نقد «الإخوان»، من خصوم «الإخوان»، ومن داخل «الإخوان» أنفسهم، وبقية الإسلاميين، قديم قدم الجماعة نفسها، وما زال معنا، يمتد عبر الزمن.
الآن، اتضحت معالم الصورة، زال الغبش، وصارت جماعة الإخوان وكل ما تناسل منها، بما فيها «السرورية» منافستها، منبوذة مذمومة محظورة.
في السعودية نشهد اليوم عملاً «جدّياً» لملاحقة حضور «الثقافة» الإخوانية والعمل لأجلها، وكانت مواجهة السياسات القطرية ضمن هذه الصولة الكبرى على الأثر الإخواني الضارّ.
في السعودية نشهد اليوم عملاً «جدّياً» لملاحقة حضور «الثقافة» الإخوانية والعمل لأجلها، وكانت مواجهة السياسات القطرية ضمن هذه الصولة الكبرى على الأثر الإخواني الضارّ.
أريد اليوم الإشارة لمظهر لاحظته في تضاعيف هذه الحملة على «الإخوان»، وهو ادعاء كثير من النشطاء على «السوشيال ميديا» أو بعض مقالات الصحف وحديث الفضائيات، أنهم «أول» من حذّر من «الإخوان» ولم يصغ أحد له... بارك الله في تواضعه!
بل إني طالعت مرة حديثاً لإعلامية شابّة تشير فيه إلى أنها كانت الوحيدة التي هاجمت الجماعة حين لم يكن أحد يفعل هذا... إي والله قالتها!
الجهل ينتج أكثر من هذا، ما بالك إذا أضيف له العنجهية والجرأة غير المسوّغة.
الحال أن نقد «الإخوان»، من خصوم «الإخوان»، ومن داخل «الإخوان» أنفسهم، وبقية الإسلاميين، قديم قدم الجماعة نفسها، وما زال معنا، يمتد عبر الزمن.
لو عدنا للتاريخ المبكر، نجد علامة الشام محمد كرد علي (ت 1953) مؤسس ورئيس المجمع العلمي بدمشق الذي أسس سنة 1919 يقول ناقلاً، على سبيل التأييد، عن الصحافي المعروف سعيد التلاوي صاحب جريدة «الفيحاء» التي أسسها 1947 عن جماعة الإخوان المسلمين: «الإخوان المسلمون جماعة طغت عليهم الأنانية، وفتنتهم الدنيا، وغرّتهم الحياة، فطفقوا يعملون على بلوغ الشهرة والجاه والسلطان من أقرب الطرق؛ وهو طريق الدين الحنيف». (مذكرات محمد كرد علي، ج2. ص531).
في مصر تنوع النقد لـ«الإخوان» من داخل الجماعة، كما مع شيخ حسن البنا نفسه ورفيقه في تأسيس الجماعة أحمد السكري. وخارج الجماعة مثل الشيخ الألباني شيخ أهل الحديث. ونجد كذلك أديب مصر الكبير عباس محمود العقاد ينتقد «الإخوان» مراراً، ومما قاله وهو يعلق على اغتيال الجماعة لرئيس الوزراء النقراشي باشا، بمقالة له يناير (كانون الثاني) 1949: «فقيد الوطن - النقراشي - رحمه الله، قد أراح هذه البلاد من عصابات كثيرة، قبل هذه العصابة الإجرامية، ومنها عصابة (الخُط) المشهورة، التي كانت تعبث بالفتك والسلب والنهب في أوساط الصعيد، والخُط لم يدَّعِ لنفسه أنه إمام من أئمة الدين، ولم يدَّعِ له أحدٌ شيئاً من العلم، أو القدرة على التدجيل باسم العلم».
هجوم العقاد كان مؤذياً للجماعة لدرجة تهديده بالقتل، ثم محاولة اغتياله فعلاً بإطلاق النار عليه وهو جالس على كرسيه بصالونه الشهيرة، بحيلة معروفة.
هذا عن النقد المبكر لـ«الإخوان»، أما من الخمسينات لليوم، فحدّث ولا حرج، نقد يمكن جمعه في موسوعة خاصة.
قليلاً من التواضع، وكثيراً من المعرفة، يا هؤلاء.
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة