بينما يواجه التنظيم الإخواني في دول الخليج إجراءات أمنية واحترازية عدة، من تحجيم المصالح وإبعاد الرموز والقادة إلى أحكام قضائية تمتد عشرات السنين، من جراء أعمال إرهابية وأمنية أو سوابق إجرامية لأعضاء ومنتمين إليه.
يحظى التنظيم في دول أخرى بالترحيب والاحتضان، أما في الكويت فللتنظيم وضع مختلف منذ تأسيسه هناك منتصف أربعينيات القرن الماضي.
في عام 1947 كان اللقاء المعروف بين مؤسس جماعة "الإخوان" ومرشدها حسن البنا، وبين عبد العزيز العلي المطوع في مكة المكرمة في أثناء أدائهما مناسك الحج، وهو اللقاء الذي تم بعده تأسيس أولى خلايا الجماعة في الكويت.
وبتوصية من "البنّا" أصبح "المطوع" ضمن أعضاء المجلس التأسيسي لفرع الجماعة، ثم خلفه أخوه عبدالله المطوع، الذي تابع بدوره أعمال المجلس.
وفي عام 1952، أرسلت جماعة "الإخوان" في مصر مجموعة من أعضائها إلى الكويت للإسهام في العمل التنظيمي للجماعة، بعدها مباشرة إشهار "جمعية الإرشاد الإسلامي" من قبل دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل الكويتية، لتصبح واجهة للعمل السياسي والتنظيمي لـ"الإخوان" تحت غطاء ديني واجتماعي وثقافي تستخدمه العناصر الحركية للجماعة وتغلف به عملها الحزبي.
بعد استقلال الكويت وتنصيب الشيخ عبد الله السالم الصباح حاكماً للبلاد عام 1950، وعودة النشاط السياسي والأندية الثقافية والهيئات الشعبية إلى مزاولة نشاطها، بدأ توافد بعض أعضاء وقيادات "الإخوان المسلمين" من العراق، وخاصة من منطقة الزبير، إثر انقلاب عبد الكريم قاسم وتضييق الخناق على الجماعة هناك.
تلا ذلك تأسيس "جمعية الإصلاح الاجتماعي"، التي تعد استمراراً لـ"جمعية الإرشاد الإسلامي"، وبلغ عدد أعضائها المسجلين حتى عام 1989 نحو 1170 عضواً، تلقنوا جميعاً من منهل تثقيفي واحد اعتمد على مؤلفات حسن البنا وسيد قطب والمودودي والندوي والقرضاوي ومصطفى السباعي وسيد سابق.
وكان في الكويت خليط من جنسيات عربية، أبرزها رموز الجماعة من مصر وسوريا والعراق، مما رسخ الصورة الذهنية للأممية الإخوانية في انتقاء البيئة السياسية والاجتماعية الممهدة لتمكين الجماعة وتسهيل عملياتها ومخططاتها التنظيمية، لتحقيق حلم "التمكين" في الوقت المناسب، وهذا ما تراءى لهم بعد غزو صدام حسين للكويت، حيث اتضح وجود صفقة كشف عنها عضو الجماعة يوسف ندا حين اعترف بتلقّيه تكليفاً من مكتب الإرشاد، التابع للجماعة، بلقاء الرئيس العراقي آنذاك وإعلان رفض تحرير الكويت على يد التحالف الدولي، وتشكيل جيوش مضادة تابعة للتنظيم، ثم التهيئة لخوض "انتخابات" تتولى على إثرها جماعة "الإخوان" مقاليد حكم الكويت.
وكان برفقة يوسف ندا، الذي ذهب إلى تنسيق الصفقة مع صدام حسين، أحد رموز "الإخوان" من الكويتيين.
وأكد هذا الأمر الشيخ سعود ناصر الصباح، وزير الإعلام والنفط الكويتي الأسبق، في لقاء متلفز، وأضاف فيه أن الكويت في أثناء الغزو كانت تحارب على جبهات عدة، ففضلاً عن حربها ضد نظام صدام وغزوه الغاشم، فقد كانت تواجه مواقف عربية عدائية ومؤيدة للاحتلال، بالإضافة إلى التيارات الإسلامية، التي وقفت ضد تحرير الكويت، ويقصد جماعة "الإخوان" وما يتفرع عنها من تيارات.
الرسالة الأهم، التي نأمل أن يدركها الجميع، هي أن الحزب، الذي يقتات على شعارات الديمقراطية في بعض البلدان، هو حزب خائن ومدمر، وأن المرحلة التي ينعم بها التنظيم الإخواني اليوم داخل تلك البلدان هي مرحلة خطيرة عليها وعلى الخليج قاطبة، وتتطلب وقفة جادة وحاسمة ودون تردد، فالأمم حين تستشعر الخطر تتخلى عن كثير من مبادئها مقابل أمنها واستقرار شعوبها!
نقلا عن الاتحاد الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة