن ماريا تقول: "بعد شهرين من العمل، تدرك أنك لا تُحدث أي تأثير؛ لأن الحقائق بالنسبة لمعظم هؤلاء الأشخاص ليست ذات صلة".

لذا يراقب أعضاء مجموعة "النينجا" حسابات "تويتر" البارزة التي تعارض العلوم الأساسية لتغير المناخ، عندما يقوم هؤلاء المستخدمون بالتغريد بشيء ينتهك قواعد النظام الأساسي فإنهم يبلغون عنه إدارة موقع "تويتر" من أجل تعليق الحساب.

ولا يُحظر إنكار تغير المناخ على "تويتر"، ولكن بعض الأنواع الأخرى من المحتوى تظل محظورة، مثل التهديدات أو المضايقات أو خطاب الكراهية، وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي قد يؤدي نشر ادعاءات مضللة حول Covid-19 إلى تعليق الحسابات.

تعليق 600 حساب

وتقول ماريا: "في نهاية اليوم، لا يهم ما إذا كان قد تم إيقاف بعض الحسابات بسبب معلومات خاطئة عن Covid-19 أو بسبب الرموز النازية، لكن آلاف الساعات من العمل المضني أتت ثمارها، وبالفعل تم تعليق نحو 600 حساب لإنكار تغير المناخ".

وهناك روابط لمئات التغريدات المسيئة التي أبلغ عنها أعضاء "النينجا"، بالإضافة إلى قائمة مفصلة بالحسابات الموقوفة، وأحدها كان لشخص يدعى مايك، وهو مهندس أسترالي لديه أكثر من 23 ألف متابع، ويؤمن الكثير منهم بنظريات المؤامرة.

وفي أبريل/ نيسان الماضي، تم تعليق حسابه نهائيًا على "تويتر" بعد تشكيكه في لقاحات Covid-19، وكان أعضاء مجموعة "النينجا" يراقبون تغريداته، ويبلغون عن العشرات منها. وفي منتدى خاص وضعوا اسم مايك على "قائمة المطلوبين".

ويعمل أعضاء مجموعة "النينجا" في سرية تامة، وهناك لائحة لتنظيم العمل، وخرقها من أي عضو يؤدي إلى تعليقه مؤقتا، كما حدث مع آرثر ذات مرة، ويقول: "لا يوجد ضرر في العالم الحقيقي أسوأ مما يفعلونه، عندما يحاولون إقناع الناس بأن تغير المناخ هو أسطورة، فإنهم يلحقون الضرر بنا جميعًا".

انتكاسة "النينجا"

وأعيقت جهود "النينجا" منذ استحواذ إيلون ماسك على موقع "تويتر" في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حين أعلن الملياردير الأمريكي أن المنصة ستعيد آلاف الحسابات المعلقة، ومنها حساب المهندس الأسترالي "مايك" وغيره.

وتقول ماريا: "كانت هذه الإجراءات صفعة على وجهنا، وإذا قرر تويتر أنه يجب تعليق هؤلاء الأشخاص قبل ذلك فهناك سبب وجيه لهذا التعليق، ولأن الموقع لم يستجب لطلبات إعادة تعليق الحسابات، قررت ترك تويتر أنا وآرثر".

ولا يزال عدد من أعضاء "النينجا" على "تويتر" لاستكمال دورهم في رصد منكري التغير المناخي، ويقولون إن تغريدات التضليل المناخي آخذة في الارتفاع، ويرى آرثر أن هذا دليل على أهمية "النينجا".

سياسة جديدة

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2021، أعلنت شركة "غوغل" ومنصة "يوتيوب" عن سياسية جديدة تحظر على ناكري التغير المناخي الذين ينشرون محتواهم على منصاتها، إمكانية الحصول على مبالغ مالية من الإعلانات.

وبموجب هذه السياسة، فإن المُعلنين والناشرين في "غوغل"، وصانعي المحتوى على "يوتيوب"، سيمنعون تحقيق عائدات مالية على المحتوى الذي يتعارض مع "الإجماع العلمي الراسخ حول وجود وأسباب تغير المناخ".

ويتضمن ذلك "المحتوى الذي يشير إلى تغير المناخ باعتباره خدعة أو أسطورة أو عملية احتيال، وادعاءات تنكر الأدلة التي تظهر أن المناخ العالمي آخذ في الاحترار، وأخرى تنكر أن غازات الاحتباس الحراري تسهم في تغير المناخ".