الإرهاب في 2023.. مخاوف من العودة ودعوات لمواصلة الضغط
اعتبر باحث أمريكي أن السمة الأبرز للإرهاب في 2023 ستكون تنوعه، الذي تعكسه المجموعة الواسعة من الأيديولوجيا والشكاوى التي تحفز الهجمات.
وقال كولين كلارك، الزميل الأقدم غير المقيم ببرنامج الأمن القومي بمعهد أبحاث السياسة الخارجية، إن تنظيم داعش أكبر تهديد إرهابي منذ حملة مكافحة الإرهاب العالمي للقضاء على تنظيم القاعدة خلال السنوات التي تبعت هجمات 11 سبتمبر/أيلول، ضعف في العراق وسوريا، بخسارة اثنين من أمرائه في 2022.
لكن خارج الشام تظل الجماعات التابعة لداعش الإرهابي قوية، لا سيما في الساحل الأفريقي وجنوب آسيا، حيث يشن داعش ولاية خراسان تمردا عنيدا ضد حركة طالبان، ونفذت الجماعة هجمات كبيرة على المصالح الروسية والصينية في أفغانستان.
ورأى كلاك، خلال تحليل منشور بمعهد أبحاث السياسة الخارجية، أن النجاحات التي حققتها جهود مكافحة الإرهاب الغربية قد لا تكون مستدامة بدون التزام قوي بمواصلة العمل مع الشركاء على الأرض لضمان عدم إعادة تشكل تلك الجماعات.
وقال الزميل الأقدم، بدون الضغط المستمر للولايات المتحدة والحلفاء، يرجح أن ينجح داعش والقاعدة والجماعات التابعة لهما في إعادة بناء شبكاتهم بمنطقة الشرق الأوسط وخارجها.
وفي حين أنجزت الولايات المتحدة وشركاؤها بالتحالف عملا مثيرا للإعجاب في تدمير "الخلافة" بالشرق الأوسط، تعتبر أفريقيا جنوب الصحراء مركز الجاذبية لإرهاب المتطرفين، بحسب كلارك.
وفي غرب أفريقيا، تتنافس جماعة نصر الإسلام والمسلمين المرتبطة بالقاعدة وتنظيم داعش ولاية غرب أفريقيا على الموارد والمجندين، ويتركون، في غضون ذلك، دمارا هائلا في أعقابهم.
وطبقا لمؤشر الإرهاب العالمي، أصبحت منطقة الساحل "أشد عنفا على نحو متزايد على مدار الـ15 عاما الماضي، حيث زادت الوفيات بأكثر من ألف بالمئة بين عامي 2007 و2021".
انعدام واستقرار
ورأى كلارك أنه بالنظر إلى الحدود غير المحكمة وانعدام الاستقرار السياسي ومجموعة من المظالم الاجتماعية الاقتصادية، من المتوقع أن تظل المنطقة نقطة اشتعال بالمستقبل المنظور.
وقال إنه بينما تزيد دول مثل فرنسا والولايات المتحدة من بصمتها لمكافحة الإرهاب بالخارج، وتحويل التركيز إلى منافسة القوى العظمى مع روسيا والصين، قد يمنح ذلك الجماعات الإرهابية في أفريقيا الفرصة لتوسيع نفوذها والسيطرة على مزيد من الأراضي.
وفي جانب آخر من القارة، ما زالت حركة الشباب تمثل تهديدا خطيرا وربما تتطلع إلى توسيع عملياتها خارج الصومال والمنطقة المجاورة، موجهة أنظارها نحو مزيد من الطموحات العالمية.
وألقي القبض على اثنين من مسلحي الشباب في الفلبين على مدار الأعوام الماضية، ووجهت إليهما تهمة محاولة التخطيط لهجمات "على غرار 11 سبتمبر" باستخدام الطائرات. وإذا رأت جماعة إرهابية أفريقية فرصة لاكتساب الزخم، ومع أموالها ومجنديها، قد تجعل من مهاجمة الأهداف الغربية أولوية قصوى.
ورجح الخبيران في شؤون الإرهاب بروس هوفمان وجاكوب وير مؤخرا، أنه في فترة ما بعد أيمن الظواهري، يرجح أن يعيد تنظيم القاعدة التركيز على استهداف السفارات والقنصليات والوجهات السياحية والطيران التجاري.
وقال كلارك إن أحد الاتجاهات الحديثة لاستقطاب الانتباه هو مفهوم "التطرف العنيف والإرهاب لما بعد التنظيم"، أو (POVET)، والذي أشار إليه مع بروس هوفمان خلال ورقة بحثية نشرت في يوليو/تموز عام 2020 عن الإرهاب الداخلي بالولايات المتحدة، حيث سلطا الضوء على "عدم الجدوى المتزايدة أو الهيكل التنظيمي".
وأشار إلى استمرار هذا الاتجاه؛ حيث شن بايتون جندرون في مايو/أيار عام 2022 هجوما إرهابيا مدفوعا بدوافع عنصرية على أحد المتاجر بمنطقة من مدينة بوفالو في ولاية نيويورك يقطنها في الأساس الأمريكيون من أصل أفريقي، لافتا إلى أن جندرون كان متأثرا، على الأقل جزئيا، بنظرية الاستبدال العظيم.
وأوضح كلارك أن "إرهاب ما بعد التنظيمات" يمثل تهديدا جديدا على سلطات إنفاذ القانون ووكالات الاستخبارات، فبدون وجود جماعة فعلية لا يوجد مقر فعلي للمراقبة أو تنظيم للتسلل إليه، كما يقل احتمال وقوع تسريبات – مثل شخص داخل المنظمة يناقش مسبقا تفاصيل المؤامرة.
ورأى أن ذلك يتماشى مع مفهوم المقاومة بلا قيادة، والمصممة لحماية قيادة الشبكات الإرهابية من الرصد أو الاعتقال. ومع ذلك، يفتقر الإرهابيون الذي لا يمتلكون تنظيمات إلى شبكات الدعم واللوجستيات الموجودة لدى الجماعات الإرهابية، وبالتالي يكونون أكثر محدودية في حجم الضرر الذي يمكن أن يتسببوا فيه.
ومع ذلك، وبما أن الهدف من الإرهاب نفسي إلى حد كبير، يمكن حتى لطرف منفرد لديه أسلحة متطورة إحداث فوضى على نطاق واسع.
ولفت إلى عودة الإرهاب الذي ترعاه الدولة، موضحا أن دعم الشبكات العالمية للوكلاء الإرهابيين يشكل حجر أساس بالسياسة الخارجية والأمنية الإيرانية، فضلا عن التكنولوجيا الناشئة التي توفر للإرهابيين والمتطرفين العنيفين خيارات لا تحصى، والتي لم تكن متوفرة لهم في الماضي.
ورأى أن ذلك يتماشى مع مفهوم المقاومة بلا قيادة، والمصممة لحماية قيادة الشبكات الإرهابية من الرصد أو الاعتقال.