طاهر البكري: لا يمكن للشاعر الصمت أمام همجية الإرهاب
الشاعر التونسي طاهر البكري يؤكد أن الشعر يطرح تساؤلات حول الحياة والموت، مؤكدا أنه لا مثيل للخيال الشعري في الاتصال بالأعماق الإنسانية.
يتميز الشاعر التونسي طاهر البكري، الذي صدر له ديوان حديث بعنوان "صحراء في المغيب" عن دار المنار، بأن له تجربة فريدة تجمع بين ثقافته العربية والثقافة الفرنسية التي انحاز لها بالاختيار، وفي تجاربه يوازن الشاعر بين ثقافتين، مبديا اعتزازه بالانتماء إلى القصيدة العربية.
ويحمل الديوان الجديد رقم 25 من بين مؤلفات البكري، ومنها: "شجرة توت حزينة في الربيع العربي"، و"كتاب الذكرى"، و"قصائد إلى سلمى"، و"مذكرات الثلج والنار"، وكتابان في اليوميات والمذكرات والرحلات وهما: "سلام غزة" (رحلة إلى فلسطين سنة 2009)، و"كتاب الذكرى" عن دار إليزاد في تونس.
"العين الإخبارية" التقت الشاعر التونسي طاهر البكري وكان معه هذا الحوار حول مسيرته الإبداعية..
بخصوص ديوانك الصادر حديثا "صحراء في المغيب"، هل هناك خيط رابط يجمع بين قصائده أم هي قصائد متفرقة؟
أجل، تجمعها وحدة نصية كُتبت على لسان المعلقة تستحضر التاريخ العربي، وتقارنه بوضع الحاضر المؤلم والعنيف، حيث تعمل الكتابة التراثية على مخاطبة الحداثة المحبطة، وتصبح مناداة الشاعر بين "أغاني الحياة" والبكاء على الأطلال.. كل عناصر المعلقة وجماليتها موجودة داخل القصيدة في واقعها وصورها وخيالها.
لماذا العودة إلى المعلقات؟
لا يمكن للشاعر أن يبقى صامتا أمام الواقع العربي والإسلامي وما آل إليه، وهمجية الإرهاب في العالم. كما لو أننا نعود إلى عصور الظلمات، لذلك عدت إلى تألق المعلقات وثرائها.
هل هذا يعني العودة إلى الصحراء في نظرك؟
ربما هو الألم الذي يعود بي إلى الصحراء. مخاطبتي للصحراء هي مخاطبة أنفسنا وتاريخنا، ولغة الصحراء لا تفنى أبداً مثل حبّات الرمل الخالدة. إنها بمعنى من المعاني تساؤلات الإنسان العربي في هذا الزمن.
هل لهذا السبب تعود إلى المعلقات لاستخدامها في التعبير عن عصرنا الحالي؟
أجل، بين المعلقات التي كانت ثراءً للعرب يأتي الإرهابيون ليخربوا هذا الثراء الإنساني بكل ما تحمله من معانٍ وآفاق. لذا أقارن بين المعلقات في العصر الجاهلي وما يحدث في عالمنا العربي في الوقت الحاضر.
لك اهتمامات متعددة ما بين كتابة الشعر وكتب الرحلات والكتب الفنية، ما أهم أسباب هذا التنوع؟
هذا صحيح، لكل ذلك مبرراته، العمل الأكاديمي الجامعي يفرض علينا القيام بأبحاث أكاديمية، ولكن ذلك لا يتناقض مع الإبداع الذي هو بالنسبة لي الشعر. كما أنني مولع بالفن، فقد نشرت العديد من الكتب الفنية بمعية فنانين من بلدان مختلفة، وأيضاً بعض النصوص السردية ضمن كتب جماعية.
كيف تجمع بين الكتابة باللغتين العربية والفرنسية؟
هذا أمر طبيعي، لأنني أعيش في باريس منذ 1976، نشرت بالعربية "قصائد إلى سلمى" و"مذكرات الثلج والنار"، وبالفرنسية "حارث الشمس" و"نشيد الملك الضليل" و"القلب يرتاد البحار" و"نسغ الأيام".
لماذا تكتب الشعر أكثر مما تكتب النثر؟
ربما لأن الشعر يطرح التساؤل حول الحياة والموت والصمت. لا مثيل للخيال الشعري في الاتصال بالأعماق الإنسانية وبالكون. والشعر ينبوع طبيعي لي، لأنني استلهمته من مدينتي قابس في الجنوب التونسي، بلد الواحات والبحر، وهي ينابيع هائجة من الشعر.
ما قراءاتك الأولى؟
أشعار أبي القاسم الشابي وامرئ القيس ورامبو وسان جون بيرس، ويانيس ريتسوس، ومما لا شك فيه أن باريس منحتني ذلك الأفق المفتوح على الثقافات المختلفة في العالم، وكذلك أسفاري إلى مختلف بقاع العالم.
ما رأيك بتجارب الشعر عند جيل السيّاب ونازك الملائكة وصلاح عبد الصبور وغيره؟
أعتقد أن هذا الجيل حرر القصيدة العربية من قيودها. ويبقى الموضوع هو كيفية تقويم قراءة الشعر من خلال الشرح والنقد والتأويل. ولا بد من أن يبحث الشعر عن لغته الخاصة به، وكذلك كل شاعر عليه أن يعمّق لغته وقاموسه الخاص به.
aXA6IDMuMTQ2LjE1Mi4xMTkg جزيرة ام اند امز