الحرب ضد البلاستيك.. تفاصيل جولة "باريسية" جديدة
تنعقد بعد أيام الجولة الثانية من مباحثات لجنة التفاوض الحكومية الدولية لإنهاء التلوث البلاستيكي.
والتي ستجرى في باريس في الفترة ما بين 29 مايو وتمتد حتى 2 يونيو، وبالتوازي، أطلقت الأمم المتحدة أمس الأول تقريراً جديداً يضع "خارطة طريق" لمساعدة الدول على السير نحو تحقيق هذا الهدف.
ووضع التقرير الذي حمل عنوان "وقف مصادر التلوث: كيف يمكن للعالم إنهاء التلوث البلاستيكي"، ما وصفه بـ"خارطة طريق" إذا تم تطبيقها ستساعد على خفض التلوث البلاستيكي بنسبة 80 % بحلول عام 2040 .
وتتمثل في إنشاء "اقتصاد دائري" في سوق البلاستيك من خلال إجراء ثلاثة تحولات رئيسية، الأول إعادة استخدام البلاستيك مثل الزجاجات القابلة لإعادة التعبئة، والثاني إعادة التدوير الذي بإمكانه أن يحد من التلوث البلاستيكي بنسبة 20 % إذا تحوّل إلى مشروعات مستقرة ورابحة، والثالث هو "إعادة التوجيه والتنويع"، أي استخدام بدائل متنوعة للبلاستيك، مثل الورق أو المواد القابلة للتسميد.
التحول إلى الاقتصاد الدائري
ووجد التقرير أن التحول إلى الاقتصاد الدائري سيؤدي إلى توفير 1.27 تريليون دولار أمريكي، كما سيؤدي إلى توفير 700 ألف وظيفة إضافية بحلول عام 2040، معظمها في البلدان منخفضة الدخل، مما يؤدي إلى تحسن كبير في حياة ملايين العمال.
وكان تشكيل لجنة التفاوض الدولية لإنهاء التلوث البلاستيكي أحد القرارات التي خرج بها المشاركون في جمعية الأمم المتحدة للبيئة التي انعقدت في فبراير 2022، في العاصمة الكينية "نيروبي"، والتي نتج عنها اتفاق وصفته الأمم المتحدة حينها بأنه "تاريخي"، إذ وضع صك دولي ملزم قانوناً بشأن التلوث البلاستيكي متضمناً تلوث البيئة البحرية أيضاً، على أن يتم استكمال المفاوضات بحلول نهاية عام 2024.
وشارك في إبرام الاتفاق رؤساء الدول ووزراء البيئة وممثلون آخرون من 175 بلداً، واتفقوا على أن تشمل مفاوضات الاتفاقية وضع قواعد لتنظيم دورة الحياة الكاملة للمواد البلاستيكية، بما في ذلك إنتاجها وتصميمها لتبح قابلة لإعادة الاستخدام أو التدوير والتخلص منها، وتقديم بدائل متنوعة، وتعزيز التعاون الدولي لتسهيل الوصول إلى التكنولوجيا، وبناء القدرات، والتعاون العلمي، والتقني.
وفي مدينة بونتا دل إستي بـ" أوروغواي"، انعقدت جولة التفاوض الأولى للجنة في 28 نوفمبر الماضي، وكان للدول مطالب مختلفة، فطالبت مصر على سبيل المثال، وهي إحدى دول المجموعة الإفريقية، بأن تكون هناك وسائل تنفيذ طموحة، وأهمها توفير التمويل الكافي للدول النامية لإنهاء التلوث البلاستيكي، وأن يتم تعبئة هذا التمويل من المصادر الخاصة بجانب المصادر العامة وبشرط ألا يزيد ذلك من ديون هذه الدول، كما طالبت بأن يتم تحقيق هذا الهدف بطريقة "الانتقال العادل" وإجراء تقييم لاحتياجات الدول النامية للتخلص التدريجي من تلوث البلاستيك، وأن يتم مراعاة احتياجات القطاعات غير الرسمية والشركات الصغيرة والمتوسطة في البلدان النامية، إضافة إلى ضرورة تسهيل نقل التكنولوجيا إلى هذه البلدان.
جولة المفاوضات الأولى
وكان من أهم نتائج جولة المفاوضات الأولى، التزام الحكومات بتطوير أدوات تنظم دورة الحياة الكاملة للمواد البلاستيكية، وتحمي صحة الإنسان والبيئة، وتراعي احتياجات البلدان الأكثر احتياجا، على أن تتم تنفيذ التعهدات بطريقتين، الاولى وضع الأهداف وتدابير الرقابة، والثانية بحث، وسائل التنفيذ، والتمويل.
ووفقاً لآخر تحديث قدمته اللجنة في فبراير 2023 عن حالة المساهمات، بلغ إجمالي التعهدات المالية التي أقرت بها الدول لتقليل التلوث البلاستيكي نحو 14 مليون و114 ألف دولار، تم الوفاء منها حتى الآن بنحو 10 مليون و550 ألف دولار.
وأصبح تكثيف الإجراءات الدولية لإنهاء التلوث البلاستيكي ضرورة ملحة، في ظل الإحصائيات الأخيرة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والذي وجد أن 85% من القمامة البحرية هي من البلاستيك، كما حذر من أنه بحلول عام 2040، ستتضاعف كمية النفايات البلاستيكية التي تتدفق إلى المحيط ثلاث مرات تقريبًا، وأن 23 إلى 37 مليون طن من النفايات البلاستيكية ستُضاف إلى المحيط كل عام.
وتشير إحصائيات الأمم المتحدة أيضاً إلى أن العالم ينتج أكثر من 400 مليون طن سنويا من جزيئات البلاستيك الدقيقة ينتهي بها الحال في طعامنا وشرابنا والهواء الذي نتنفسه، كما تذهب الملايين منها إلى البحار والأنهار، ويتأثر بها أكثر من 800 نوع بحري من خلال ابتلاعها، أو التشابك معها.