أفريكوم: القضاء على الفقر بوابة دحر "داعش" بغرب أفريقيا
"أفريكوم" تحدثت عن وجود مؤشرات قوية على تغلغل "داعش"، سياسيا ومجتمعيا، في غرب القارة السمراء.
رغم الجهود العسكرية التي تبذلها بلدان غرب أفريقيا للتصدي لـ"داعش"، إلا أن التنظيم الإرهابي تمكن على ما يبدو من استثمار أزمات المنطقة، وفقر شعوبها، لتوسيع طموحه السياسي، وتعزيز ثقله المجتمعي.
خلاصة توصلت إليها القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا المعروفة باسم "أفريكوم"، مشيرة في تقرير لها، إلى وجود مؤشرات قوية على تغلغل "داعش"، سياسيا ومجتمعيا، في غرب القارة السمراء.
وعقب دحره بشكل شبه كامل من سوريا والعراق، تحولت منطقة غرب أفريقيا إلى مسرح بديل لـ"داعش" الذي بات يشن هجماته عبر أذرعه المحلية الموالية له.
محاربة الفقر.. رأس حربة التصدي لـ"داعش"
واعتبرت "أفريكوم"، ومقرها مدينة شتوتجارت الألمانية، أن "داعش في غرب أفريقيا، المنسلخ عن عباءة حركة "بوكو حرام" المتطرفة في نيجيريا، قد تحول تدريجيا إلى "قوة متوسعة ذات طموح سياسي وثقل مجتمعي".
ورغم النجاحات العسكرية التي حققها الجيش النيجيري، بالأعوام الثلاثة الماضية، لمكافحة أنشطة التنظيم وحلفائه، وفي مقدمتهم جماعة "بوكو حرام"، إلا أن التنظيم لا زال يتمدد، ما يؤكد أن مواجهة إرهابه لن تتم بقوة السلاح فقط، بل بقوة التحصين الفكري والتعليمي والتنموي، وفق التقرير.
التقرير نفسه نقل عن قائد أفريكوم، الجنرال توماس والدوزر، قوله إن مكافحة إرهاب "داعش" وتمدده في غرب أفريقيا يحتاج إلى ما هو أبعد من العمل العسكري والقتالي.
وشدد على ضرورة إيلاء حكومات غرب أفريقيا ومنطقة حوض بحيرة تشاد (تضم الكاميرون ونيجيريا وتشاد والنيجر)، اهتماما أكبر، بتقديم الخدمات الصحية والتعليمية لأبناء المناطق النائية في دولهم، والحرص على عدم ترك ثغرات يستغلها التنظيم الإرهابي.
كما أكد على ضرورة العمل على تجريد التنظيم من جاذبيته في أعين السكان المحليين، وذلك قبل أن يتحول إلى قوة سياسية موازية للحكومات الوطنية.
ورصدت "أفريكوم" تمددا لنشاط "داعش" انطلاقا من شمال شرقي نيجيريا باتجاه بلدان حوض بحيرة تشاد، وفي مقدمتها النيجر التي تعاني، منذ مطلع 2019، من تصاعد الهجمات على طول شريطها الحدودي مع نيجيريا.
لعب دور الدولة
المتحدثة باسم "أفريكوم"، سامنثا ريو، قالت في معرض تقديمها للتقرير، إن "داعش يحاول لعب دور مؤسسات الدولة بالمناطق الخاضعة لسيطرته في غرب أفريقيا.
ومن خلال النهج المذكور، أضافت أن التنظيم بات قادرا على حشد الأتباع وشراء الذمم والولاءات، وتهريب الأسلحة والذخائر لعناصره، وتأمين الملاذات الآمنة لهم والحاضنات الاجتماعية اللازمة لذلك .
والتقى تقرير "أفريكوم"، في هذا المنحى، مع تقرير تقييمي آخر صدر مطلع مايو/ أيار الماضي، عن مجموعة الأزمات الدولية، أكد تمكن "داعش من إعطاء سمة مميزة لنفسه عن باقي الحركات المسلحة الموجودة بأفريقيا".
وأوضح تقرير المجموعة البحثية أن "السر يكمن في نجاح التنظيم في كسب ولاءات السكان المحليين، من خلال أنشطة تنموية مثل حفر آبار مياه الشرب، وتقديم الخدمات الطبية".
كما ساهمت تلك الأنشطة في تقديم التعليم الأولى لأطفال السكان، وهو الباب الذي قال التقرير إن التنظيم استطاع من خلاله النفاذ إلى أفكار الناشئة والصغار، مثلما استطاع تثبيت مكانته لدى البالغين.
تقرير "أفريكوم" حذر أيضا من خطورة ما يقوم به "داعش" بمناطق سيطرته في غرب أفريقيا بمجال الرعاية الاجتماعية للفقراء، وذلك من خلال جمع الأتاوات المالية من وجهاء القبائل وأثريائها ورجال أعمالها، وتقديم المساعدات المالية للفقراء.
خطوة نبه التقرير من أنها خلقت نوعا من الارتباط القوي بين "داعش" وشعوب غرب أفريقيا، وغالبيتهم من الفقراء، وهو ما مكن التنظيم من تجنيد معظمهم كمقاتلين واستقطاب الباحثين عن فرصة عمل مهما كان نوعها.
2018.. إرهاب "داعش" يبلغ ذروته بغرب أفريقيا
دراسة صادرة عن معهد الدراسات الأمنية الأفريقي، ذكرت أن منطقة غرب أفريقيا، شهدت في 2018، أكبر عدد من عمليات تنظيم "داعش" الإرهابي.
وأشار التقرير إلى أن هجوم التنظيم الأشرس كان في شهر أبريل/ نيسان 2019، عندما نفذ عددًا من التفجيرات الانتحارية المتزامنة ضد مواقع لقوات الدرك في غرب أفريقيا.
كما هاجم، في وقت لاحق، مقرًا لإحدى الهيئات الإغاثية بالمنطقة، وهي المرة الأولى التي يقوم فيها التنظيم بهجوم مشابه.
قطر وتمويل الإرهاب بغرب أفريقيا
في مايو/آيار الماضي، حذرت مجلة "فايننشال أفريك" من توغل قطر في دول غرب أفريقيا، وقالت إن نشاط الدوحة في حاجة لقراءة متأنية، خصوصا أنها تضخ ملايين الدولارات في استثمارات لا مردودية لها بهذا الجزء من القارة السمراء.
وأوضحت المجلة الفرنسية أن قطر سعت إلى التوجه جنوبا، وذلك منذ مقاطعتها من بلدان عربية، في 2017، وتحديدا إلى منطقة غرب أفريقيا المعروفة بانتشار التنظيمات الإرهابية.
أما الهدف من ذلك، فقالت المجلة إنه جاء لـ"زعزعة استقرار تلك المنطقة، وجعلها شوكة في ظهر الدول المقاطعة لها من جهة، واستقطاب الدول الأخرى عبر أذرعها الناعمة في صورة مساعدات إنسانية واستثمارات من جهة أخرى".
وأشارت إلى أن هذه الاستراتيجية "قادت أمير قطر تميم بن حمد إلى إجراء جولة في دول غرب أفريقيا، في ديسمبر/كانون الأول 2017، بعد 6 أشهر من المقاطعة العربية، قادته إلى كل من السنغال وبوركينا فاسو وكوت ديفوار وغانا وغينيا كوناكري ومالي.
جولة لفتت المجلة إلى أنها كانت "محاولة لتفادي تبعات المقاطعة العربية بسبب دعم الدوحة للإرهاب، واستغلال القوى الناعمة لتعويض الخسائر في علاقته الأفريقية"، بعد خسارته معظم دول أعضاء منظمة التعاون الإسلامي جراء أنشطة بلاده الخبيثة.