عبقرية النموذج الإماراتي في مجال تمكين المرأة جعلت كثيرين في المنطقة والعالم يحاولون الاقتداء به وتطبيقه
كانت دولة الإمارات العربية المتحدة، خلال الأسبوع الماضي، على موعد مع حدثين مهمين لتأكيد نموذجها الاستثنائي في تمكين المرأة وتعزيز حضورها في مجالات الحياة كافة؛ الأول هو انتخابات المجلس الوطني الاتحادي في دورته الرابعة، وهي الدورة التي ستشهد أول تطبيق لقرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، برفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي إلى 50%، لتكون الإمارات أول دولة عربية وإقليمية، وفي مقدمة دول العالم ككل في نسبة تمثيل المرأة في المجالس التشريعية. أما الحدث الثاني، الذي سأتوقف عنده اليوم، فهو استضافة الدولة لحفل وندوة إطلاق "الوثيقة العربية لحقوق المرأة"، اللذين نظمهما المجلس الوطني الاتحادي بالتعاون مع البرلمان العربي، تحت رعاية كريمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات)، حفظها الله.
وهذا الحدث تحديداً ينطوي على دلالات عدة مهمة؛ أولها يتعلق بقوة وجاذبية النموذج الإماراتي في مجال تمكين المرأة، وهو أمر يمكن تلمسه بوضوح من خلال كلمات وتصريحات رؤساء البرلمانات والمسؤولين وقادة المنظمات المعنية بتمكين المرأة والدفاع عن حقوقها الذين شاركوا في ندوة إطلاق الوثيقة، والذين أشادوا جميعهم بهذا النموذج الملهم الذي تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال تمكين المرأة، وبما تحظى به المرأة الإماراتية من اهتمام ورعاية من قبل قيادتنا الرشيدة حفظها الله، قلما نجد نظيرا لها في أي دولة أخرى بالمنطقة والعالم.
لعل أهم ما في النموذج الإماراتي في مجال تمكين المرأة، هو أنه يتطور باستمرار ويزداد جاذبية، فقيادتنا الرشيدة حفظها الله لا تقنع بما تحقق من إنجازات رغم عظمها وكثرتها، وإنما تعمل دائماً على مواصلة مسيرة التطوير في المجالات كافة، ومن بينها مجال تمكين المرأة
وهذا النموذج تدعمه الكثير من المؤشرات والإنجازات التي حققتها المرأة الإماراتية بفضل الدعم اللامحدود من قبل قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، فطبقاً للبيانات والإحصائيات التي أوردها معالي زكي نسيبة، خلال مداخلته في ندوة إطلاق الوثيقة العربية لحقوق المرأة، تصدرت الإمارات قائمة تضم 142 دولة من حيث محو الأمية وتسجيل الفتيات في التعليم الثانوي بحسب مؤشر الفجوة بين الجنسين الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، كما تظهر الإحصاءات أن أكثر من 92% من الإناث يكملن مسيرتهن التعليمية للمرحلة الجامعية، وهي من أعلى النسب في العالم. وتمثل المرأة ثلثي عدد الطلاب المسجلين في الجامعات الحكومية. كما تشغل المرأة الإماراتية نحو ثلثي الوظائف الحكومية، وهي توجد بفاعلية في مختلف الوظائف والمستويات الوظيفية والإدارية، وغير ذلك الكثير من المؤشرات التي يصعب حصرها هنا، والتي جعلت الدولة تحتل المركز الأول عربيا في مؤشر تمكين المرأة لسنوات عدة، وفقا للتقرير السنوي لمركز دراسات مشاركة المرأة العربية التابع لمؤسسة المرأة العربية.
الدلالة الثانية، تتعلق بتنظيم هذا الحدث المهم للمرأة العربية تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك "أم الإمارات"، فالرعاية الكريمة من قبل "أم الإمارات"، الداعم الأكبر للمرأة الإماراتية، وصاحبة الفضل الأكبر فيما وصلت إليه بنت الإمارات من تمكين وتقدم يشيد به القاصي والداني يؤكد تجاوز اهتمام سموها، حفظها الله، بالمرأة وقضاياها، الإطار المحلي الإماراتي، إلى الإطار العربي الأوسع نطاقاً، وحرصها على دعم مسيرة تمكين المرأة وتعزيز دورها في مسارات التنمية المختلفة في جميع الدول العربية، وهو حرص ليس بالجديد بطبيعة الحال، فمبادرات سموها وجهودها الداعمة للمرأة العربية كثيرة ومتنوعة وتحظى بتقدير كبير من قبل جميع المهتمين بشؤون المرأة العربية، الذين يرون في سموها القدوة والنموذج الملهم في الدفاع عن حقوق المرأة وإطلاق طاقاتها وقدراتها للمشاركة الفاعلة في تقدم مجتمعها ونهضته.
الدلالة الثالثة، تتمثل في حقيقة أن إطلاق الوثيقة العربية لحقوق المرأة، التي تعد حدثا نوعيا في مسيرة تطور ونهضة المرأة العربية، من أرض الإمارات، يؤكد حجم الثقة الكبيرة بجهود الدولة في مجال تمكين المرأة، ويعطي في الوقت نفسه درجة أكبر من المصداقية لهذه الوثيقة لدى الشعوب والمجتمعات العربية. فإطلاق الوثيقة التي يُراد لها أن تكون إطارا تشريعيا مرجعيا عربيا في مجال سن القوانين الخاصة بالمرأة وميثاقاً يحظى بالتوافق العربي لتحقيق نهضة المرأة العربية، من دار زايد الخير، يجعل الشعوب العربية والمهتمين بقضايا المرأة العربية أكثر تفاؤلاً بإمكانية ترجمة الأهداف السامية في هذه الوثيقة إلى سياسات ومبادرات ملموسة على أرض الواقع، استناداً إلى قناعتهم وثقتهم بقدرة الإمارات على ترجمة الرؤى والاستراتيجيات الطموحة إلى سياسات ناجحة، وتحويل الأحلام إلى واقع معاش.
ولعل من الأمور الجديرة بالملاحظة هنا، أن الأهداف التي أكدت عليها الوثيقة، بما في التأكيد على حقوق المرأة العربية المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والدعوة إلى تفعيل مبدأ المساواة العادلة المنصفة للمرأة مع الرجل في الدساتير الوطنية وتضمينها في التشريعات والقوانين، وتبني سياسات إيجابية تتيح للمرأة العربية المشاركة البناءة في المجالات كافة، جميع هذه الأهداف متحققة بالفعل في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو ما يجعل النموذج الإماراتي أكثر تقدماً حتى بالمقارنة بما أوردته الوثيقة من أهداف تسعى إلى تحقيقها.
إن عبقرية النموذج الإماراتي في مجال تمكين المرأة، الذي جعل كثيرين في المنطقة والعالم يحاولون الاقتداء به وتطبيقه، تكمن في حقيقة أنه نموذج شامل ومتكامل، ينطلق من قناعة تامة من قبل القيادة الرشيدة، حفظها الله، بأن المرأة نصف المجتمع، وأنه لا يمكن لأي مجتمع أن ينهض ويتقدم من دون مشاركة نصف قوته البشرية، وأن المشاركة الفاعلة للمرأة تقتضي تعليمها وتأهيلها لتقوم بأداء الأدوار المنوطة بها، وفتح المجال أمامها واسعاً للإسهام في نهضة المجتمع وتقدمه، ولذا رأينا كيف كان المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يقوم هو وسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، أم الإمارات، حفظها الله، بزيارة الأهالي في بيوتهم في بداية مرحلة التأسيس من أجل إقناعهم بإرسال بناتهم إلى المدارس، وتذليل كل العقبات التي تحول دون انضمام الفتيات للتعليم، كما رأينا كيف قامت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، أم الإمارات، حفظها الله، بتأسيس الاتحاد النسائي العام ليعمل كإطار مؤسسي داعم للمرأة الإماراتية، وكيف أسهمت بوضع الاستراتيجيات الخاصة بتقدم المرأة وتمكينها وتحقيق ريادتها، ومتابعة تنفيذها على أرض الواقع. وقد استمر هذا النهج في عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، الذي أطلق مرحلة التمكين، والتي كان تمكين المرأة الإماراتية جزءا لا يتجزأ منها. كما نرى هذا الدعم قولاً وفعلاً في مواقف وسياسات وتصريحات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، وباقي إخوانهم من حكام الإمارات. فلولا هذا الوعي من قبل قيادتنا الرشيدة حفظها الله، ودعمها القوي للمرأة الإماراتية ووضع مسألة النهوض بها في مقدمة أولوياتها، ما كان لهذا النموذج الإماراتي الرائع في مجال تمكين المرأة أن يتحقق.
ولعل أهم ما في النموذج الإماراتي في مجال تمكين المرأة هو أنه يتطور باستمرار ويزداد جاذبية، فقيادتنا الرشيدة حفظها الله لا تقنع بما تحقق من إنجازات رغم عظمها وكثرتها، وإنما تعمل دائماً على مواصلة مسيرة التطوير في المجالات كافة، ومن بينها مجال تمكين المرأة، لهذا رأينا قرار مجلس الوزراء في عام 2015 باعتماد تشكيل "مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين"، لتقليص الفجوة بين الجنسين في مجالات ومؤسسات العمل كافة، وتحقيق التوازن بينهما، كما رأينا قرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله برفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي إلى النصف، ورأينا أخيراً إطلاق الوثيقة العربية لحقوق المرأة كوثيقة مرجعية لتحقيق نهضة المرأة في المنطقة العربية برمتها، وسنرى المزيد والمزيد من الخطوات التي تعزز باستمرار هذا النموذج الإماراتي الرائع في مجال تمكين المرأة إقليمياً ودولياً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة