من يتتبع السياسة القطرية في العقدين الأخيرين يجد أن الأدلة تتوالى على علاقة قطر بتنظيمات إرهابية، بدءا من «القاعدة» وانتهاء بـ«داعش».
من يمعن النظر في الأزمة القطرية الراهنة يجد أن اتهام قطر بدعم الإرهاب ذو وجهة أو حجية، تتعدى ما تزعمه الدوحة من أن كل ما يوجّه إليها من اتهامات ذرائع لتبرير ما يُتخذ ضدها من إجراءات، بغية تحقيق أهداف أخرى لا علاقة لها بالحرب على الإرهاب، أو التصدي للتطرف الديني!
ومن الطبيعي في سياق الصراع السياسي الدائر ألا تقر الدوحة بأفعالها، ومن المتوقع في إطار الدعاية السياسية المتبادلة، التي ترتفع لتصل إلى الحرب النفسية، أن ترمي الدوحة غيرها بما فيها، أو على الأقل تنفي عن نفسها ما تُتهم به، حتى لو تراكمت الدلائل والحجج والبراهين عليه، وكانت ناصعة دامغة جلية كصفحة السماء في يوم صيف قائظ.
لكن من يمعن النظر في علاقة حكم قطر الحالي بالإرهاب، يجد أولا أن تاريخ قطر لا يخلو من تلك المقامرات، التي تنبو أحيانا عن السياسات الخليجية العامة، ولا سيما في الفترة التي أعقبت انسحاب بريطانيا من المنطقة، وأن بعض هذه المغامرات والمقامرات كان عبارة عن تحالف ظاهر مع قوى أو أطراف تشكل خطرا داهما على الأشقاء والجيران.
من يُمعن النظر في علاقة حكم قطر الحالي بالإرهاب؛ يجد أولا أن تاريخ قطر لا يخلو من تلك المقامرات، التي تنبو أحيانا عن السياسات الخليجية العامة، ولا سيما في الفترة التي أعقبت انسحاب بريطانيا من المنطقة.
كما يجد من يتتبع السياسة القطرية في العقدين الأخيرين عن كثب أن الأدلة تتوالى على علاقة قطر بتنظيمات إرهابية، بدءا من «القاعدة» وانتهاء بـ«داعش»، وهي مسألة اعترف بها رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جبر بن جاسم آل ثاني في حوار شهير مع شبكة «سي إن إن» في الأيام الأولى للأزمة القطرية الراهنة، حين قال إن بلاده اتصلت بـ«القاعدة» بناء على ترتيب مع الولايات المتحدة الأمريكية. وقد استمر هذا الاتصال وأخذ 6 أشكال:
1- التمويل: قدمت الدوحة مالا كثيرا للتنظيمات الإرهابية على مدار عقدين من الزمن على الأقل، سواء من خلال الحكومة الرسمية أو الموسرين والجمعيات الدينية التي تعمل تحت غطاء «خيري». وبذلك تمنح الدوحة عبر مصارفها وقنواتها الرسمية الحصانة لممولي الإرهاب، وترفض اتخاذ إجراءات صارمة بحق القطريين الذين يشتبه في تمويلهم للأعمال الإرهابية.
وقد توجه قسم كبير من التمويل القطري، الرسمي والشعبي، في السنوات الأخيرة إلى «جبهة النصرة» (فتح الشام) وتنظيم «داعش». كما تم تقديم الفدى المالية بما يصل لعشرات الملايين من الدولارات، لهذه الجماعات، التي كانت تعتمد على الخطف والارتهان وسيلة لتمويلها، من أجل الإفراج عن المختطفين. وهناك شكوك عميقة في قيام اتفاق بين المخابرات القطرية وتلك الجماعات على اتباع هذا الأسلوب، لتسهيل عملية التمويل هذه.
2- التأمين: تستضيف قطر 12 شخصا يجمعون مئات الملايين من أجل الإرهابيين، ومن جانب آخر تحتضن على أراضيها أكثر من 100 شخصية متطرفة منهم مقاتلون أفغان. وفي هذا الإطار، وعلى سبيل المثال لا الحصر، قدمت الدوحة بيتا آمنا لأبي مصعب الزرقاوي زعيم «تنظيم القاعدة في العراق» أثناء سفره بين كابول والدوحة، وأمدته ومن معه بجوازات سفر قطرية، علاوة على مليون دولار دعما أوليا لجماعته.
3- الترويج: صارت للتنظيمات المتطرفة والإرهابية منصات إعلامية احترافية متمثلة في «شبكة الجزيرة» التي أطلت عليها وجوه قيادات الجماعات الإرهابية عبر حوارات مطولة متلفزة، وتم بث أخبار هذه الجماعات بطريقة تظهرها وكأنها في موضع حركات النضال أو المقاومة أو التحرر! فضلا عن استضافة منتظمة لشخصيات ذات صلة بالمشروع السياسي للجماعات والتنظيمات المتطرفة.
4- التخطيط: قامت المخابرات القطرية بتقديم تصورات وخطط لهذه الجماعات الإرهابية المقاتلة ولا سيما في سوريا والعراق وليبيا. وشارك عسكريون قطريون محاربي هذه الجماعات في ميادين القتال، لا سيما في الحالة الليبية، بغية تحقيق أهداف قطر، وهي تتعلق في ليبيا بممارسة ضغوط على الجيش المصري من الجبهة الغربية، وكذلك في سيناء، أو في الحالة السورية لتحقيق المشروع القطري التركي المرتبط بمد خط غاز قطري عبر الأراضي السورية إلى أوروبا، بعد تفكيك الدولة وسيطرة «داعش» على قسم كبير منها.
5- التوسط أو الوكالة: لعبت قطر دور القنطرة أو همزة الوصل بين هذه الجماعات وبعض المخابرات الغربية، على رأسها الـ«سي. آي. إيه»، وذلك لتسهيل توظيف هذه الأجهزة للجماعات الإرهابية في تحقيق أهداف تلك الدول.
6- التوظيف: دعمت إمارة قطر المنظمات الإرهابية لتحقيق هدف مزدوج هو: الوقاية من شر الوقوع في بنك أهدافها، وتوظيفها في تعزيز نفوذ قطر إقليميا، والقيام بالدور الذي رسمته دول كبرى للدوحة.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة