"الأيرلندي" يعكس نفاق سكورسيزي.. والمشاهد المتضرر الأول
سكورسيزي يتصدر عناوين الأخبار خلال ترويجه للفيلم بسبب آرائه الجدلية تجاه أفلام الأبطال الخارقين بعد وصفها بأنها أقرب لنزهة منها للسينما
مع طرح فيلم "الأيرلندي" ضمن عروض شبكة نتفليكس، عبَر عدد من المهتمين بصناعة السينما عن قلقهم من سيطرة نتفلكس على ساحة الأفلام الروائية.
ومن المتوقع أن يفوز فيلم The Irishman "الأيرلندي" بالعديد من الجوائز، لامتلاكه كل عوامل النجاح، من حبكة رائعة وأداء مميز لأبطاله، فضلا عن مشاركة مجموعة من ألمع نجوم هوليوود مثل آل باتشينو وروبرت دي نيرو تحت إشراف المخرج مارتن سكورسيزي.
كان من الطبيعي أن تسارع نتفليكس للمشاركة في عمل بهذه القيمة، فتقدمت بنحو 159 مليون دولار تكلفة إنتاج فيلم الجريمة والإثارة، الذي يستخدم فيه "سكورسيزي" تقنية تعديل السن رقميا، من خلال تغيير ملامح شخصياته الرئيسية لنسخ أصغر سنا، على مدار حقب زمنية مختلفة يجسدها في فيلمه الروائي الطويل، حسب موقع "وايرد" البريطاني.
لا جدال على أن فيلم "الأيرلندي" المأخوذ عن أحداث واقعية سيمثل تحفة فنية بكل المقاييس، الشيء المحزن هو أنه لن يتسنى لكثيرين رؤية هذه التحفة على الشاشة الفضية.
سمحت شبكة نتفليكس بعرض فيلم "الأيرلندي" في دور العرض المختلفة بشكل محدود، إذ عُرِض الفيلم في سينمات معدودة في بريطانيا.
فيما رفضت نتفليكس عرض الفيلم في كثير من دور العرض السينمائية العملاقة في الولايات المتحدة الأمريكية، وألغت اتفاقها السابق الذي يتيح للسينمات عرض أفلامها 90 يوما بشكل حصري، لتقتصر المدة على 21 يوما فقط.
وافتتِح عرض "الأيرلندي" يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني، وأصبح متاحا للعرض على شبكة نتفليكس 28 نوفمبر/تشرين الثاني.
فيلم "الأيرلندي" مبني على حياة فرانك شيران (روبرت دي نيرو)، مسؤول رفيع المستوى بنقابة العمال متورط في أنشطة إجرامية.
استمد الفيلم الإلهام لأحداثه من كتاب "سمعت أنك تطلي المنازل" للكاتب تشارلز برانت الذي يحكي رحلة صعود "شيران" من مجرد عامل توصيل إلى قاتل مأجور عتيد الإجرام له صلة باختفاء زعيم المافيا ورئيس نقابة العمال جيمي هوفا (آل باتشينو) عام 1975.
تصدر "سكورسيزي" عناوين الأخبار مؤخرا خلال ترويجه لفيلم "الأيرلندي"، بسبب آرائه الجدلية تجاه أفلام الأبطال الخارقين، إذ صرح بأنه يرى أن أفلام مارفل أقرب لنزهة منها للسينما الحقيقية.
ثم عاد وفسر تصريحاته التي أساء البعض فهمها، موضحا أن مثل هذه الأفلام تقلل فرص المشاهد في رؤية أفلام أخرى غير تجارية، إذ أصبحت أفلام الأبطال الخارقين الخيار الأول لرواد السينما حول العالم، وهو ما يمثل مشكلة كبيرة لصناعة السينما.
بحسب الموقع، فإن موافقة "سكورسيزي" على عرض فيلم "الأيرلندي" على شبكة نتفليكس يضيف مشكلة جديدة لصناعة السينما، فوفقا لتصريحات "سكورسيزي" ذاته فإن صناع الأفلام لا يرغبون في تنفيذ أفلام للعرض على الشاشة الصغيرة، وأنه كان يفضل عرض فيلمه على الشاشة الفضية، حيث تنتمي الأفلام عموما.
مدة عرض فيلم "الأيرلندي" نحو 210 دقيقة، وهو أطول من فيلم Avengers: Endgame "أفنجرز: نهاية اللعبة"، أو أي من أجزاء فيلم "مملكة الخواتم"، كما أنه أقرب لأفلام هوليوود الكلاسيكية مثل "ذهب مع الريح"، ولكنه يتميز بتصاعد أحداثه ووجود توتر درامي قادر على جذب اهتمام المشاهدين وأسرهم في مقاعدهم في السينما.
يختلف الحال بكل تأكيد حال مشاهدتك "الأيرلندي" على شبكة نتفليكس من منزلك، إذ يسهل تشتيت انتباهك أكثر من مرة بالمسؤوليات والأنشطة اليومية، خاصة مع طول مدة الفيلم.
من جهة أخرى، مر فيلم "الأيرلندي" بصعوبات كثيرة، إلى أن بدأ تنفيذه أخيرا، إذ انسحبت شركة "بارامونت" من إنتاجه في البداية، بسبب خلافات على الميزانية.
ثم عرضت نتفليكس خدماتها بميزانية 105 ملايين دولار، تزايدت بمرور الوقت، إلا أن نتفليكس لم تمانع وفقا لـ"سكورسيزي" الذي ذكر مؤخرا أنه يرجع للشبكة وحدها الفضل في تنفيذ الفيلم بالطريقة التي احتجناها.
يطرح الموقع هنا سؤالا للمخرج "سكورسيزي" حول مدى أهمية تنفيذ الرؤية الفنية بصورة ممتازة إذا لم يتسنَ لأحد رؤيتها؟
كان من الممكن أن يطرح فيلم "الأيرلندي" في كل سينمات العالم ليشاهده الجميع دون تمييز في حالة موافقة صناعه على تخفيض ميزانيته قليلا، أو تقليل مدة عرضه بعض الشيء، ربما وقتها كان بإمكان "سكورسيزي" التفاوض مع نتفليكس لإطالة مدة عرضه في السينمات، ولكنها بطبيعة الحال لن توافق لأن ذلك يعني خسارة المشتركين في خدماتها.
خلص الموقع إلى أن تنفيذ الأفلام يتطلب الكثير من التنازلات، و"سكورسيزي" لم يكن مستعدا لتقديم أي منها.