الحركات الإرهابية في العالم.. خريطة النفوذ والصراع وحدود التدخل
يظل الإرهاب واحدا من أكبر التهديدات منذ عقود، لكن الملف لم يرتق إلى قمة الأجندة السياسية العالمية قبل أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001.
ورغم الأهمية المتزايدة التي يحظى بها الملف سياسيا، تختلف تعريفات الإرهاب ويأخذ صناع السياسات في الاعتبار ما إذا كانت التهديدات الإرهابية تنشأ من الداخل (إرهاب داخلي) أو من الخارج (إرهاب دولي).
ويعرف مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) الإرهاب على أنه أعمال عنيفة وإجرامية يرتكبها أفراد أو مجموعات لتحقيق أهداف أيديولوجية نابعة من تأثيرات سياسية أو دينية أو اجتماعية.
وبمرور الأعوام، ربط الكثيرون خاصة في الغرب بين الإرهاب والإسلاميين المتطرفين، إلا أنه وفي خضم الصعود الذي تشهده دول الغرب للتيارات المتطرفة، بدأت عمليات مكافحة الإرهاب تتجه إلى الداخل.
فبدأ الاهتمام داخل الولايات المتحدة بالتهديد المتزايد للتطرف اليميني الداخلي من قبل مجموعات مثل العنصريين البيض والنازيين الجدد، والمؤمنين بنظريات المؤامرة مثل "كي آنون".
وفي ألمانيا، تنفذ قوات الأمن بين الحين والآخر، عمليات مداهمة واعتقال لعدد من ناشطي حركة "الرايخ" التي ترفض الاعتراف بالدولة وتعتنق أفكارا متطرفة تعود لفترة النازية.
كما أن روسيا تقول بوضوح إن أهم أهداف حربها في أوكرانيا، هو مواجهة القوميين الأوكرانيين التي تصنفهم "إرهابيين".
ومع ذلك، تبقى جماعات التطرف مثل "القاعدة" و"داعش" هي الأبرز والتي تثير اهتمام الدول والمنظمات الدولية والخبراء والمحللين في ظل توغلها في أفريقيا وآسيا.
وفي أغسطس/آب الماضي، أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف، أن التقدم في استهداف الموارد المالية لداعش وكوادره القيادية، بما في ذلك مقتل زعيم التنظيم في وقت سابق من العام، كان له تأثير كبير على قدرته على العمل في العراق وسوريا وأماكن أخرى.
وتابع أن جهود مكافحة الإرهاب دفعت "داعش"، لأن "يسير على خطى تنظيم القاعدة"، حيث انتقل لبناء هياكل لا مركزية وأقل هرمية وأكثر شبكية.
وأضاف: "على الرغم من عدم وجود أدلة تذكر على أن القيادة الأساسية لداعش تمارس القيادة والسيطرة على الفروع الإقليمية إلا أن روابط مالية ودعائية واتصالات أخرى لا تزال سارية".
المسؤول الأممي شدد على أن تنظيم "داعش" لا يزال "يمثل تهديدا خطيرا في مناطق الصراع والدول المجاورة"، مشيرا إلى أن "التوسع المستمر للتنظيم في أجزاء من أفريقيا لا يزال يثير قلقا عميقا".
ويؤدي التراجع في جهود مكافحة الإرهاب والصراعات المحلية إلى تزايد التهديد الإرهابي في جميع أنحاء أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا وتنخرط الجماعات المرتبطة بالقاعدة و"داعش" في صراعات محلية وتسعى لتعزيز قوتها على الأرض فيما تتوسع بغرب أفريقيا بحسب تقرير لموقع "كريتيكال ثريتس".
وقال التقرير إنه على الرغم من فقدان هذه الجماعات لقادة ونشطاء رئيسيين في العراق وسوريا واليمن وفشلها في استعادة أراضي إلا أنها لا تزال تشكل تهديدا محليا مع سعيها لتطوير قدراتها الهجومية العابرة للحدود.
وأضاف أن الانقلابات في أفريقيا أدت إلى زعزعة استقرار المنطقة مع توقف بعض عمليات مكافحة الإرهاب بسبب رحيل القوات الفرنسية، وهو ما يخلق فرصا لهذه الجماعات للانتشار في بوركينا فاسو، ومالي، والنيجر، ونيجيريا، ويهدد بنين وكوت ديفوار، وغانا، والسنغال، وتوغو.
وفي شرق أفريقيا، تواصل حركة الشباب الصومالية إظهار قدرات هجومية متطورة مع زيادة في معدل وشدة هجماتها بالعاصمة الصومالية مقديشو. كما نفذت 19 هجوما في شمال شرق كينيا، في يونيو/حزيران الماضي.
ورغم استعادة القوات الصومالية ثلث الأراضي التي كانت تسيطر عليها الحركة الإرهابية إلا أن معاقل الأخيرة لا تزال قائمة.
ويثير التخفيض المستمر لقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي مخاوف حول قدرة القوات الصومالية على الحفاظ على المكاسب التي تحققت ضد حركة الشباب.
وفي الوقت نفسه، يعمل فرع "داعش" في الصومال بمثابة عقدة تربط الفروع الأفغانية والأفريقية واليمنية بالقيادة العليا للتنظيم في العراق وسوريا. كما تمثل ولاية عرب أفريقيا التابعة لـ"داعش" تهديدا متزايدا في نيجيريا.
ولم يتمكن المجلس العسكري في مالي وبوركينا فاسو من إضعاف جماعة نصرة الإسلام والمسلمين أو تنظيم داعش في الصحراء الكبرى في الوقت الذي أعلنت فيه الأمم المتحدة أنها ستسحب قوة حفظ السلام التابعة لها في مالي.
وفي جنوب آسيا، تستفيد الجماعات السلفية من سيطرة طالبان على أفغانستان التي تحولت لملاذ لتجنيد وتدريب المقاتلين، في حين عمل تنظيم "داعش" على تعميق استثماراته في فرعه في أفغانستان.
aXA6IDE4LjExNi40My4xMDkg
جزيرة ام اند امز