كان عام 2022 مليئا بالأحداث المهمة على أصعدة مختلفة، منها ما يشكل منحنياتٍ فارقة في تاريخ البشرية.
فالمناوشات الروسية الأوكرانية في السابق أضحت حربا طاحنة خلفت آلاف الضحايا والمهجرين واللاجئين، كما شهدت المملكة المتحدة وفاة ملكتها إليزابيث، والتي صادفت فترتها أزماتٍ سياسية عصفت برئيسة الحكومة ليز تراس، بعد 44 يوما من توليها منصبها، نتيجة سياساتها المالية في مواجهة أزمة التضخم وغلاء الأسعار.
ولم تكن مشكلة التضخم حكرا على المملكة المتحدة وحدها، بل ظاهرة امتدت آثارها على كل الاقتصادات الكبرى، منذرة بركود اقتصادي عالمي وشيك.
أما عالم الإرهاب ومكافحته، فلم يكن بمعزل عن الأحداث الهامة خلال عام 2022، الذي لم يخلُ من الهجمات وعمليات مكافحة الإرهاب، واختلطت فيه النجاحات بالإخفاقات، فلا ننسى الاعتداء الإرهابي الذي نفذته مليشيات "الحوثي" على منشآت مدنية في دول الجوار اليمني مطلع العام الماضي، الذي أثبت خطورة هذه المليشيات على الأمن الإقليمي، وشكل اختبارا حقيقيا لجدية المجتمع الدولي في مواجهة هذه المليشيات.
ولعل مقتل زعيم تنظيم "القاعدة" الإرهابي أيمن الظواهري في غارة جوية في العاصمة الأفغانية، كابول، قد تصدر قائمة عمليات مكافحة الإرهاب، كذلك تصفية الزعيم الثاني لتنظيم "داعش" الإرهابي، أبو إبراهيم القرشي، بالإضافة إلى إلقاء السلطات التركية القبض على بشار الصميدعي، المشهور بلقب "حجي زيد"، والذي يعتبر أهم قادة "داعش"، والمرجح أنه زعيمهم الثالث، كما تضمنت عمليات مكافحة الإرهاب استهداف قادة مهمين في التنظيمات التابعة لتنظيمي "القاعدة" و"داعش" في دول المغرب والساحل الأفريقي، والتي جعلت هذه التنظيمات في وضع دفاعي -على الأقل- في الفترة الحالية.
في نهايات عام 2022 أحبطت قوات الأمن الألمانية محاولة انقلاب يدعمها اليمين المتطرف في إحدى أكبر عمليات مكافحة الإرهاب، التي شهدتها أوروبا.
ومن أبرز سمات الإرهاب في عام 2022 أن الجماعات المتشددة انحسر نشاطها في إطارها ونطاقها الجغرافي المحلي، وضعفت فيه التنظيمات المركزية كـ"القاعدة" و"داعش"، واستقوت فيه الجماعات الإرهابية والفصائل المنضوية تحت لوائها، خصوصا في القارة الأفريقية.
أيضا شاهدنا صعودا لحركات اليمين المتطرف عالميا، حيث استطاعت نشر دعايتها أثناء الجائحة، مستغلة مشاعر الخوف والقلق وعدم الثقة وسهولة انتشار نظريات المؤامرة وغياب إطار قانوني موحد لمواجهة هذا النوع من التطرف العنيف.
عموما، ليس من السهل التنبؤ بشكل الإرهاب على المدى القصير، لكن هناك عوامل ومحفزات ستلعب دورًا في رسم ملامح الجماعات المتطرفة، ومنها ما قد يكون له أثر الفراشة في واقع الإرهاب ومستقبله، منها الحرب الروسية الأوكرانية وما يتبعها من تدفق للسلاح والمقاتلين المتطوعين من دول أخرى وكوارث إنسانية لضحايا ولاجئي هذه الحرب، كما أن تخفيف قيود السفر بين الدول بعد التعافي من الجائحة من شأنه تسهيل حركة الإرهابيين، إضافة إلى الركود الاقتصادي العالمي الوشيك الذي سيرفع نسب البطالة وسيفتح معه بابا لتبني وانتشار خطابات التطرف بشتى أنواعها.
ولا يمكن إغفال الأنشطة التخريبية التي يقوم بها نشطاء حماية البيئة، التي قد ترتفع حدتها وخطورتها لتدخل دائرة التطرف العنيف، فيما لن ترفع الجماعات الإرهابية راية الاستسلام، فملف الإرهاب سيبقى ساخنا هذه السنة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة