فرقة (السرورية) أخطر فرق الإخوان في المملكة وهي الآن في مرحلة (كمون) وستعود إلى الظهور متى وجدت فرصة
هناك من يقول إن فرقة (السرورية)، أخطر فرق الإخوان في المملكة، وهي الآن في مرحلة (كمون)، وستعود إلى الظهور متى وجدت فرصة. وأنا أعتقد جازما أن السرورية هي الآن في مرحلة (بداية النهاية)، وأن حرمانها من محاضن تفريخ أجيال جدد، سيؤدي بها مع الزمن إلى التلاشي.
وهنا لا بد من الاعتراف أن السرورية كانت في الثلاثة عقود الميلادية الأخيرة تحظى في المملكة خاصة برعاية قطاع كبير ومنتشر من السعوديين لا سيما طلبة العلم الديني منهم، كما أن كثيرًا من المسؤولين الحكوميين بمختلف درجاتهم، كانوا يقفون معها ومع رموزها، عن جهل مطبق بأهدافها التي ترمي إليها. غير أن ما يسمى (الربيع العربي)، وتبني أساطين هذه الحركة له ووقوفها معه، وما خلّفه هذا الربيع الدموي من أحداث دموية وتدميرية خطيرة ومزلزلة، جعل كثيرا من السعوديين يتنبهون إلى ما كنا نحذر منه لأكثر من عقدين مضيا، وفحواه أن هذه الحركة حركة مسيسة تتستر بالدين، هدفها وغاية غاياتها الوصول إلى الحكم، وأن توظيفهم للحلال والحرام مجرد (آلية) براغماتية من خلالها يستقطبون الأتباع لتحقيق هذه الغاية. وكان كل من ينتقدهم، ويحذر منهم، يُنظر إليه وإلى كتاباته بعين الشك والريبة، من منطلق أنه لا يختلف معهم، وإنما مع دين الإسلام برمته. واستطاعت بالفعل تلك التنظيمات الصحوية، أن تزرع في أذهان كثير من بسطاء الناس هذه القناعة، من خلال خطباء الجُمع، وبعض المنصات الإعلامية المتأسلمة، حتى تلك التي لم تكن من ذات التوجه الصحوي المتأسلم. ومن مشاكل العرب المعرفية أنهم بشكل عام، والسعوديين بشكل خاص، ذو عقلية لا تحسن الظن، ويكتنفها التشكيك في أي نقد جديد، إضافة إلى أنهم لا يقرؤون، وإذا قرؤوا المواضيع الفكرية الناقدة لا يقرؤوها بتجرد، وإنما من خلال العاطفة، وما تلقوه من معلومات مغلوطة وخاطئة عن الكُتاب وميولهم وأهدافهم. لكنهم عندما رأوا بأعينهم، وعلى أرض الواقع، ما انتهت إليه هذه الدعوات المتأسلمة المخادعة من دمار مخيف في البلدان التي اجتاحتها أمواج ثوار المتأسلمين، الذين حمل لواءها السروريون إلى جانب تنظيمهم الأم جماعة الإخوان، تغيرت قناعات كثيرين منهم، وأدركوا فعلا أنهم (دعاة على أبواب جهنم)، كما كان يوصف في الماضي الخوارج.
إن وجود هذا الأمير الأمل، خاصة وهو لا يزال في ريعان الشباب، وعمله الذي لا يكل ولا يتقاعس عن مواجهتهم، وتركيزه على (التعليم) بمختلف مراحله، سيفقدهم أهم حواضنهم ومنابرهم التي من خلالها شكلوا ذهنية الإنسان السعودي
النقطة الثانية والجوهرية وجود رجل يسمى (محمد بن سلمان) بجانب والده الملك سلمان، يمسك بزمام الأمور، فهذا الرجل سياسي واعٍ، ومثقف، وشجاع ومقدام، لذلك عقد العزم على سحقهم، وصرح بذلك ولم يخفيه، ووعد: أنه (سيحطم هذه الصحوة)، فهو على ما يبدو أدرك بعينه الثاقبة، أن السروريين وإن تلبسوا بلبوس الإسلام، فإسلامهم لا يعدوا أن يكون وسيلة لتحقيق غاية سياسية، والإسلام منذ أن نزل الوحي على الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو دين وعقيدة وخلق قويم، ودعوته ترمي إلى (توحيد) الله بعبادته وحده لا شريك له، وعندما يهمل الإنسان هذا الهدف والغاية، أو يحولها إلى (مطية) لتحقيق غاية، فقد انحرف حكماً عن الدين، ومن يقرأ أدبيات السروريين، لن تخطئ عينه صحة ما أقول، حتى وإن كان ضحل الثقافة وساذج في وعيه وإدراكه.
كل ما أريد أن أقوله إن وجود هذا الأمير الأمل، خاصة وهو لا يزال في ريعان الشباب، وعمله الذي لا يكل ولا يتقاعس عن مواجهتهم، وتركيزه على (التعليم) بمختلف مراحله، سيفقدهم أهم حواضنهم ومنابرهم التي من خلالها شكلوا ذهنية الإنسان السعودي، وبمواجهتهم بهذه (الآلية) التي على ما يبدو لا يعوزها اليقظة والحذر والحزم، فلن يكون لهم وجود يُذكر في أجيال شباب المستقبل، وسوف ينتهون كما انتهى الخوارج قبلهم.
إلى اللقاء
نقلاً عن "الجزيرة السعودية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة