عامان على انتخاب تبون.. دحر الإرهاب وطي صفحة من تاريخ الجزائر
يصادف اليوم الإثنين، مرور عامين على انتخاب عبد المجيد تبون رئيساً للجزائر، حيث عرفت هذه الفترة تطورات كبيرة طوت صفحة من تاريخ البلاد.
عام جديد يُطوى في ولاية تبون الرئاسية الممتدة على 5 أعوام، ظهر بأن البلاد تسير وفق "مقاربة شاملة ومدروسة" تهدف لما تسميه السلطة لـ"التغيير الجذري مع سياسات وممارسات النظام السابق" وحتى ما قبله.
- "تبون" يتعهد بإصلاحات ضخمة في الجزائر بعد الانتخابات
- حذرهما "تبون".. كيف تتحرك "رشاد" و"الماك" الإرهابيتان بالجزائر؟
وهي المقاربة التي بدأت متثاقلة بخطواتها في العام الأول من حكم الرئيس عبدالمجيد تبون للجزائر بفعل جائحة كورونا، لكنها عناوينها باتت بارزة بما تم تحقيقه، وما ينوي الرئيس الثامن للبلاد، إنجازه في المرحلة المقبلة.
عناوين عريضة في المجال السياسي بطي صفحة من تاريخ الجزائر بانتهاء النظام السابق، وعهد الراحل عبدالعزيز بوتفليقة الذي تولى سدة الحكم لما يقرب من عقدين من الزمن.
وتبنى رئيس الجزائر الذي انتخب في الـ13 من ديسمبر/كانون الأول عام 2019، استراتيجية دبلوماسية "أكثر جرأة وتقدماً"، تهدف -حسب ساسة الجزائر- لـ"استعادة هيبة الدولة داخلياً ومكانتها خارجياً".
ويبقى المجال الأمني أحد العناوين البارزة في المحطة الثانية من ولاية تبون الرئاسية، والتي شهدت تكثيفاً لعمليات دحر فلول الجماعات الإرهاب وحركات ما يعرف بـ"الإسلام السياسي" التي تقودها حركة "رشاد" الإخوانية الإرهابية.
كما كانت ورقة الاقتصاد من أكثر الملفات التي شغلت أول رئيس يحكم هذا البلد العربي بـ"خلفية اقتصادية"، ترجمتها القرارات والخطوات الباحثة عن إخراج الاقتصاد المتعثر لعقود من "الإنعاش".
وفي هذا التقرير، تستعرض "العين الإخبارية" حصيلة أبرز ما حققه الرئيس الثامن للجزائر خصوصاً في المجالين السياسي والأمني.
دحر الإرهاب
رغم تكوينه الاقتصادي، إلا أن الملف الأمني كان أول ما أشهره الرئيس عبدالمجيد تبون أياماً فقط بعد أدائه اليمين الدستورية في 19 ديسمبر/كانون الأول 2019.
لم ينتظر تبون طويلا بعد دخوله "قصر المرادية" الرئاسي ليعيد تفعيل "اجتماعات المجلس الأعلى للأمن" بـ"شكل دوري"، وهي أعلى هيئة أمنية في البلاد، تضم قادة الأجهزة العسكرية والأمنية، والوزارات السيادية (الخارجية، الداخلية، العدل).
قرار قرأه المراقبون حينها على أنه "رسالة مشفرة وغامضة"، لتكشف الأحداث الأمنية بأن اجتماعات المجلس الأعلى للأمن لم تكن إلا بناء على "معطيات أمنية خطرة لما هو قادم"، وفق تصريحات سابقة لخبراء أمنيين جزائريين لـ"العين الإخبارية".
وخلال العام الثاني من عهد تبون في حكم الجزائر، واصل الجيش الجزائري حربه على فلول الجماعات الإرهابية بمختلف مناطق البلاد، لكن بـ"شكل مكثف"، سرّع خلالها من وتيرة ضرباته الاستباقية والنوعية ضد جماعات الإرهاب التابعة لـ"تنظيم القاعدة" و"نظرائها" من جماعات الجريمة المنظمة.
وعلى مدار عام كامل، تمكنت مختلف الأجهزة الأمنية من اصطياد رؤوس الإرهاب، كان من أخطرهم أولئك القادمون من جبهات نشاط الجماعات الإرهابية بمنطقة الساحل، بقيت معها حدود الجزائر عصية على مخططات إرهاب محيط بخاصرتي الجزائر في شمال مالي وجنوب ليبيا، وفق الخبراء.
كما تمكن الجيش الجزائري من تفكيك عدة خلايا إرهابية وتدمير عشرات المخابئ التي كانت معظمها تخفي أسلحة حربية.
لكن اللافت في الحصيلة الأمنية المعلن عنها من قبل المصالح الأمنية والعسكرية، هي تركيزها على أن "العمليات نجحت بفعل الاستغلال الأمثل للمعلومات الأمنية واعترافات الموقوفين من الإرهابيين".
ويؤكد الخبراء الأمنيون أن المقاربة الأمنية الجزائرية في حربها على الإرهاب "تجددت" بعدما قرر الرئيس عبد المجيد تبون إعادة جهاز المخابرات ليكون فاعلا رئيسياً في تضييق الخناق على ما تبقى من جماعات إرهابية، تعيش أصلا حصارا خانقاً شل تحركاتها منذ عقد كامل.
تعرية إرهاب "رشاد"
هيكلة أمنية "جديدة ومتجددة" أحدثها الرئيس تبون تعدت أهدافها بـ"قطع دابر فلول الإرهاب"، لإعادة قراءة المعطيات الأمنية عن تهديد إرهابي أكثر خطرا من المتحصن في الجبال، وهو خطر إرهاب "رشاد" الإخوانية المتغلغل والممتد في عدد كبير من محافظات البلاد.
ولعل قرار السلطات الجزائرية فلي مايو/أيار الماضي إدراج حركتي "رشاد" الإخوانية و"الماك" الانفصالية على لوائح الإرهاب كان أبرز حصيلة في العام الثاني من ولاية الرئيس عبدالمجيد تبون.
خطوة حظيت بـ"إجماع وطني" غير مسبوق في عهد تبون، بعد سنوات من "التردد الرسمي المثير" في التغاضي عن التحركات المشبوهة للحركتين لـ"زعزعة استقرار البلاد".
وأكد خبراء أمنيون في وقت سابق لـ"العين الإخبارية" بأن الحزم الذي أبدته السلطات الجزائرية ضد التنظيمين الإرهابيين لم يأت إلا بعد "قراءة دقيقة لمعطيات أمنية خطرة عن مخطط إرهابي مدروس يستهدف الجزائر منذ الحراك الشعبي في 2019، تقوده بالدرجة الأولى حركة رشاد الإخوانية عبر خلاياه النائمة لتكرار سيناريو التسعينيات".
لغة التصنيف ترجمتها الصرامة الأمنية في خنق نشاط وتحركات التنظيمين الإرهابييْن، خصوصاً بعد حرائق الغابات المهولة التي ضربت البلاد الصيف الماضي، وأظهرت تكشير "رشاد" الإخوانية و"الماك" الانفصالية عن أنيابهما، وكشف وجههما الإرهابي الحقيقي، بعد أن أكدت السلطات الجزائرية ثبوت تورطهما في جريمة الحرائق.
وبـ"أوامر رئاسية صارمة"، جاء تحرك الأجهزة الأمنية والعسكرية صادماً ومفاجئا للتنظيمين الإرهابييْن، بعد أن تم تفكيك عدة خلايا تابعة لهما في عدد من مناطق البلاد واعتقال العشرات من أتباعهما، وإحباط مخططات إجرامية كانت تنوي تنفيذها، النصيب الأكبر منها كان لحركة "رشاد" الإخوانية، وهي كلها عناوين لـ"يقظة وقبضة أمنيتين".
ملاحقة السلطات الجزائرية لإرهاب "رشاد" و"الماك" تعدى إلى خارج حدود البلاد، بعد أن أصدرت مذكرات توقيف دولية لاعتقال "الرؤوس المدبرة" التي تتبع معظمها مخابرات دول أجنبية.
غير أن الخبراء الأمنيين يؤكدون أن تصنيف "رشاد" الإخوانية تحديدا على لوائح الإرهاب "جنب الجزائر إعادة تكرار سيناريو التسعينيات" الذي كان التنظيم الإرهابي يخطط لجر البلاد نحوه، خصوصاً أن "رشاد" هي "النسخة المتحورة" من "الجبهة الإرهابية للإنقاذ" الإخوانية التي تسببت في مقتل ربع مليون جزائري خلال ما كان يعرف بـ"العشرية السوداء".
طي صفحة بوتفليقة
وخلال العام الثاني من حكم تبون للجزائر، شهدت البلاد موعدين انتخابييْن بارزين، طوت معهما الجزائر مؤسسات النظام السابق أو كما يسميه الجزائريون بـ"آخر قلاع فلول النظام السابق".
إذ أكمل الرئيس عبدالمجيد تبون أجندته السياسية بعد إجراء انتخابات تشريعية في يونيو/حزيران ومحلية في نوفمبر/تشرين الثاني.
وهي الانتخابات التي أفرزت مشهدا سياسياً "قديماً متجددا" لم تعد فيه "أحزاب السلطة"، ودخلت عليه قوى سياسية جديدة أبرزها "المستقلون".
بينما برز إصرار الرئيس تبون على "إنهاء زمن المحاصصة السري" في النكسات والهزائم التاريخية التي ضربت جماعة الإخوان في انتخابات هذا العام، بعد أن فضحت حقيقة "مكانتها السياسية الزائفة" طوال عقود، وكتبت لها سقوطاً مدوياً في عهد سمي بـ"عهد الجزائر الجديدة" التي يبدو أن لا مكان فيها لـ"ألاعيب وإرهاب الإخوان".
aXA6IDMuMTM5Ljg3LjExMyA= جزيرة ام اند امز