"الطريقة الأمريكية في الحرب".. لماذا يحارب الأمريكيون؟
في كتاب (الطريقة الأمريكية في الحرب.. قذائف موجهة، ورجال مضللون، وجمهورية في خطر)
طائرة شبح أمريكية الصنع، يعتبرها الأمريكيون فخر صناعة الحرب الأمريكية، يقودها طياران أمريكيان واثقان بأن مهمتهما في التسلل إلى سماء العراق لقتل صدام حسين وأعوانه "مهمة منتهية ومضمونة". أراد الأمريكيون أن يوجهوا ضربة مثل نفثة أفعى سامة من خلال هذه العملية؛ فلربما تفسح الطريق، كما كان يعتقد قادتها، لانتفاضة تحريرية للشعب العراقي، مما يمهد لغزو أمريكي سهل وميسور للعراق، يقف فيه العراقيون صفوفًا لتحية جيش الخلاص الأمريكي.
لكن هيهات أن تسير الأمور بهذه التصورات المفارقة الساذجة، فالأمور تداعت بقوة وعنف بدخول الجيوش الأمريكية الخدمة في المعركة البرية في العراق، ورغم إعلان الرئيس الأسبق جورج بوش الابن انتصار جيشه، فقد قلب الوطن العراقي رأسا على عقب ومزقه فرقًا وأشلاء، ولم تنته الحرب، بل امتدت المعارك في أفغانستان كذلك، وبقاع أخرى من العالم حتى اليوم.
في كتاب (الطريقة الأمريكية في الحرب.. قذائف موجهة، ورجال مضللون، وجمهورية في خطر) للمؤلف الأمريكي إيوجين جاريكي، والذي صدرت ترجمته العربية أخيرا عن المركز القومي للترجمة، بتوقيع عبد المنعم عبيد، يتناول المؤلف ما أطلق عليه (الطريقة الأمريكية في الحرب)، انطلاقا من تجربة إخراج فيلم وثائقي مهم موضوعه (لماذا نحارب؟) وحصد فيلمه الجوائز.
بعدها، انطلق صانع الفيلم الوثائقي إلى أنحاء الولايات المتحدة شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، ليناقش الأفكار الواردة فيه مع الخبراء في كليات الحرب الأمريكية المرموقة، وعلى الأخص كلية (وست بوينت) في نيويورك، والتي جرت فيها مناقشات عدة ومؤتمرات علمية عسكرية مدنية حاشدة ضمت أساتذة الفكر والعسكرية والطلاب والجنود الذين يجري تعليمهم وتدريبهم ليخوضوا معارك الغد حول ما تضمنه الفيلم من أفكار ومشاهد.
مؤلف الكتاب، إيوجين جاريكي، هو صانع الفيلم وهو حاصل على درجات علمية في السياسة الخارجية، وبعد استعراض فيلمه في أنحاء أمريكا، أمسك صانع الفيلم بالقلم ليكتب هذا الكتاب (الطريقة الأمريكية في الحرب) الذي هو في النهاية نتاج زواج بين عمل أكاديمي معرفي وإنتاج سينمائي فني، ويحتفل بهذ الزواج بين الفكر والفن المشاهدون والقراء المهتمون بمصير البشر الذين يواجهون العسكرية الأمريكية، قائدة أكبر جيوش العالم وأقواها في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، والتي تستمر في مزاولة الحروب المتوالية التي يمتد تاريخها طويلا في مختلف بلدان العالم، ويكتوي بنارها العالم العربي والإسلامي.
وحول كيف ولماذا تخوض الولايات المتحدة الحروب، وتخلق أسبابها، وتطور أساليبها وتستمر في شنها، تدور أسئلة كثيرة، ويعرف المؤلف كيف يطرح الأسئلة في هذا الصدد، ويظل يتساءل حتى يحصل على إجابة، من خلال حوارات مهمة، لتدهشنا هذه الإجابات الصادمة والكاشفة. ثم يطلب المؤلف من حكومته أن تعترف بمسؤوليتها عن سوء استخدام القوة من خلال ما تكشف له الإجابات عن أسئلته من قصص سردها له مفكرون من سلاح الجو الأمريكي يحددون فيها ملامح وعناصر الطريقة الأمريكي في الحرب.
وبعد الحيرة الكبيرة التي تلت غزو العراق يتساءل جاريكي: كيف تصرفت الأنظمة السياسية والاقتصادية والعسكرية الأمريكية لكي تكون نتيجة ذلك هدم البنية الصناعية الماهرة للجمهورية الأمريكية، وإشاعة الاضطراب في توازن القوى فيها، وزيادة تطاول الرئيس الأمريكي من أجل اتخاذ قرار الدخول في الحرب ضد العراق ليعطل أداء الديمقراطية الأمريكية.
بحسب المؤلف، يبقى السوال الأهم: لماذا شقت أمريكا طريقها إلى مطب الحرب التراجيدية في العراق؟ هل كان ذلك تحت مبرر الرد على هجمات سبتمبر 2001، أم كانت من أجل الفوز بأعمال تجاريه أفضل، لو أدى الأمر بنا -على حد تعبيره- إلى أن ندفن أولادنا وأخوتنا في قبور وحيدة بعيدا عن أرض الوطن، وما الذي حوّل مواردنا وآلاتنا وأمتنا إلى ترسانة واحدة ضخمة تنتج المزيد من أسلحة الحرب المدمرة، بدلا مما كنا نصدره من مواد السلام؟ وكيف تمكن النظام الأمريكي في النهاية من تضليل الأمة وزعزعة العالم.
مؤلف الكتاب، هو مخرج الفيلم الوثائقي الحائز على الجوائز (لماذا نحارب؟)، وهو حاصل على درجات علمية في السياسة الخارجية، وزميل في مؤسسة جامعية للدراسات الدولية في نيويورك، ومدير مشروع أينشتاين الذي أنشأه ليضم مجموعة الباحثين الذين يكرسون جهودهم لدراسة السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية. أما مترجم الكتاب، فهو الدكتور عبد المنعم عبيد، أستاذ التخدير والرعاية المركزة بكلية الطب جامعة القاهرة، عضو في لجنة الصحة بالمجالس القومية المتخصصة، وعضو في لجنة الثقافة العلمية بالمجلس الأعلى للثقافة.