اختراق الإخوان للرئاسة اليمنية.. ألغام جديدة تهدد اتفاق الرياض
رفضت قوى يمنية قرارات رئاسية جديدة واعتبرتها اختراقا إخوانيا يستهدف هدم وتهديد "اتفاق الرياض" وإعاقة الحكومة الجديدة.
وقوبلت القرارات الصادرة عن الرئاسة اليمنية التي تضمنت تعيين قيادات إخوانية في مناصب قضائية وتشريعية رفيعة، ردود فعل سياسية وقضائية وقبلية وشعبية واسعة وغير مسبوقة.
وطالبت جميع الأطراف اليمنية، باستثناء حزب الإصلاح الإخواني، الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بالتدخل للعدول عن قرارات شملت تعيين قيادات في تنظيم الإخوان الإرهابي في مناصب كبيرة من بينها "أعلى منصب قضائي في البلاد".
واعتبرت مكونات سياسية وحزبية وقضائية ومحامون وإعلاميون تعيين ضابط أمني في أعلى منصب قضائي في الدولة "النائب العام" خرقا فاضحا للدستور والقوانين وتجاوزا لاتفاق الرياض والشراكة التي أنتجها الاتفاق.
وقال مصدر سياسي رفيع، لـ"العين الإخبارية"، إن مدير مكتب الرئاسة اليمنية القيادي الإخواني "عبد الله العليمي" ونائبه "أحمد العيسى" هما من يقفان وراء تمرير قرارات بتعيين ضابط من الجناح العسكري لتنظيم الإخوان الإرهابي في منصب "نائب عام" للبلاد.
وأضاف المصدر أن نفوذ تنظيم الإخوان داخل مؤسسة الرئاسة أسهم في حدوث اختراقات خطيرة تهدد بنسف اتفاق الرياض وإعادة التوتر على الأرض عقب المؤشرات الإيجابية التي شهدتها البلاد بإعلان تشكيل الحكومة وبدء تطبيق "اتفاق الرياض".
وصدر، الجمعة الماضية، عدد من القرارات الجمهورية قضت بتعيين اللواء أحمد الموساي، قائد عسكري وأمني في تنظيم الإخوان الإرهابي، بمنصب "النائب العام"، إضافة الى تعيين الدكتور أحمد عبيد بن دغر رئيسا لمجلس الشورى، إضافة إلى قيادي إخواني آخر نائبا له.
ويعد منصب النائب العام أعلى منصب قضائي في اليمن ويملك النائب العام صلاحيات التحقيق حتى مع رئيس الجمهورية ويشترط القانون أن يتم تعيين النائب العام بموجب ترشيح من مجلس القضاء الأعلى، كما يحظر تولي قائد عسكري أو أمني منصب النائب العام دون أن يكون من أعضاء السلطة القضائية.
تنديد قضائي
ندد نادي القضاء اليمني بشدة بإقحام السلطة القضائية في الصراع السياسي وتحويل مناصب القضاء إلى "هبات" لا وفقا للشروط الدستورية والقانونية.
وطالب نادي القضاء في بيان، حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، مجلس القضاء الأعلى برفض القرارات بالتعيينات المخالفة حفاظا على القضاء كسلطة ضامنة ومرجعية للجميع لا حسب التقاسم السياسي، وفقا لكشوفات التفتيش القضائي، متعهدا باتخاذ جميع الإجراءات الدستورية والقانونية للتعبير عن تطلعات الشعب اليمني.
كما دعا جميع المنظمات المحلية والعربية والدولية ذات العلاقة بمساندته للحفاظ على القضاء واستقلاله دون الزج به في أتون الصراع السياسي.
وأطلق عدد من القضاة اليمنيين حملة على مواقع التواصل لمطالبة الرئيس اليمني باعتماد معايير تقييم القضاة في الترقيات والتعيينات من واقع عملهم وتقارير التفتيش القضائي وفق احكام أحكام المواد (56 - 57- 61 - 62) من قانون السلطة القضائية.
ويشترط القانون وجوب ترشيح منصب "النائب العام" من قبل مجلس القضاء الأعلى ثم يتم تعيينه من قبل رئيس الجمهورية كشرط رئيسي للحد من تداخل السلطات ولضمان تطبيق مبدأ استقلال السلطة القضائية وهو ما لم يثبت في القرارات الصادرة مؤخرا، وفقا لقضاة يمنيين.
رفض سياسي وقبلي
ورفضت قيادة حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم والذي يترأسه الرئيس عبدربه منصور هادي ما وصفته بـ"خروقات قيادة الشرعية" ومخالفتها للدستور اليمني والمبادرة الخليجية واتفاق الرياض والتوافق السياسي من خلال إصدار عدد من القرارات غير القانونية.
واعتبرت اللجنة العامة للمؤتمر، أعلى هيئة في الحزب، في بيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، صدور حزمة القرارات الجمهورية والمتضمنة تعيين رئيس مجلس الشورى ونوابه وقرارات أخرى تمثل خرقا واضحا وفاضحا للدستور اليمني واتفاق الرياض الذي رعته السعودية بين القوى اليمنية.
ودعا البيان إلى تصحيح مسار الشرعية ابتداء من هيكلة رأس الشرعية ممثلا بمؤسسة الرئاسة والتي أصبحت سكينا في خاصرة الوطن حيث استأثر تنظيم الإخوان بالشرعية ونتج عن ذلك تفشي الفساد في مختلف المؤسسات الحكومية داخل الشرعية.
وحذر البيان من أن أيام قيادة الشرعية "في إشارة إلى مؤسسة الرئاسة " ستكون معدودة في حال لم يتم تنفيذ خطوات جادة لإعادة النظر في مسار الشرعية وتصحيح نهجها، مطالبا كافة القوى اليمنية باجتماع عاجل لاتخاذ موقف حازم تجاه هذه الاختراقات الخطيرة.
كما دعا التحالف العربي إلى عدم التفريط بـ"اتفاق الرياض" أو المساس به من قبل القوى المهيمنة على القرار داخل الشرعية في إشارة الى تنظيم الإخوان الإرهابي.
من جهته، اعتبر المجلس الانتقالي الجنوبي قرارات تعيين رئيس مجلس الشورى ومنصب النائب العام أنها "أحادية الجانب ولم تتم بالتشاور"، مشيرا إلى أن ذلك نسفا واضحا لاتفاق الرياض.
وقال متحدث المجلس الانتقالي الجنوبي، علي الكثيري في "تويتر" إن القرارات تشكل تصعيداً خطيراً وخروجاً واضحاً ومرفوضاً عن ما تم التوافق عليه، وهو ما يعد نسفاً لاتفاق الرياض.
في ذات السياق، أصدرت كبرى الأحزاب اليسارية في الشرعية بيانا مشتركا يستنكر قرارات التعينات السلطة التشريعية والقضائية ووصفها بـ"الخرق الفاضح" للدستور والقوانين.
واعتبر بيان مشترك صادر عن حزبي "الناصري والاشتراكي" القرارات الرئاسية تمثل انقلابا على "اتفاق الرياض" ولم تأخذ بالاعتبار أهمية تحقيق التوازن المطلوب في هذه المرحلة في قرارات التعيين بين الشمال والجنوب في مؤسسات الدولة المختلفة.
ودعا البيان، حصلت "العين الإخبارية" نسخة منه، إلى إصلاح مسار الشرعية، بما يمكنها من تجاوز كل أخطاء وخطايا الفترة السابقة، وتعزيز تلاحم الصف الوطني الداعم للحكومة المعترف بها دوليا، وتوحيد كل الجهود والطاقات لاستعادة الدولة وانهاء الانقلاب، لافتا إلى أن مثل هذه القرارات تعرقل الحكومة التي شكلت وفقا لاتفاق الرياض.
ودعا البيان الرئيس اليمني إلى التراجع عن القرارات الأخيرة وإعادة تشكيل "مجلس الشورى" وفقا لضمانات مخرجات الحوار الشامل، وتعيين النائب العام وفقا لقانون السلطة القضائية.
وشاركت المكونات القبلية في رفض قرارات تمكين تنظيم الإخوان في أعلى مناصب الدولة، إذ أصدرت قبائل "مراد" كبرى قبائل مأرب بيانا طالبت الرئيس اليمني بالتدخل والعدول عن القرارات الأخيرة المخالفة للدستور والقانون.