تصاعد التوتر بالخليج.. إيران تكشف عن دور قطر المشبوه
مساعي إيران للتفاوض مع أمريكا في قطر تكشف عن دعم قطري للسياسات الإيرانية الداعمة للإرهاب والمزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم
دعوة إيرانية للتفاوض مع أمريكا في قطر، بعد أيام من زيارة سرية قام بها وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى طهران، الأمر الذي يكشف من جانب عن استنفار قطري لمحاولة إنقاذ نظام الملالي الإرهابي، ومن جانب آخر عن حالة فزع من نظام الملالي وحلفائه من مغبة المصير الذي ينتظرهم عندما تحين لحظة الحساب.
الدعوة تأتي في ظل تصاعد التوتر في منطقة الخليج العربي، بين الولايات المتحدة وإيران، على خلفية ممارسات إرهابية لنظام ولاية الفقيه ومليشيات تابعة له في الشرق الأوسط، بما يهدد المصالح الدولية والأمريكية.
وتكشف الدعوة الإيرانية والزيارة السرية القطرية عن دعم قطري واضح للسياسات الإيرانية الداعمة للإرهاب والمزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
كما تعكس تناغما علنيا وسريا في المواقف ووجهات النظر وتنسيقا واضحا بين نظام الملالي في طهران وتنظيم "الحمدين" في الدوحة، الأمر الذي يثير شكوكا حول حجم التورط القطري في الجرائم الأخيرة التي ارتكبها نظام طهران وأذرعه ومليشياته في المنطقة، وأثارت انتقادات عربية ودولية، وقوبلت بترحاب وتأييد من قبل إعلام "الحمدين".
دعوة بعد زيارة سرية
ودعا رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بيشة، إلى عقد مفاوضات أمريكية إيرانية في قطر، لتجاوز التوتر بين البلدين.
وغرد بيشه، الجمعة على حسابه الرسمي في تويتر، مقترحاً إجراء حوار مع الولايات المتحدة في ظل التصعيد الحاصل بين البلدين، على أن تستضيف تلك المحادثات المباشرة قطر أو العراق.
دعوة بيشة جاءت بعد أيام من زيارة سرية قام بها وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى طهران.
الزيارة اضطرت الدوحة الكشف عنها، بعد أن كشف موقع "فلايت رادار 24 دوت كوم"، الذي يتتبع الرحلات الجوية حول العالم، وصول طائرة قطرية حكومية إلى طهران.
وأقر وزير الخارجية القطري بزيارة غير معلنة وإجراء مباحثات مع مسؤولين إيرانيين.
وكشفت وسائل إعلام قطرية تابعة لتنظيم الحمدين الحاكم في الدوحة، نقلا عن مسؤول رسمي (لم تفصح عن هويته)، أن آل ثاني التقى نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، بدعوى بحث خفض حدة التوتر في المنطقة، حسب تعبيرها.
فزع مشترك.. ومصالح متبادلة
ويرى خبراء ومراقبون أن إيران عندما تختار قطر مكانا للتفاوض مع أمريكا، فهذا دلالة على قوة التحالف بين البلدين من جانب، وثقة كلا النظامين في بعضهما البعض، كونهما يدركان أن مصالحهما واحدة في دعم الإرهاب وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.
كما لا يستبعد مراقبون أن يكون المقترح الإيراني بإجراء مباحثات إيرانية مع أمريكا في قطر جاء بإيعاز من الدوحة، في مسعى واضح لدعم حليفتها إيران المأزومة على خلفية تصاعد التوتر عسكريا مع واشنطن، ومحاولة أخرى للخروج من عزلتها الدولية المفروضة عليها منذ إعلان الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب مقاطعتها في 5 يونيو/حزيران 2017 لدعمها الإرهاب.
وسواء كان المقترح الإيراني بإيعاز من الدوحة لطهران أو العكس فإن الدلالات واحدة، وتعكس حجم التنسيق الثنائي والتآمر المشترك.
أيضا يعكس العرض الإيراني حول التفاوض مع أمريكا حالة فزع من نظام الملالي وحلفائه من مغبة المصير الذي ينتظرهم، مع إرسال الولايات المتحدة تعزيزات عسكرية إلى الخليج العربي، وإعلان السعودية ودول خليجية الموافقة على طلب أمريكي بإعادة نشر قواتها بمياه الخليج لمواجهة إيران، بحسب ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط"، اليوم السبت، نقلا عن مصادر خليجية مطلعة.
وقالت المصادر إن الموافقة جاءت بناء على اتفاقات ثنائية بين الولايات المتحدة من جهة، ودول خليجية من جهة أخرى؛ حيث يهدف الاتفاق الخليجي - الأمريكي إلى ردع إيران عن أي اعتداءات محتملة قد تصدر منها، بفعل سلوكياتها المزعزعة لأمن المنطقة واستقرارها.
ورغم أن المصادر ذاتها أكدت أن الدافع الأول لإعادة انتشار القوات الأمريكية في دول الخليج هو ردع إيران عن أي محاولة لتصعيد الموقف عسكرياً ومهاجمة دول الخليج أو مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، وليس الدخول في حرب معها، فإن تصرفات إيران وأذرعها ووكلائها غير المحسوبة تنذر بتطور الأحداث في أي وقت.
هذا الفزع القطري والخوف على إيران من أن تقوم أمريكا بتوجيه ضربة موجعة لها تجسد بشكل واضح في تغريدات حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر السابق وأحد عناصر تنظيم "الحمدين" الذي يدير سياسة قطر حتى الآن، الذي انبرى في تغريداته مدافعا عن طهران في ظل التوتر الحاصل، ومهاجما دول الخليج التي تحاول كبح جماحها.
من هنا، يبدو أن قطر، التي افتضح أمر إرهابها بعد مقاطعة الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب لها في ٥ يونيو/حزيران عام 2017، لا تزال تصر على تقديم فروض الولاء والطاعة لنظام حليفتها طهران المتورطة بتنفيذ مخططات تخريبية إقليمياً ودولياً.
لذلك لم يكن غريباً أن تعلن قطر، مطلع مايو/أيار الجاري، رفضها العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران من أجل التصدي لإرهابها وسلوكها العدائي في المنطقة ودعم المليشيات المسلحة لإثارة الفوضى، وكذلك بعد أقل من شهر من رفضها قرار واشنطن بتصنيف "الحرس الثوري" الإيراني منظمة إرهابية، ثم تهب لنجدة إيران عبر زيارة سرية لوزير خارجيتها.
يأتي هذا الفزع الإيراني القطري في ظل تواتر حديث عن تورط طهران ووكلائها في تعرض 4 سفن قرب المياه الإقليمية للإمارات إلى أعمال تخريبية الأحد الماضي، فضلاً عن الهجوم الذي تعرضت له محطتا ضخ بترول في السعودية بعدها بيومين.
لذا فإيران، بدعم قطري، ترغب من التفاوض، فضلا عن محاولة النجاة بأفعالها، محاولة فتح طريق للحوار مرة أخرى مع الولايات المتحدة، للعودة مرة أخرى للاتفاق النووي أو على الأقل محاولة تخفيف آثار العقوبات الأمريكية عليها.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد هدد، الخميس، باتخاذ مزيد من الخطوات ضد إيران في حال عدم تغيير سلوكها، بحسب ما أكده البيت الأبيض.
وأشار الرئيس ترامب، الأربعاء، إلى أن إيران سوف ترضخ للضغوط، قريبا وستطلب بدء حوار مع الولايات المتحدة، رغم التوتر المتصاعد بين البلدين.
وشددت واشنطن من العقوبات المفروضة على طهران، كما تم تصنيف مليشيا الحرس الثوري منظمة إرهابية على القوائم الأمريكية.
وبعد عام من إعلان واشنطن انسحابها من اتفاق إيران النووي المبرم في 2015، أعلنت طهران في 8 مايو/أيار تعليق العمل ببعض الالتزامات الواردة فيه.
في اليوم نفسه، شددت واشنطن عقوباتها على الاقتصاد الإيراني، وأعلن البنتاجون إرسال سفينة حربية وبطاريات باتريوت إلى منطقة الخليج إلى جانب حاملة الطائرات العملاقة "لينكولن" لردع أي هجوم إيراني محتمل.
قاعدة العديد.. وصفعة أمريكية
وإضافة للخروج من عزلتها، ترغب الدوحة في إنقاذ إيران وتفادي أي إحراج لها بعد وصول وحدة من قاذفات B-52 الأمريكية، إلى قاعدة "العديد" في قطر، ضمن التعزيزات العسكرية الأمريكية لردع نظام طهران عن القيام بأي اعتداء على المصالح الأمريكية في المنطقة، وهو ما يعني أن الانطلاقة لتوجيه ضربات لإيران، حال تصاعد التوتر، ستكون من قلب حليفتها قطر، وهو ما يثبت أن وجود قاعدة أمريكية لا يعني حماية نظام الحكم في الدوحة، بل هي قاعدة للاستخدام الأمريكي لا القطري.
وتوجد في قطر قاعدة العديد الجوية الأمريكية التي تقع على بُعد 30 كم جنوب غرب العاصمة القطرية الدوحة، وتعد أكبر قاعدة جوية أمريكية في الخارج، وواحدة من أهم القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج.
ويتمركز بها نحو 11 ألف عسكري أمريكي، غالبيتهم من سلاح الجو، وتضم القاعدة المقرات الرئيسية لكل من القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية والمركز المشترك للعمليات الجوية والفضائية والجناح الـ379 للبعثات الجوية.
وبدأ الأمريكيون في إدارة القاعدة منذ عام 2001، وفي ديسمبر/كانون الأول 2002 وقعت الدوحة وواشنطن اتفاقا يعطي غطاء رسميا للوجود العسكري الأمريكي في القاعدة.
وبالتالي فإن التحركات الأمريكية من القاعدة، على غير إرادة قطر، ستشكل صفعة قوية ليس لطهران فحسب بل لحليفها تنظيم "الحمدين" أيضا.
aXA6IDMuMTQ1LjkyLjk4IA== جزيرة ام اند امز