الحاجز المرجاني العظيم يفاجئ العلماء.. صمود ومرونة تفوق التوقعات

لن يزول الحاجز المرجاني العظيم بسبب عامل واحد فقط؛ فهو أقوى وأكثر مرونة مما نتوقع.
يقع الحاجز المرجاني العظيم قبالة الساحل الشرقي لأستراليا، وعلى امتداد يزيد على 2300 كيلومتر على طول ساحل ولاية كوينزلاند -الواقعة في شمال شرق أستراليا- وهو يُشكل أكبر الأنظمة البحرية للشعاب المرجانية على الإطلاق، ويبلغ عمره على سطح الأرض ما بين 500 إلى 600 ألف سنة مضت؛ أي أنه مر بالكثير من التغيرات البيئية والجيولوجية، لكن أظهرت العديد من الدراسات أنّ تسارع التغيرات المناخية في عصرنا الحالي، وارتفاع درجات الحرارة العالمية، يهدد ذلك النظام البحري الذي صمد لمئات الآلاف من السنين.
ارتفاع مستوى سطح البحر
وفقًا لـ"المنظمة العالمية للأرصاد الجوية" (WMO)، سجلت درجات الحرارة العالمية عام 2024 نحو 1.55 درجة مئوية أعلى من مستويات عصر ما قبل الصناعة. وهي بذلك أعلى درجة حرارة سُجلت منذ عصر الصناعة. ومع تفاقم الاحترار العالمي، يزداد معدل ذوبان الجليد؛ متسببًا في ارتفاع مستويات سطح البحر، الأمر الذي قد يؤثر سلبًا على النظم البيئية للشعاب المرجانية.
مع ذلك، يبدو أنّ هناك عوامل أخرى تزيد الضغوطات على الشعاب المرجانية تزامنًا مع ارتفاع منسوب مياه البحر. وهذا ما عملت على استكشافه مجموعة بحثية دولية؛ إذ وجدوا أنّ الشعاب المرجانية قادرة على تحمل ارتفاع مستويات سطح البحر، لكنها عرضة للضغوطات البيئية المصاحبة الناتجة عن التغيرات المناخية العالمية؛ مثل ارتفاع درجات الحرارة، سوء جودة المياه، وغيرهم. ونشر الباحثون دراستهم في دورية "نيتشر كوميونيكاشنز" (Nature Communications) في 2 يونيو/حزيران 2025.
تقصي
حصل الباحثون على عينات نوية من رواسب وطحالب ومرجان أحفوري بواسطة سفينة حفر من تحت حافة جرف الحاجز المرجاني العظيم على عمق يتراوح بين 40 إلى 50 مترًا، ثم قاموا بتحليلها لمعرفة كيفية تطور النظام البيئي للحاجز المرجاني العظيم البدائي -أسلاف الشعاب المرجانية الحالية هناك- بين 11450 إلى 11100 عام مضت، وتتزامن تلك الفترة الزمنية التي تبلغ 350 عامًا مع ارتفاع مستويات سطح البحر العالمية بسرعة كبيرة؛ إذ يُعتقد أنّ الصفائح الجليدية القطبية كانت قد شهدت خلالها ذوبانًا متسارعًا بسبب ارتفاع درجات الحرارة. وتُشير السجلات إلى أنّ مستويات سطح البحر كانت ترتفع بمعدل يصل إلى 40 ميلمترًا سنويًا.
وتجدر الإشارة إلى أنّ فهم التغيرات البيئية التي أثرت على الشعاب المرجانية وقادت إلى انقراضها، يساعد العلماء والباحثون على تقديم أدلة علمية لما يمكن أن يحدث للشعاب المرجانية الحديثة.
ضغوطات مصاحبة
خلص مؤلفو الدراسة إلى أنّ التغيرات البيئية في العوامل المصاحبة لارتفاع مستوى سطح البحر قد أدت إلى زوال الشعاب المرجانية هناك قبل 10 آلاف سنة؛ وفي حين أنّ ارتفاع مستويات سطح البحر كان من المعتقد أنها تُقدر بنحو 40 ميللمترًا في تلك الحقبة الزمنية، إلا أنّ الدراسة أثبتت أنها كانت تتراوح بين 3 إلى 5 ميلمترات سنويًا. لكن العوامل الأخرى مثل ارتفاع درجات الحرارة وسوء جودة المياه والتغيرات في طبيعة البيئة المحيطة بالشعاب المرجانية كان لها التأثير الأكبر.
وبالفعل، تتزايد ظاهرة ابيضاض الشعاب المرجانية اليوم تزامنًا مع الارتفاع المستمر في درجات الحرارة، ما يضعها أمام ضغوطات قادرة على دفعها نحو الزوال. وهذا يبرز أنّ الحاجز المرجاني العظيم أكثر مرونة من التوقعات السابقة، وإنه يمكنه الصمود في مواجهة ارتفاع منسوب سطح البحر، لكن مع كثرة العوامل البيئية والضغوطات المصاحبة، قد يخرج الأمر عن السيطرة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjAzIA== جزيرة ام اند امز