الانتخابات الأمريكية.. عمالقة التكنولوجيا أمام امتحان صعب
الضغوط تحاصر منصات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث الأمريكية بعد اتهامات بالتأثير على الانتخابات السابقة
تلقي الانتخابات الأمريكية الماضية التي تم إجرائها في 2016 بظلالها على شركات وسائل التواصل الاجتماعي ومحركات البحث خلال انتخابات أكبر دول في العالم المقرر تنظيمها في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وواجهت شركتي فيسبوك وتويتر على وجه التحديد اتهامات بتحولها إلى منصات لحملة دعائية مصدرها روسيا خلال الحملة الانتخابية التي انتهت بفوز الجمهوري دونالد ترامب.
وخلصت وكالات الاستخبارات الأمريكية في عام 2016 إلى أنّ روسيا كانت وراء محاولة لتقويض ترشح هيلاري كلينتون للانتخابات الرئاسية، من خلال حملة مصرّح بها من قبل الدولة الروسية للقيام بمجموعة من الهجمات الإلكترونية ونشر القصص الإخبارية المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وعلى إثر ذلك تتعرض شركات وسائل التواصل الاجتماعي منذ عدة سنوات لضغوط لمكافحة المعلومات المضللة.
وخلال أخر عامين، دخلت أكثر من شركة تكنولوجية كبرى في خلافات مع الإدارة الأمريكية بعد تلقي اتهامات بتقويض الحملة الدعائية لإدارة الرئيس ترامب، لاسيما تويتر التي أطلقت تحذيرات وعلامات تدقيق في الحقائق بتغريدات ترامب حول بطاقات الاقتراع عبر البريد.
وأصبح الاقتراع عبر البريد قضية خلافية في الفترة المتبقية لإجراء انتخابات، حيث من المتوقع أن يدلي المزيد من الملايين من المواطنين الأمريكيين بأصواتهم عبر البريد بدلا من التصويت شخصيا بسبب جائحة فيروس كورونا.
تويتر وترامب.. صدام محتدم
دخل موقع التدوينات القصيرة تويتر في صدامات متلاحقة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وجه اتهاما صريحة للشبكة الاجتماعية بأنها تتدخل في الانتخابات الأمريكية المقبلة.
واحتدت الخلافات بداية من فترة تفشي فيروس كورونا، بعد أن قيد تويتر التفاعل مع تغريدة لـ "ترامب"، وميزت المنشور بعلامة كونه ينتهك قواعد النزاهة المدنية والانتخابية.
وقال موقع الشركة إن التغريدة تتضمن "مزاعم صحية مضللة قد تثني الناس عن المشاركة في التصويت"، لكنه لن يحذف التغريدة لأنها تتعلق بالمصلحة العامة.
وفي التغريدة، انتقد ترامب بشدة الاقتراع عبر البريد، وزعم أن صناديق البريد، التي تم توفيرها لتسهيل عملية التصويت عبر البريد خلال جائحة فيروس كورونا لم يتم تطهيرها.
وفي 19 يوليو/ تموز الماضي ،عطل تويتر تغريدة بها مقطع فيديو قد أعاد الرئيس الأمريكي تغريدها، حيث تضمن اقتباسات من خطاب تنصيب دونالد ترامب عام 2017، من ضمنها تعهده ببدء نقل السلطة من واشنطن العاصمة وإعادتها إلى الناس.
واستشهدت المنصة الأكثر تأثيرا بين متابعي ترامب بشكوى تتعلق بحقوق النشر، وذلك بحسب قاعدة بيانات (Lumen)، التي تجمع طلبات إزالة المواد عبر الإنترنت.
كما أزال الموقع في يوليو أيضا صورة غردها الرئيس من منصتها، بعد تلقي شكوى بشأن حقوق النشر من صحيفة نيويورك تايمز، التي تمتلك حقوق الصورة.
ووسط هذه الخلافات اتخذ موقع التدوينات القصيرة حزمة إجراءات على مدار الشهور الماضية لتدقيق البيانات والحيلولة دون انتشار المعلومات المضللة.
وقالت جيسيكا هيريرا فلانيجان نائبة رئيس تويتر للسياسة العامة في الأمريكتين، إن الموقع سيركز على تمكين كل شخص مؤهل للتسجيل والتصويت من خلال الشراكات والأدوات والسياسات الجديدة.
وبحسب القواعد الجدية، سيتم حظر مزاعم الفوز السابقة لأوانها من تويتر في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فضلا عن التعامل مع أي تغريدة تدعي مزاعم كاذبة حول تزوير الانتخابات باعتبارها معلومات خاطئة ضارة، أو تدعي إعلان نتائج الانتخابات قبل الأوان.
وقالت تويتر إنها تسعى للمساعدة في وقف انتشار المعلومات المضللة الضارة التي يمكن أن تعرض نزاهة الانتخابات أو أي عملية مدنية أخرى للخطر.
فيسبوك تصعد الحرب
صعدت منصة فيسبوك من حربها على المعلومات المضللة عن الانتخابات الأمريكية، عبر استحداث مركزا لمساعدة المستخدمين بالمواد المتعلقة باستطلاعات الرأي
ودشن موقع التواصل الاجتماعي الشهير مركز معلومات التصويت لمساعدة المستخدمين بمعلومات دقيقة ويسهل العثور عليها عن التصويت أينما كانوا.
وأكدت الشركة في مدونة إنها تتحدث أيضا مع المسؤولين بخصوص المعلومات الخاطئة المحيطة بنتائج الانتخابات باعتبارها تهديدا ناشئا.
هذه الخطوة سبقها تعهد من مارك زوكربرج الرئيس التنفيذي ومؤسس فيسبوك، بمراجعة سياسات المحتوى بعد أن تعرضت الشركة لانتقادات بسبب عدم اتخاذها أي إجراء ضد منشور للرئيس الجمهوري ترامب صنفته شركة تويتر على أنه انتهاك لقواعدها.
وتحركت فيسبوك بمراجعة سياسة مكافحة المعلومات المضللة، بعد أن وجه المرشح الديمقراطي جو بايدن رسالة مفتوحة إلى زوكربرج، دعا فيها الشركة إلى التحقق من صدق إعلانات الساسة خلال الأسبوعين الذين سيسبقان الانتخابات الرئاسية.
وطالب بايدن بمحو فيسبوك للمعلومات المغلوطة المنتشرة على نطاق واسع وأن تكون هناك ضوابط واضحة تطبق على الجميع بمن فيهم دونالد ترامب، تمنع سلوك التهديد والكذب بشأن كيفية التصرف أثناء الانتخابات.
اتهامات ترامب تطول جوجل
لم يبعد عملاق البحث العالمي جوجل من اتهامات دونالد ترامب الذي أعلن أن الشركة تعمل سرا ضده مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو الأمر الذي رفضته المجموعة بشدة.
وقال ترامب إن جوجل سحبت عام 2016 مقالات ضد هيلاري كلينتون من محرك بحثها، في حين أبرزت مقالات أخرى مسيئة له، وهذا تصرف غير شرعي ونحن نراقب جوجل عن كثب.
وأكد الرئيس الأمريكي في تغريدة له على موقع تويتر"إأه استقبل قبل فترة سوندار بيشار رئيس مجموعة جوجل في البيت الأبيض الذي قال أمامه: إنه لا ينوي التدخل بشكل كلي في الانتخابات.
وفي ضوء هذه الاتهامات، علق متحدث باسم جوجل، بأن تغيير نتائج بحث لأهداف سياسية يضر بعملنا ويتعارض مع المهمة التي نقوم بها وهي تقديم مضمون مفيد إلى كل المستخدمين، ونعمل كل ما بوسعنا لتجنب أخذ الآراء السياسية في الاعتبار.
ومع ذلك اتخذت جوجل بعض الإجراءات لتجنب اتهامات التحيز أثناء البحث، ومنها حذف اقتراحات البحث التلقيات أو ما تعرف بتنبؤات الإكمال التلقائي لعملية البحث التي من الممكن تفسيرها على إنها إيماءات لصالح أو ضد أي مرشح أو أي حزب سياسي داخل الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
اختراق مايكروسوفت
لم تقع شركة مايكروسوفت العالمية في نفس خانة اتهامات المرشحين للانتخابات الأمريكية، ولكنها أعلنت مؤخرا محاولة قراصنة تربطهم علاقات مع روسيا والصين وإيران التجسس على أشخاص وجماعات مشاركة في الانتخابات.
وأكدت أن المجموعة الروسية التي اخترقت حملة الحزب الديمقراطي في انتخابات عام 2016 تشن مرة أخرى هجمات إلكترونية.
وبشكل تفصيلي، ذكر توم بيرت نائب رئيس مايكروسوفت المسؤول عن أمن العملاء، أن قراصنة روس من مجموعة سترونتيوم استهدفوا أكثر من 200 منظمة، كثير منها مرتبط بأحزاب سياسية أمريكية".
كما أشار إلى رصد هجمات شنها قراصنة صينيين تستهدف أفرادا مرتبطين بحملة بايدن، بينما عمل متسللون إيرانيون على أستهداف أخرين مرتبطين بحملة ترامب.
ومع ذلك شددت مايكروسوفت أن معظم الهجمات الإلكترونية لم تكن ناجحة.