المرأة وتجنيد الإرهابيين.. تحذيرات من عودة "داعش"
أنظار العالم تتجه نحو نساء تنظيم داعش باعتبارهن الممر الأخطر لعودته من خلال تجنيد عناصر جديدة.
بقدر اعتماد تنظيم داعش الإرهابي على المرأة في مناطق النزاع، خاصة تنفيذ العمليات والهجمات، بقدر ما تتصاعد التحذيرات حالياً من دورها في تجنيد عناصر جديدة تمهد لعودة التنظيم.
فبالنظر إلى دور المرأة في التنظيمات الإرهابية، وتحديداً "القاعدة" و"داعش"، يتضح أن لها أدواراً محددة، مثل استقطاب عناصر جديدة، وتسهيل العنف من خلال دعم أزواجهن من العناصر الإرهابية، والمشاركة في الهجمات عند الضرورة، فضلاً عن تنشئة الأطفال على الأفكار المتشددة الإرهابية.
نساء داعش ممر عودة التنظيم
مع تزايد وتيرة التحذيرات الدولية من عودة تنظيم داعش إلى المشهد مرة أخرى، مستغلاً الصراع والأزمات في المناطق المحررة بسوريا والعراق، فإن أنظار العالم تتجه نحو نساء التنظيم باعتبارهن الممر الأخطر للعودة من خلال تجنيد عناصر جديدة والمشاركة في العمليات الإرهابية بشكل مباشر.
وتحدثت تقارير عن مصير المئات من نساء التنظيم الإرهابي اللاتي يلاقين مصيراً مجهولاً، إلا أن الرصد المستمر لنشاط التنظيم كشف في الآونة الأخيرة أن هناك مساندة من نساء في جنوبي سوريا والعراق، بالمشاركة في استقطاب إرهابيين جدد ومؤيدين للتنظيم ومشاركين معه في العمليات الإرهابية.
وأصدر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة بدار الإفتاء المصرية تقريراً تحدث فيه عن دور النساء في إعادة إحياء عمليات التجنيد لدى تنظيم داعش، بعد الهزائم التي تعرض لها في سوريا والعراق، وفرار الكثير من عناصره وإعدامه للكثير من مقاتليه في الآونة الأخيرة.
وأكد المرصد أن التنظيم الإرهابي يسعى حالياً إلى تدريب النساء للتعامل مع المتفجرات، وتحضيرهن للسفر إلى أوروبا، كما أن دور النساء في تجنيد المتطرفين لا يعتمد فقط على نشر الأفكار، بل أيضاً على توظيف قدرتهن على الجذب للتأثير على الشباب، وحثهم على الانضمام للتنظيم.
وأكد التقرير أن النساء في تنظيم داعش من المرجح أن يلعبن دوراً قوياً في الحفاظ على إرثه وأفكاره المتطرفة، خاصة أن العنصر النسائي يشكل ما يقرب من 25% من مقاتلي التنظيم في الفترة من 2013 حتى 2018.
المرأة.. صانعة إرهاب أم ضحية
ما بين الاختيار والإجبار، يظل التساؤل معلقاً حول دوافع انضمام النساء للتنظيمات الإرهابية، وسواء انخرطن في هذا المستنقع بإرادتهن أم رغما عنهن تحت ظروف معينة، فإن معظم النساء صدمن العالم بقدرتهن على صناعة الإرهاب، فكثيرون سمعوا بـ"أم البراء" و"أم القعقاع" وغيرهما من نساء حملن السلاح ثم خضن عمليات إرهابية، أو انتشر نشاطهن الدعوي والتجنيدي لأخريات في العالم.
المفكر الإسلامي ثروت الخرباوي يرى أن النماذج النسائية التي ظهرت مؤخراً في التنظيمات الإرهابية تعطي مؤشراً خطيراً على تنامي ظاهرة الإرهاب النسائي، خاصة أن داعش منح مساحة أكبر لهن داخل صفوفه، وصلت لحد مشاركتهن في العمليات الإرهابية، وأصلت لفكرة المشاركة النسائية في أعمال كانت قاصرة على الرجال فقط، وهو ما يمثل إغراء للراغبات في الانضمام لهذا التنظيم.
وأكد الخرباوي لـ"العين الإخبارية" أن النساء تلعب دوراً كبيراً في تنظيم داعش في القتال على خط الجبهة والأنشطة الإرهابية في الغرب، محذرة من وجود عواقب بعيدة المدى لهذا على الجماعات الإرهابية الأخرى.
وبدأت مشاركة المرأة في العمليات الإرهابية، خصوصاً الانتحارية منها، في القوقاز ومناطق الصراع في روسيا، ثم انتشرت في شمال أفريقيا، وظهرت بكثافة أيضاً في الشرق الأوسط؛ حيث أصبح استقطاب النساء استراتيجية لتنفيذ العمليات الإرهابية.
وفي العراق بدأت هذه الظاهرة قبل ظهور داعش، مع إعلان أبومصعب الزرقاوي، الزعيم السابق لتنظيم القاعدة بالعراق، تجنيد أول امرأة لتنفيذ عملية انتحارية إرهابية في بلدة تلعفر القريبة من الحدود السورية، وراح ضحيتها 5 مجندين في صفوف الجيش العراقي في سبتمبر/أيلول 2005.
وعام 2008 ظهرت "كتائب استشهادية نسائية" مهمتها استهداف القوات الأمريكية، وتوعدت "أم سلمة"، زوجة أبوعبيدة الراوي، زعيم تنظيم القاعدة شمال العراق، بدفع جيش من النساء الإرهابيات في شوارع بغداد، انتقاماً لزوجها الذي قتل على يد الجيش الأمريكي.
وفي عام 2008 اتهمت مذكرة أعدها فريق من الخبراء العسكريين العراقيين نساء وفتيات بتنفيذ عمليات إرهابية عدة.
ويعد داعش أكثر التنظيمات الإرهابية التي نجحت في اجتذاب العنصر النسائي بين عناصره، واعتمد عليهن في عمليات تجنيد إرهابيين جدد، وتقديم خطاب ومادة إعلامية تدعو دعم ما يسمى بـ"دولة الخلافة".
ويقول مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة بدار الإفتاء المصرية إن عودة تنظيم داعش الإرهابي للاعتماد على المرأة في التجنيد يرجع إلى عدة أسباب، أهما قدرتها على الحركة دون قيود أمنية تعوق قيامها بعمليات إرهابية، بالإضافة إلى قدرتها على نشر الأيديولوجيا المتطرفة بشكل أكبر، وبناء ما يعرف بـ"الإرهاب العائلي".
بين الدعاية والتمرد
في أكتوبر 2018 قامت امرأة تحمل طفلا بتفجير نفسها على أحد الحواجز الأمنية بالموصل، وفي الشهر نفسه أيضاً فجرت أخرى نفسها بقنبلة في العاصمة التونسية بشارع الحبيب بورقيبة، مما أدى إلى إصابة نحو 15 شخصا.
وكشفت دراسات أجراها المعهد الملكي لدراسة الدفاع والأمن أن النساء ينجذبن إلى تنظيم داعش الإرهابي نتيجة بعض العوامل المتداخلة.
وأكد الخرباوي لـ"العين الإخبارية" أن الأسباب التي تدفع النساء إلى الانضمام إلى المنظمات الإرهابية هي نفسها التي تدفع الرجال إلى التمرد والرغبة في التصرف وحب المغامرة.
وأوضح المفكر الإسلامي أيضاً أن دور النساء داخل التنظيم الإرهابي خطير، وتتزايد خطورته مستقبلا، لأنه لا يتوقف عند المشاركة في العمليات الإرهابية أو تجنيد عناصر جديدة من الإرهابيين، لكنه يمتد لفكرة تكوين جيل كامل من المتطرفين هو الأخطر على الإطلاق، موضحا أن مؤسسات إعادة التأهيل تضج بالنساء بقايا التنظيم المنهار في عدة مدن، أبرزها في سوريا والعراق، مشيرا إلى أن الأمر يتطلب جهودا دولية لإيجاد حلول سريعة وفاعلة له.
حماية المرأة بالتمكين
وأكدت السفيرة ميرفت التلاوي، الرئيسة السابقة لمنظمة المرأة العربية، أن هناك جهودا عربية غير مسبوقة لتعزيز مكانة المرأة وتمكينها، والاعتماد عليها كحائط صد قوي في وجه الإرهاب والتطرف، موضحة في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن استراتيجية التمكين التي تتبناها المجتمعات العربية وفي مقدمتها مصر والإمارات تدعم الدور القيادي المهم للمرأة في الأسرة والمجتمع.
وتابعت التلاوي أن المرأة في الإمارات تعيش عصرها الذهبي، إذ تمثل 50% من مقاعد البرلمان، وتشغل مناصب وزارية وسيادية مهمة، وكذلك مصر التي تشغل بها النساء ثماني حقائب وزارية، مشيرة إلى أن المكانة المتقدمة للمرأة تعكس حرص القيادة على حقوقها ووضعها أمام مسؤوليتها.
وأكدت أن تمكين المرأة وحصولها على حقوقها في ظل مناخ سياسي واجتماعي مستقر يسهم بشكل كبير في تحديد توجهاتها الفكرية، ويمنع انسياقها خلف أفكار مغلوطة ومضللة، مؤكدة أن المجتمعات القوية تتعامل مع المرأة باعتبارها قوة في وجه التطرف القبيح، لأنها القدوة والمعلم وصمام الأمان للأجيال القادمة.
aXA6IDE4LjExOS4xNDIuMjEwIA== جزيرة ام اند امز