الإخوان و"فقه الارتباك".. خطوة للأمام وأخرى للخلف في المصالحة مع مصر
تقارب مسموم يسعى من خلاله تنظيم الإخوان الإرهابي استغلال رغبة تركيا للتقارب من مصر، للولوج مجدداً للمجتمع المصري وفرض محاولة تصالح مرفوضة شعبياً وحكوميا.
وقبل أيام وجه حرباء التنظيم وظله الخفي في أوروبا يوسف ندا، -والمحسوب على جبهة إبراهيم منير- رسالة خبيثة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، زعم فيها أن الإخوان تسعى وتدعم أي محاولة للتقارب بين تركيا ومصر، أيا كان من يحكمها وفق تعبيره، مدعيا أن سبب هذه الرسالة "إيصال رأي الجماعة الرسمي في أنها ليست فقط تؤيد، ولكنها تسعى وتدعم أي محاولة للتقارب بين تركيا ومصر".
"مناورة ندا" الخبيثة التي لا تنطلي على عاقل، والتي تدخل في سياق ما يمكن وصفه بـ"فقه الارتباك" لدى الإخوان، غازل فيه المفوض السابق للعلاقات الدولية بالإخوان (يوسف ندا) تركيا، لكنه دعا الرئيس التركي لعدم تسليم المطلوبين والفارين من مصر والدول الأخرى إلى سلطات بلدانهم الأصلية.
خلافات الجبهتين
من جانبه قال عمرو فاروق الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، لـ"العين الإخبارية"، إن التصريحات المعلنة لتنظيم الإخوان الإرهابي دائماً ما تختلف عما يخفيه وينتويه التنظيم، وهي عادة يتسم بها أي تنظيم سري، "دائماً ما يخالف ما يعلن".
ويؤكد فاروق أن "جبهة إبراهيم منير" في لندن لديها استراتيجية متغيرة في إدارة خلافها مع الدولة المصرية، تختلف عن إدارة "جبهة محمود حسين" زعيم جبهة أنقرة.
فالأولى -بجسب فاروق- تحظى ابتداءً بدعم قيادات السجون في الإخوان، وهي الأقوى والأكثر صلابة، ولديها استراتيجية جديدة هدفها التقارب من الدولة المصرية بهدف تخفيف القبضة الأمنية على رجالها في المقابل ستتمدد بكافة الطرق مستخدمة في ذلك وسائل أكثر تطوراً، وتصدر للإعلام خطوة للأمام في التقارب مع مصر، بينما تتراجع خطوتين للوراء خلال الحديث الداخلي مع شبابها وأن "ما يعلن مجرد حيلة لتحقيق مكتسبات".
أما الثانية فهي جبهة محمود حسين وهي الجبهة التي لا تزال تصر على الصدام العلني مع القاهرة وإعلان التذمر، وهي من وراء ذلك تحقق مكتسبات مادية من التنظيم الدولي للإخوان أيضاً.
تجنيد من الفضاء الافتراضي
ويشير فاروق إلى أن "منير" اعتقد لو بعد حين أن السيطرة على النقابات والجامعات والمساجد أمر بات خارج السيطرة، فضلاً عن أن اختراق الجهاز الإداري المصري أمر بات مستحيلاً، لذلك جنح إلى استقطاب وتجنيد عناصرها من السوشيال ميديا والفضاء الافتراضي ليس فقط عبر صفحات مخصصة لهذا الشأن بل من خلال ذباب إلكتروني متفش في كل أرجاء المساحات الفضائية بشكل مدروس بهدف جذب الشباب من الجانبين.
انفلات شبابي
ويقول فاروق إن ثمة حالة من التفلت لدى قيادات التنظيم في التعامل مع شباب الإخوان خلال السنوات الأخيرة، خاصة أن لهذه الفئة العمرية انطلاقات تحتاج إلى روية وهدوء في التعامل معهم، فضلاً عن اعتراض الكثيرين منهم على فكرة المصالحة باعتبار أن أحد أدبيات الإخوان هو أن "كثرة الابتلاء تؤكد صحة موقفك".
ويعتقد فاروق أن جبهة منير تغير خطابها الداخلي مع شبابها عما هو معلن خشية حدوث انفلات كبير يضرب التنظيم من الداخل، في وقت تتشدد فيه جبهة محمود حسين وتتمسك بعدم التصالح.
إرهاب متواصل
من جانبه قال السيد الحراني، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، إن تنظيم الإخوان لديه تناقض واضح وصريح بين دعوته التي أطلقها من خلال أفعى الإخوان المسموم "يوسف ندا"، سيما أن الإرهاب الإخواني في الداخل لم يتوقف ولو للحظة واحدة من سنوات، ولا تزال الدولة المصرية تتصدى وتحارب الإرهاب في محافظة سيناء، شمالي القاهرة، وغيرها في باقي البلاد لدحره.
انهيار
وتابع أن "الهدف الرئيسي لما يروجه قيادات التنظيم من أكاذيب التصالح أو التقارب مع الدولة المصرية هو تصدير صورة للرأي العام في الداخل والخارج، على استمرارية عمل ونشاط الجماعة ومحاولة نفي حقيقة انهيارها وتصارع قيادتها".
وأيضا -بحسب الحراني- محاولة قديمة لإحراج النظام المصري أمام الرأي العام العالمي في الخارج، مذكرا بأن "المظلومية ما زالت سلاح الإخوان ضد النظام المصري"، ولكن هذا النظام يطبق إرادة شعبية رافضة للجماعة الإرهابية خاصة في ظل وجود أحكام قضائية نهائية تؤكد ارتكابهم جرائم في حق مصر وشعبها.
وشدد "الحراني" على أن "استمرارية الجماعة في ممارسة نشاطها الإجرامي في الداخل المصري أكبر دليل على تفكك الصف الإخواني"، مشيراً إلى أن ذلك "يؤكد صدق الرؤية بأن الجماعة الآن ما هي إلا مجموعة من المليشيات تعمل لصالح التنظيم الخاص وأجهزة استخبارات عالمية تستخدمهم وآخرين بهدف تدمير مصر من الداخل".
مكتسبات واهية
على صعيد متصل يرى المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية صبرة القاسمي، أن قيادات الإخوان سواء أعلنت رغبتها في التصالح مع النظام المصري أو لم تعبر عن ذلك، فإن مساعيها هو تحقيق مكتسبات على الأرض لهم وليس لمصالحة حقيقية على أرض الواقع.
وأكد القاسمي لـ"العين الإخبارية" أن الضربات القاسمة التي تلقاها التنظيم لسنوات متتالية أضعفت قواه بشكل كبير، ما جعل أبناء التنظيم يتوهمون أن إعلان الرغبة في التصالح سيوفر لهم مزيدا من الحماية، رغم أن التصالح معهم أمر يرفضه الشعب المصري قبل النظام السياسي جراء الجرائم التي اقترفوها في حق مصر والمصريين.
aXA6IDMuMTQ1LjEwOC40MyA= جزيرة ام اند امز