مع اقتراب تاريخ 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، موعد إجراء الانتخابات الليبية، ربما تكون هناك حاجة إلى إجراءات عاجلة وطارئة.
فلو لم تتم هذه الإجراءات سريعا لإعادة استقرار البلاد، مثلما فعل رئيس تونس، الذي رفض إضاعة الوقت وإطالة أمد معاناة بلد تضرر من جماعة الإخوان، لتهدَّد مصير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الليبية، التي يعول عليها الليبيون للخروج من أزمتهم إلى منطلق جديد لوطنهم.
فهل هناك مَن يتصور أنه في الأشهر الأربعة المقبلة سينتهي أمر مليشيات "مصراتة" أو "الزاوية" في ليبيا، أو أن تركيا ستنسحب من قواعدها العسكرية، أو أن 20 ألف مرتزق أجنبي سيغادرون البلاد؟!
هذا أمر مستبعد، وقد يبدو ظاهرياً أن ليبيا هي أكبر مشكلة في شمال أفريقيا اليوم، لكن تونس هي الأخرى عانت لفترة طويلة من أنشطة الإخوان السرية أو المكشوفة، فقد تمكنت حركة "النهضة"، التابعة لجماعة الإخوان، قبل إطاحة الشعب بها من الحكم، من إلغاء متابعة 6268 مُتهماً بقضايا الإرهاب في تونس، كان قد تم عرض ملفاتهم على النيابة العامة، كما تمكن زعيم الحركة، راشد الغنوشي، والقاضي الرئيسي، بشير الأكرمي، المحسوب على الإخوان، من التستّر على نحو 20 ألف إرهابي ظلّوا أحراراً بفضلهما.
ولم يكتفِ "الغنوشي" بمحاولة تغيير مستقبل بلاده بما يخدم مصالحه ومصالح أجندات خارجية، بل فعل ذلك أيضاً مع ليبيا المجاورة، إذ ذكرت تقارير صحفية تونسية أن "الغنوشي" تلقى من أطراف ليبية ملايين الدولارات كعمولات لتهريب أسلحة.
كذلك ربح "الغنوشي" ثروة قدرها 2700 مليون دينار تونسي، تعادل 811 مليونا و700 ألف يورو، من وراء أنشطة بيع جوازات السفر وغيرها من الأنشطة السرية، بحسب التقارير ذاتها.
إذًا، لم يخطئ الرئيس التونسي قيس سعيّد الطريق بعد اتخاذه الإجراءات الدستورية الأخيرة ضد الإخوان، لا سيما أنهم حاولوا السيطرة على القضاء والدولة التونسية ككل.
ولوقف تغلغل الإخوان في الإدارات الحكومية التونسية لسنوات، اضطر الرئيس قيس سعيد إلى اتخاذ إجراءات استثنائية يكفلها له الدستور، ما يذكرنا بالحالة المجاورة في ليبيا، التي إنْ أرادت إجراء انتخاباتها في ديسمبر/كانون الأول المقبل، سيتعيّن عليها اتخاذ إجراءات مماثلة كما حدث في تونس، لتخليص البلاد من براثن الإخوان وخيوطها، التي تمتد إلى المليشيات والمرتزقة، الذين أحضرتهم تركيا إلى الأراضي الليبية كورقة مساومة.
وكمثال فقط على النزيف، الذي تسبب فيه الإخوان لليبيا، ذكرت صحيفة بريطانية أن رئيس المجلس الرئاسي الليبي السابق، فايز السراج، اشترى خلال فترة ولايته في يناير/كانون الثاني 2020 جنسية جمهورية فانواتو، وهي عبارة عن جزر بالمحيط الهادي، ومنذ ذلك الحين، ولإدراكه أن فترة رئاسته كانت محدودة، كرّس جهده لنهب ثروات البلاد بالتعاون مع أطراف خارجية تنتمي إلى تنظيم الإخوان وتدعمه.
وفي إطار خططها وتحايلها المالي، يبدو أن "الإخوان" تفرض على قادتها الحصول على جنسية أخرى لتفادي أي تجميد محتمل لأموالهم.
كان "السراج" قد ترك منصبه في مارس/آذار الماضي، ومنذ تولّيه مقاليد السلطة إلى خروجه سمح بإقامة قواعد عسكرية تركية على الأراضي الليبية وملأ ليبيا بمرتزقة سوريين جلبتهم تركيا، مع علمه بأضرار ذلك على الشعب الليبي ومستقبل بلاده.
تحتاج ليبيا، بشكل عاجل، إلى أن تظهر حكومتها بعضاً من الصدق، والأمر نفسه ينطبق على المنظمات الأجنبية، التي تساعد الحكومة الليبية في هذه الفترة الانتقالية، فإذا لم يتم القضاء على شر الإخوان، فلن تكون الانتخابات المقبلة ذات فائدة، والمستقبل غير البعيد ربما يشهد إجراءات تُفسح المجال للنور والحقيقة في ليبيا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة