أدانت دولة الإمارات العمل الإرهابي، الذي وقع مؤخرًا بمدينة الإسماعيلية المصرية، وأدى لاستشهاد 3 من قوات الأمن وإصابة 11 بينهم مدني.
وقد أعلنت دولة الإمارات دعمها وتأييدها للإجراءات التي تتخذها الحكومة المصرية لحماية سيادتها وأمنها.
وإذا كانت الإدانة الإماراتية ودعمها الحكومة المصرية يأتيان في سياق مواقف السياسة الخارجية الإماراتية الثابتة والراسخة في مواجهة الإرهاب في كل أنحاء العالم، فإن هناك أمرا جديدا في هذا الحادث جدير بالتوقف عنده لفهم مسار هذه الهجمات الإرهابية، وهو أن الهجوم وقع قرب مسجد في منطقة سكنية بقلب محافظة الإسماعيلية، وهي المرة الأولى منذ سنوات يرتكب فيها الإرهابيون جرائمهم خارج النطاق الجغرافي لشبه جزيرة سيناء.. ما يؤكد مأزق الإرهاب في سيناء بعد أن تمت تصفية معظم بؤره وتشتت عناصره، ما دفع هؤلاء الجبناء إلى الهروب من ملاذاتهم الجبلية نحو مناطق سكنية وحضرية متاخمة لسيناء.
هذا الأمر يعني انكشاف أولئك الإرهابيين سريعا، وبالتالي القضاء على ما يظهر منهم لاحقا أولا فأولا.. وإن كان هذا لا يعني بالضرورة القضاء الكامل على الإرهاب وانتهاء عملياته القذرة وممارساته الوحشية بحق الأبرياء.
هنا يكمن المغزى، وهو استمرار وتكيف الظاهرة الإرهابية مع مختلف الظروف والمستجدات.. فقد ينكمش الإرهاب أو يكمن لفترة، وقد يتلوّن ويتحايل على تضييق الخناق وانسداد الطرق أمامه.. لكنه يظل دائما قادرا على العودة والظهور مجددا، سواء أضعف أو أشرس مما كان، وربما هذا ما توضحه عمليات تنظيم "داعش" الإرهابي الحالية في عدد من مناطق العالم.
نقطة أخرى جديرة بالحديث عنها، وهي أن الإرهاب لا يتأتى إلا بنوازع متعلقة بأفراد خرجوا على الطبيعة البشرية، وترجمتها أعمالهم وسلوكياتهم الخاطئة، وأن تلك النوازع أو الرغبات عادة ما تجد في النفس البشرية المريضة ما يُغذيها ويتوافق معها.. فالمذابح التي راح ضحيتها بضعة ملايين في رواندا وبوروندي في التسعينيات من القرن الماضي، كانت دوافعها عرقية.. وعمليات الإبادات الجماعية لملايين البشر تذرعت أحيانا بأفكار ودوافع اقتصادية.
الفكرة أن الإرهاب لا يخلو من الحجج والدوافع العنصرية، وجرائمه كثيرة ولا تُحصى، خصوصا بسبب تنامي الفكر اليميني المتطرف في أنحاء مختلفة من العالم.
وأحدث هذه الجرائم العنصرية، مقتل ثلاثة أكراد قبل أيام في قلب العاصمة الفرنسية، باريس، على يد شخص فرنسي عنصري له سجل جنائي ضد المهاجرين الأجانب.
أما الجماعات الإرهابية مثل "القاعدة" و"داعش" وغيرهما، فواجهتها المتطرفة تُخفي أهدافا سياسية ومصالح اقتصادية.. وتجسد صراعات بالوكالة بين أطراف تصنع هذه الجماعات والتنظيمات وتقف وراءها، وأطراف أخرى مستهدفة بها.
على العموم، فإن الإرهاب ينتقل من مستوى إلى آخر، ومن منطقة إلى غيرها، وتتفنن الجماعات الإرهابية في استحداث وسائل وأساليب وأدوات الدمار، حتى صار الإرهاب صناعة لذوي النفوس المخربة.. فتتقاطع مصالح من يبيع السلاح ومن يستخدمه، مع أهداف من يزرع الفكر المتطرف في عقول الشباب ويرعاه، فتتشكل منظومة إرهابية متكاملة فكرا وعملا.
ويبقى أن أي تراجع أو محاولة اختباء للإرهاب والإرهابيين عملا أو فكرا، ليس إلا هدنة مؤقتة و"تُقية" تفرضها عليهم الملاحقة ووقوف العالم كله ضدهم.. وفي أول فرصة يندفعون مجددا إلى مزيد من التخريب والدمار.. إنه الصراع الأبدي بين الحق والباطل، الخير والشر، الأمان والإرهاب، الحياة والموت.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة