دولة الإمارات بقيادتها الحكيمة تعي حجم التحديات الإقليمية والعالمية وأهمية بناء نسق عربي قوي وفاعل.
شهد العالم والمنطقة العديد من التطورات السياسية والاقتصادية سواء خلال المرحلة التي سبقت أو أعقبت الدورة السنوية الثانية لحكومة الإمارات التي ناقشت حزمة من استراتيجيات ومبادرات جرى إطلاقها لإثراء رؤى وبرامج 2021 و2071، وذلك لضمان أن تحقق أهدافها في دعم مركز الدولة ضمن قوائم الصدارة العالمية.
هذه المستجدات المتوالية استوجبت أن يحظى المحور الجيوسياسي بأهمية بالغة في أجندة عمل اجتماعات الحكومة التي تسعى في الأساس وفقا للرؤية القيادية الحكيمة للإجابة على تساؤلين، أين وصلنا اليوم كدولة؟ وأين نريد أن نصل خلال السنوات المقبلة؟ وفي ظل التغييرات السياسية والاقتصادية على المستوى الدولي، والتي من الواجب على الحكومات المتنافسة على مواقع الصدارة العالمية، ومنها حكومة الإمارات، أن تُخضعها للدراسة والبحث والتحليل، فقد كان لها أيضاً خلال الأيام القليلة الماضية ما يواكبها من المستجدات الجزئية في قطاع النفط الذي يتشابك بالضرورة مع رؤية الإمارات 2021 ويستوجب القراءة، وذلك لتحديد مدى مطابقتها للقراءات الاستشرافية التي اعتمدتها القيادة الرشيدة في الإمارات عندما وضعت السيناريوهات وأطلقت حزمة الاستراتيجيات والمبادرات بنهج ريادي وابتكاري متكامل.
المستجدات المتوالية استوجبت أن يحظى المحور الجيوسياسي بأهمية بالغة في أجندة عمل اجتماعات الحكومة التي تسعى في الأساس وفقا للرؤية القيادية الحكيمة للإجابة على تساؤلين، أين وصلنا اليوم كدولة؟ وأين نريد أن نصل خلال السنوات المقبلة؟
حيثيات اجتماعات حكومة الإمارات السنوية الأخيرة التي انعقدت على مدى يومين، تناولت هذه الأسئلة باستفاضة، في تبيان أهمية "الجيوبوليتيك" المحترف، وكيف أنه يشكل بالنسبة للإمارات جزءاً أساسياً من عملية التخطيط الاستراتيجي في الجهات الحكومية، وهي التي يتم من خلالها إجراء الدراسات وإطلاق السيناريوهات لاستشراف مستقبل كل القطاعات الحيوية ووضع السياسات والخطط بناءً على ذلك.
ومن هنا فإن دولة الإمارات بقيادتها الحكيمة تعي حجم التحديات الإقليمية والعالمية وأهمية بناء نسق عربي قوي وفاعل يمكن من خلاله إنتاج دور ريادي قادر على مواجهة كل التحديات، وذلك وفقا لما أكده معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، خلال مشاركته في الاجتماعات السنوية للحكومة.
في الجلسة الأولى للنسخة الثانية من اجتماعات حكومة الإمارات، كانت هناك ورشة نقاشية معمقة، تحت عنوان "المتغيرات السياسة العالمية"، عرضت باحتراف اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية مع الهند والصين، وحكمة القيادة في التبكير بوضع هذه الاتفاقيات التي تستشرف أوضاعاً عالمية تشهد متغيرات كبيرة لصالح الاقتصادات العالمية الصاعدة، وتحول مركز الثقل في الاقتصاد العالمي نحو الشرق.
وكان واضحا أن تصميم وبناء تلك الاتفاقيات الاستراتيجية، جاء على ذات القواعد التي تقوم عليها رؤى 2021 و2071، من موجبات التفكير الابتكاري "خارج السلّة"، ومن ثوابت التنويع في الموارد والشراكات القطاعية، وهي قواعد تعزز أوراق قوة الاقتصاد والأسواق الإماراتية المُعترف بها بوابة للشرق الأوسط، وقد جرى خلال 2018 توسيع هذه البوابة لتضم أيضاً البحر الأحمر وشرق أفريقيا بنتيجة المصالحات التاريخية التي رعتها جهود متكاملة للقيادتين الإماراتية والسعودية.
وخلال عرض المتغيرات السياسية العالمية، وكيفية تعامل الإمارات معها، جرى تبيان الكيفية التي تتحول فيها النجاحات التنموية الداخلية إلى نجاحات خارجية تضمن استدامة الارتقاء على قوائم التنافسية والكفاءة والإنجاز، فالسياسات الداخلية هي في النهاية سياسات خارجية وفقا لما عبّر عنه معالي الدكتور قرقاش أيضا، وذلك على اعتبار أن النجاح في الأولى، بمختلف قطاعات التعليم والصحة والخدمات الحكومية وإشاعة ثقافات التسامح ومكافحة العنف والإرهاب، يتحول آلياً إلى نجاحات خارجية توسع دائرة الشراكات الاستراتيجية الدولية، وُيضاعف عدد الدول التي يرتفع فيها العلم الإماراتي الذي تحمله الاستثمارات الخارجية في كل المجالات الواثقة التي ترتادها، ابتداء من الزراعة والأمن الغذائي مروراً بإدارة شبكات الموانئ العالمية وانتهاء بالصناعات الفضائية.
في تبيان آليات ومحركات الاستراتيجية الجغرافية للإمارات، وكيف أنها جزء في صلب رؤى 2021 و2071، فقد جاءت شروحات الترابط المتبادل بين أوراق القوة الداخلية والخارجية للدولة جليّة ومتماسكة بقوة، وكيف أن خطط التنمية الداخلية تعني تنمية مستدامة لرسالة دولة الإمارات في العالم، وهي التي تقوم على السيادة والوسطية والعقلانية ومحاربة الإرهاب والتطرف وتمكين الشراكات الدولية القائمة على الانفتاح الاقتصادي والاجتماعي.
وبقوة الطرح والاستشراف المستقبلي الوثيق والمبني على "جيوبوليتيك" مؤسسي نفسها، كانت أيضاً القناعة بأن جموح المتغيرات الدولية والتحديات الناشئة عن ذلك، يستدعيان من دولة الإمارات أن توظف قوتها الناعمة وموثوقيتها ورسائلها الإنسانية لتسهم في بناء نسق عربي فاعل، تعيد فيه إنتاج منظومة عربية لها وظيفتها وإرادتها وصوتها الذي يضمن الاستقرار بعيد المدى برؤية استباقية، وهي التي تمثلت بمئات الاستراتيجيات والمشروعات والمبادرات التي أطلقتها الدورة السنوية الثانية 2018 من اجتماعات حكومة الإمارات.
نقلا عن "وام"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة