السلطات العراقية قررت تحويل منزل الجواهري الملقب بـ"شاعر العرب الأكبر" إلى متحف ومركز ثقافي؛ تكريماً لدوره الرائد في الثقافة العراقيّة
في حيّ الصحافيّين بمنطقة القادسيّة (جنوبيّ غرب بغداد) عاش "شاعر العرب الأكبر" محمّد مهدي الجواهري، والذي قررت السلطات المحلية في بغداد تحويل منزله إلى متحف ومركز ثقافيّ، وسط احتفاء كبير من النخب الأدبيّة والثقافيّة في العراق.
جاءت الخطوة تلبية لمطالب أسرته واتّحاد الأدباء والكتّاب في العراق وعدد من المثقفين العراقيين ومحبي أشعار صاحب "يا دجلة الخير" بعد الضغط على السلطات العراقية.
يضمّ المنزل حاليا مقتنيات الجواهري من دواوين و(العرقجين)، وهو غطاء الرأس الذي اشتهر به الشاعر، وساعات يدويّة ومسابح وصور ورسائل خاصّة وكتابات شخصيّة وميداليّات، إضافة إلى هدايا الرؤساء والملوك والشخصيّات المعروفة ونظّاراته الطبيّة".
سيحمل المنزل عنوان "بيت الجواهري"، حيث ستعرض فيه مقتنيات وكتب ودواوين الجواهري وصوره وأوراقه وبعض الأعمال النحتية الخاصة به، وسيكون المتحف مفتوحاً للجمهور وللوفود لزيارته والتعرف على لمحات من سيرة وآثار الشاعر الراحل ليصبح مزارا ثقافيا وسياحيا.
وقالت بان الجواهري، حفيدة الجواهري في تصريحات صحافية عن سعادتها بعودة الحياة للمنزل الذي شهد سجالات ونقاشات أدبية وثقافية وسياسية، وأشارت إلى أنه "شيّد في عام 1971 بمساحة 550 متراً مربّعاً، حين كان الجواهري في ذك الوقت رئيساً لاتّحاد الأدباء والكتّاب العراقيّين"، وقد عاش به سنوات طويلة قبل أن يهاجر من العراق".
ذكرت مديرية العلاقات والإعلام أن أمانة بغداد تملكت بيت الجواهري وهو الآن بعهدتها وستقوم بصيانة وترميم المبنى لتحويله إلى متحف ومركز ثقافي بعنوان (بيت الجواهري) بالتعاون والتنسيق مع عائلة الشاعر تعرض فيه مقتنيات وكتب ودواوين الجواهري وصوره وأوراقه وبعض الأعمال النحتية الخاصة به.
من جانبه، وعبر نجل الشاعر الدكتور كفاح الجواهري عن امتنانه وتقديره العالي لأمين بغداد والأمانة لما بذلته من جهود خيرة وحثيثة وملموسة لتحويل ذلك الحلم إلى حقيقة على أرض بغداد التي أحبها الجواهري وطالما تغنى بها عبر عشرات القصائد التي غدت اليوم من تراث بغداد.
"شاعر العرب الأكبر" محمّد مهدي الجواهري هو شاعر وأديب عراقيّ ولد في النّجف بـ26 تمّوز/يوليو من عام 1899 واستطاع بموهبته تحقيق ريادة شعريّة في الشعر الكلاسيكي، وانخرط في العمل السياسي حتّى اضطرّ إلى الهجرة من العراق بسبب معارضته لنظام صدّام حسين في عام 1980.
نظم الشعر في سن مبكرة، وأظهر ميلاً منذ الطفولة إلى الأدب فأخذ يقرأ في كتاب البيان والتبيين ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر، شارك في ثورة العشرين عام 1920 ضد السلطات البريطانية، وصدر له ديوان "بين الشعور والعاطفة" عام 1928م.
وكانت مجموعته الشعرية الأولى قد أعدت منذ عام 1924م لتُنشر تحت عنوان "خواطر الشعر في الحب والوطن والمديح". ثم اشتغل مدة قصيرة في بلاط الملك فيصل الأول عندما تُوج ملكاً على العراق، واتجه بعد ذلك للعمل في الصحافة بعد أن غادر النجف إلى بغداد، فأصدر مجموعة من الصحف منها جريدة (الفرات) وجريدة (الانقلاب) ثم جريدة (الرأي العام)، وانتخب عدة مرات رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين.
استقال من البلاط الملكي سنة 1930، ليصدر جريدته (الفرات) ثم ألغت الحكومة امتيازها وحاول أن يعيد إصدارها ولكن بدون جدوى، فبقي بدون عمل إلى أن عُيِّنَ معلماً في أواخر سنة 1931 في مدرسة المأمونية، ثم نقل إلى ديوان الوزارة رئيساً لديوان التحرير، ومن ثم نقل إلى ثانوية البصرة، لينقل بعدها لإحدى مدارس الحلة، في أواخر عام 1936 أصدر جريدة (الانقلاب) ونظرا لآرائه المعارضة حكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر وبإيقاف الجريدة عن الصدور، بعد مرور شهر على سقوط حكومة الانقلاب غير اسم الجريدة إلى (الرأي العام)، ولم تتح لها مواصلة الصدور، فعطلت أكثر من مرة بسبب ما كان يكتب فيها من مقالات ناقدة للسياسات المتعاقبة، وكان موقفه من حركة مايس 1941 سلبياً لتعاطفها مع ألمانيا، وللتخلص من الضغوط التي واجهها لتغيير موقفه، غادر العراق مع من غادر إلى إيران، ثم عاد إلى العراق في العام نفسه ليستأنف إصدار جريدته (الرأي العام).
انتخب نائباً في مجلس النواب العراقي في نهاية عام 1947 ولكنه استقال من عضويته فيه في نهاية كانون الثاني 1948 احتجاجاً على معاهدة بورتسموث مع بريطانيا، واستنكاراً للقمع الدموي للوثبة الشعبية التي اندلعت ضد المعاهدة واستطاعت إسقاطها.
توفي الجواهري في سوريا ـ27 تمّوز/يوليو من عام 1997، ودفن في مقبرة السيّدة زينب بالعاصمة السوريّة دمشق، إلى جوار زوجته أمّونة جعفر الجواهري، التي وافاها الأجل عام 1992، فيما وجّه عدد من الشعراء والأدباء العراقيّين طلباً إلى رئيس الجمهوريّة جلال الطالباني في عام 2012، بنقل رفاته إلى مقبرة أسرته في النّجف بالعراق.
aXA6IDE4LjIxOC4yLjE5MSA=
جزيرة ام اند امز