هل يدرك ابن الدوحة المسكين كما أدرك بعض أبنائها المخلصين أن الثالوث الخطر يضع قطر في جيبه وهو يهرول نحو الخليفة المزعوم في أنقرة؟
الرعب الذي يدق في أحشاء الدوحة ليس عارضاً، بل هو ذات الرعب والخوف الذي حاولت قطر، ولعشرين عاماً، أن تنثره في عواصم وبلدان كثيرة، فمنذ اندلاع أزمة قطر مع أشقائها، راحت تطفو حقائق وأسرار مخيفة، حاولت قطر إخفاءها عن شعبها المغشوش بحكومته الصبيانية، وراحت تظهر لهم بجلاء ما يقوم به «الثالوث الخطر» من تخبط وعشوائية ودعم بلا حساب للإرهاب على الصعيد الخارجي، أو جرائم ممنهجة ضد فئات عديدة من الشعب القطري داخلياً.
ابن الدوحة، الذي أدرك متأخراً ضياع قطر في جيوب تنظيم الحمدين، كان يظن المسكين، في وقت المحاسبة، أنه يستطيع أن يأخذ حقه ويتم إنصافه من قبل حكومته، لكن المفاجأة الكبرى التي صدمته هو انتشار تلك الأخبار والأسرار والحقائق التي لحقت بالحمدين وثالثهما تميم، وحين شاهد ابن الدوحة بعينه التي باتت لا تنام خوفاً وقلقاً مما يحدث من قمع وتنكيل لكل من يعارض أو ينتقد السياسة القطرية، إلى أن وصل الأمر لسحب الجنسيات والطرد بطريقة تعسفية، وإقصاء من المواقع الأمنية الحساسة، وتجنيس المرتزقة، فبات المسلوب في حيرة من أمره.
يرى ابن الدوحة جلياً أن الإخوان يسيطرون على قرة عينه ووطنه الغالي، يراهم يعتلون المناصب العليا في الدولة، يتاح لهم ولأي مرتزق مارق منبر حصري في المنابر الإعلامية الوطنية، يرى الإخوان في المساجد والهيئات التعليمية يبثون سمومهم الفكرية المتطرفة، فيصاب مع الخوف بالتشويش، ويدرك أن حبيبته الدوحة قد أصبحت مجرد سطر أسود في ذاكرة الخليج والوطن العربي والعالم.
هل يدرك ابن الدوحة المسكين كما أدرك بعض أبنائها المخلصين أن الثالوث الخطر يضع قطر في جيبه وهو يهرول نحو الخليفة المزعوم في أنقرة، يستجدي الحماية لعرشه المتهالك، على حساب الشعب القطري العربي الأصيل وتاريخ هذا الشعب مع خليجه الدافئ ومع أمته العربية والإسلامية؟
يتابع ابن الدوحة في الأيام الأخيرة ما جرى في تدويل الحج، وكيف وقع تنظيم الحمدين في مأزق لا فكاك منه، ثم يأتي اتصال أمير قطر مع صاحب السمو ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، وكيف تبين أن حاكم الدوحة الصوري لا يملك من أمره شيئاً، وأنه مجرد خيال مآتة تحركه أصابع الحمدين الخبيثة، ثم ظهر له اجتماع المعارضة القطرية في لندن، وشاهد ما تقوم به عصابة تنظيم الحمدين وعساهم من ملاحقة ومطاردة وتهديد، حتى لا تتكشف المزيد من الفضائح، كما قال الدبلوماسي الأمريكي بيل ريتشاردسون في المؤتمر في لندن: «قطر تحاول القيام بلعبة مزدوجة، بوجود القاعدة الأمريكية ودعم الإرهاب، وأن على قطر دفع ثمن دعمها للتطرف».
أبناء الدوحة: خالد الهيل ومنى السليطي وغيرهم الكثيرون، فهموا تلك المسألة مبكراً، كشفوا حقيقة تنظيم الحمدين، فقدموا أنفسهم وأرواحهم على مصالحهم الشخصية، وانطلقوا يساعدون ابن الدوحة المسكين، القابع في ظل الخوف والرعب، بين الأتراك والفرس، وفي قبضة الثالوث الخطر في الدوحة، قبل أن تتحول أزمة قطر إلى مأساة، وقبل أن يمعن تنظيم الحمدين، ومعهما ثالثهما، في تحويل الدوحة إلى جناح من أجنحة حريم السلطان أردوغان، يصبح الدخول إليها والخروج منها لا يتم إلا بإذنه.
هل يدرك ابن الدوحة المسكين كما أدرك بعض أبنائها المخلصين أن الثالوث الخطر يضع قطر في جيبه وهو يهرول نحو الخليفة المزعوم في أنقره، يستجدي الحماية لعرشه المتهالك على حساب الشعب القطري العربي الأصيل، وعلى حساب تاريخ هذا الشعب مع خليجه الدافئ، ومع أمته العربية والإسلامية؟ وهل سيدرك أن امتداح إيران وحده من قبل ساسة قطر، والقول بأنها «أشرف من العرب» سوف يترك وصمة عار في جبين ابن الدوحة لن يمحوها سوى تغيير هذا الثالوث الخطر، وبطريقة سلمية تعيد للدوحة اطمئنانها وزهوها؟
الخوف الذي يخيم على الدوحة اليوم، وفي هذه الليلة وكل ليلة، لن يتزحزح قبل أن يستيقظ ابن الدوحة المغلوب على أمره ويعيد حساباته جميعاً، فإذا كان من عصابة نظام الثالوث الخطر يقدم مصلحته الشخصية على مصالح وطنه فليعلم أن هذا النظام زائل لا محالة، وأن على الباغي تدور الدوائر، وسيأتي يوم ويحاسب فيه حساباً عسيراً على ما اقترفت يداه، وإن كان من الفئات الأخرى للشعب القطري المهمشة والمغتصبة حقوقها فليتحرك، ويبدأ البحث عن سبيل ينقذ به وطنه من هذه العصابة اللئيمة.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة