من حق دولنا العربية والخليجية منها تحديدا استغلال الظروف السياسية والدولية للضغط على النظام الإيراني بالقوة لاحترام سيادة الدول
"إيران دولة مسلمة ومن حقها امتلاك الطاقة النووية، وأنا أؤيدها في ذلك، وأقف ضد من يعارضها، وإذا تمت مهاجمتها فإنني مستعد للقتال دونها".
هذا تصريح لمفتي الإرهاب يوسف القرضاوي خلال استضافته في برنامج "في الصميم" على قناة بي بي سي البريطانية في فبراير 2009.
إن كانت هناك رسالة توجه لمن يحاول أن يزايد علينا في الاستعانة بالحلفاء والاستقواء بالآخر كما يدّعون، فنقول لهم إن كانت لديكم الشجاعة وترغبون في التعبير عن تضامنكم مع نظام طهران فإن أصوات محركات طائرات "بي 52" باتت تسمع في غرف نومكم، فلتكن لديكم الشجاعة في الاعتراض عليها في عقر داركم
استحضرت هذا التصريح من الذاكرة بالتزامن مع الجدل الذي يدور في مناقشات المتابعين لما تطرحه قناة الجزيرة في دفاعها عن النظام الإيراني، ومحاولتها تضخيم القدرات العسكرية والقتالية للحرس الثوري الإيراني، هذا الطرح الذي تحاول من خلاله "الجزيرة" بث الرعب في كل من يحاول أن يفكر في مواجهة نظام طهران، وإيقافه من العبث باستقرار المنطقة وأمنها، يعلم الجميع أن "الجزيرة" وأخواتها إنما يهدفون من خلال بث هذه التقارير إلى رفع الروح المعنوية المنهارة لدى أولئك المخدوعين بشعارات "محور المقاومة والممانعة" الذي ترعاه طهران، تلك المعنويات التي انهارت بعد انكشاف مدى هشاشة النظام الذي بات يترنح بفعل العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه من الإدارة الأمريكية، والارتباك الذي لاحظه الجميع على قيادات الحرس الثوري منذ الإعلان عن تحرك الأساطيل الأمريكية باتجاه المنطقة.
السؤال المطروح هنا، ألم تكن الجزيرة وأبواق الإخوان هي ذاتها التي كانت تطالب الشعب السوري بأن يواجه مليشيات طهران بالصدور العارية؟ أليست هي ذات المنصة الإعلامية التي تطالب العراقيين بأن يحافظوا على عروبة العراق من أن تتخطفه إيران بنفوذها السياسي والعسكري والاقتصادي؟ ألم ينادِ رموز الإخونجية في الساحات وعلى المنابر الحكومات العربية بأن تتحرك لمواجهة المد الإيراني الذي يتغلغل في الوطن العربي؟ أين ذهبت كل تلك الشعارات؟ أم أنها كانت فقط للتحريض على الحكومات العربية واتهامها بالضعف والهوان والخيانة حسب تعبيرهم؟
اليوم.. تتصدر المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية وعدد من الدول العربية المشهد الإقليمي في تشكيل حشد دبلوماسي وحقوقي وإعلامي للضغط على النظام الإيراني، لكي يلتزم بما تمليه عليه القوانين والأعراف باحترام دول الجوار والتوقف عن التدخل في شؤونها الداخلية، وقبل ذلك كله التخلي عن مفهوم "تصدير الثورة" والتعامل مع المجتمع الدولي بمنطق الدولة التي تحترم المواثيق وتسعى لرفاهية واستقرار شعبها عبر استغلال الموارد المالية الناتجة عن تصدير النفط في برامج التنمية، بعيدا عن صرفها على مليشيات إرهابية تنشر الفوضى والقتل في المنطقة.
لقد شكّل فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية عام 2016 نقطة تغيّر لا يمكن تجاهلها في السياسة الأمريكية تجاه نظام الملالي في طهران، والذي دون شك ودّع تلك الأيام الخوالي التي عاشها خلال فترة الرئيس أوباما وما تخللها من اتفاقات واجتماعات منحت نظام طهران سيولة لم يكن يحلم بها، سخّرها في تسليح مليشيات عاثت في أوطاننا العربية قتلا وتهجيرا.
من حق دولنا العربية والخليجية منها تحديدا استغلال الظروف السياسية والدولية الراهنة للضغط على النظام الإيراني، وإرغامه بالقوة على احترام سيادة الدول والتوقف عن تصدير ما يسمى بـ"الثورة" وتأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية في المنطقة، وفي الوقت ذاته فإننا نؤكد أننا لسنا دعاة حرب أو قتال، ولكن من حقنا أن نستخدم كل الوسائل والتحالفات والاتفاقيات الدولية والثنائية مع الأصدقاء والحلفاء للذود عن أمن وسلامة أوطاننا وشعوبنا.
إن كانت هناك رسالة توجّه لمن يحاول أن يزايد علينا في الاستعانة بالحلفاء والاستقواء بالآخر كما يدّعون، فنقول لهم إن كانت لديكم الشجاعة وترغبون في التعبير عن تضامنكم مع نظام طهران فإن أصوات محركات طائرات "بي 52" باتت تسمع في غرف نومكم، فلتكن لديكم الشجاعة في الاعتراض عليها في عقر داركم، بدلا من التحريض والمزايدات التي باتت مكشوفة للجميع.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة