تصعيد الهجمات في أفريقيا.. داعش يراوغ لإخفاء الهزيمة
أفريقيا تشهد أخطر مراحل العنف وأكثرها دموية، بعد هيمنة تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين على سير عمليات العنف والإرهاب في القارة.
تشهد القارة الإفريقية تناميا غير مسبوق لنفوذ التنظيمات الإرهابية خاصة في الغرب الإفريقي، ومنطقة الساحل والصحراء، مستغلًا حالة عدم الاستقرار القائمة على أسباب سياسية وجغرافية وقبلية في المنطقة.
ويرى مراقبون أن أفريقيا صارت إلى حد كبير ساحة بديلة للإرهاب بصفة عامة، وبشكل خاص الإرهاب الداعشي، في ظل الخسائر التي مُني بها التنظيم في سوريا والعراق، وصار المهرب والملجأ المناسب له هو أفريقيا.
وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أكد في تصريحات لقناة "فوكس بيزنس"، في فبراير/شباط الماضي، أن داعش بعد إلحاق الهزيمة به سوف يزحف من سوريا إلى دول أفريقية.
وأكدت دراسة صادرة عن الأزهر الشريف في مايو/آيار الماضي، أن أفريقيا تشهد أخطر مراحل العنف وأكثرها دموية، بعد هيمنة تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين على سير عمليات العنف والإرهاب في القارة.
وقتل 30 شخصا، صبحية الإثنين، في هجوم نفذه 3 انتحاريين من تنظيم بوكو حرام الإرهابي في بلدة كوندوجا شمال شرقي نيجيريا، فيما أطلق إرهابيو داعش في غرب أفريقيا النار على قافلة مدنية يتولى عسكريون حمايتها في إقليم دامبوا بولاية بورنو شمال شرق نيجيريا، ما أسفر عن مقتل خمسة جنود في 27 مايو/آيار الماضي.
وقتل 4 أشخاص وأصيب 4 آخرون بجروح في هجوم لمسلحي تنظيم بوكو حرام الإرهابي بجزيرة كوفيا الكاميرونية الواقعة في بحيرة تشاد نهاية أبريل/نيسان.
الثأر لهزائم داعش المتكررة
أرجع الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب أسامة الهتيمي، سبب تصاعد العمليات الإرهابية في إفريقيا إلى الثأر، حيث تسعى التنظيمات التابعة لداعش إلى تنفيذ عمليات انتقامية ردا على الهزائم المتكررة التي لحقت بالتنظيم في سوريا والعراق وعدد من البلدان.
وأوضح "الهتيمي" في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن داعش يحاول استعراض قوته في أفريقيا بعد فشله وهزائمه في معقل دولة الخلافة، مدللا على ذلك بالهجمات المتكررة من جانب التنظيم على القوات متعددة الجنسيات، فضلا عن الهجوم المتكرر على الجيوش في نيجيريا وتشاد ومالي، وهو ما يعكس رغبة داعش في إظهار قوتها في القارة الأفريقية كمعقل بديل.
وتشير الإحصاءات إلى أن عدد العمليات الإرهابية التى تنفذها الجماعات المتطرفة والتكفيرية فى منطقة الساحل والصحراء الكبرى الأفريقية ارتفع من 90 عملية فى العام 2016 إلى 194 عملية فى العام 2017، ثم زاد العدد إلى 465 عملية فى العام الماضى 2018.
كما ارتفعت أعداد الضحايا جراء تلك العمليات من 218 قتيلا فى العام 2016 إلى 529 قتيلا فى العام 2017، وإلى 1110 قتلى فى العام الماضي.
قطر تمول الإرهاب بأفريقيا
في مايو/آيار الماضي حذرت مجلة "فايننشال أفريك" من توغل قطر في دول غرب أفريقيا، قائلة إن نشاط الدوحة في حاجة لقراءة متأنية، لافتة إلى أنها تضخ ملايين الدولارات في استثمارات لا تأتي بعائد.
وأوضحت المجلة الفرنسية أن قطر منذ إعلان عدة دول عربية وأفريقية مقاطعتها منذ يونيو/حزيران 2017 سعت إلى الاتجاه جنوباً والتغول في منطقة غرب أفريقيا المعروفة بانتشار التنظيمات الإرهابية، لزعزعة استقرار تلك المنطقة وجعلها شوكة في ظهر الدول المقاطعة لها من جهة، واستقطاب الدول الأخرى عبر أذرعها الناعمة في صورة مساعدات إنسانية واستثمارات من جهة أخرى.
وأشارت إلى أن هذه الاستراتيجية "قادت أمير قطر تميم بن حمد إلى إجراء جولة في دول غرب أفريقيا في ديسمبر/كانون الأول 2017، بعد 6 أشهر من المقاطعة العربية، في السنغال وبوركينا فاسو وساحل العاج وغانا وغينيا كنجاري ومالي، في محاولة لتفادي تبعات المقاطعة العربية بسبب دعم بلاده للإرهاب واستغلال القوى الناعمة لتعويض الخسائر في علاقته الأفريقية"، بعد خسارته معظم دول أعضاء منظمة التعاون الإسلامي نتيجة أنشطة قطر الخبيثة.
دور مصري مهم
يري العميد خالد عكاشة عضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب بمصر، أن الجماعات الإرهابية ستصعد عملياتها في قلب أفريقيا خلال الفترة المقبلة للرد على الهزائم التي مني بها تنظيم داعش.
وأوضح في حديث لـ"العين الإخبارية" أن الفترة الأخيرة شهدت تطورا نوعيا في أداء وقدرات الإرهابيين في أفريقيا حيث ظهر جليا في نوع العمليات التي نفذها تنظيم بوكو حرام مؤخرا في نيجيريا.
ونالت أفريقيا الجزء الأكبر من وجود الجماعات الإرهابية، حيث نشأ بها 64 منظمة وجماعة إرهابية، وينتشر معظمها من أقصى الساحل الأفريقي غربا إلى أقصى الساحل الأفريقي شرقا.
ويرى عكاشة أن ناقوس الخطر بالقارة الأفريقية يتعالى بسبب تمدد الجماعات الإرهابية، وهو ما يمثل تهديدا مباشرًا، لأمن المنطقة بشكل عام.
وشدد على دور مصر الفاعل في مكافحة الإرهاب في أفريقيا، والجهود العربية الداعمة لذلك، خاصة بعد تأسيس المركز الإقليمي لمكافحة الإرهاب ومقره مصر، لتتضافر فيه جهود 27 دولة هي أعضاء تجمع الساحل والصحراء لمواجهة هذا الخطر، فضلًا عن التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية الأخرى، وكل ما يهدد الأمن القومي لهذه الدول، مشيرًا إلى أن التنمية والتوعية هما المحوران الرئيسان في إحداث تغير حقيقي.
خريطة الإرهاب في أفريقيا
ترتكز أهم الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي والمقدر عددهم 5 جماعات إرهابية بالغة العنف، ولديها صلات بتنظيمي داعش والقاعدة، وهي: "جماعة بوكو حرام" التي نشأت في نيجيريا عام 2002، وتعد أخطر التنظيمات نفوذا لاعتمادها على القبلية، وبايعت داعش في عام 2015.
وثانيها حركة "شباب المجاهدين" في الصومال التي أسسها مختار بلمختار ظهرت في أوائل عام 2004، بعد أن انشقت عن اتحاد المحاكم الإسلامية، الذي هُزم أمام القوات التابعة للحكومة الصومالية المؤقتة، ومن حيث التوجه الأيديولوجي، فهي تدين لتنظيم القاعدة، حيث تشن حرب عصابات، وتستهدف مؤسسات الدولة، يترواح عدد أعضائها بين 3000 إلى 7000 عضو.
وثالثها "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ويعد امتدادًا للجماعة السلفية للدّعوة والقتال التي انشقت عن الجماعة الإسلامية المسلحة في عام 1997، ثم أعلنت الجماعة في 2006 انتماءها رسميا لتنظيم القاعدة، وفي يناير/كانون الثاني 2007 أصبحت تدعى "بتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي".
ورابعها حركة "أنصار الدين" نشأت على يد إياد أغ غالي وهو من أبناء أسر القيادات القبلية التاريخية لقبائل الإيفوغاس الطوارقية التي قادت التمرد المسلح ضد القوات المالية في بداية تسعينيات القرن الماضي.
وخامسها "حركة الجهاد والتوحيد" في غرب أفريقيا ظهرت الحركة إثر انشقاق قادتها على تنظيم القاعدة، جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان "أنصارو"، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين.
aXA6IDMuMTM4LjE3NS4xMCA= جزيرة ام اند امز