صانع السياسة الإعلامية القطرية حيال سوريا يقول لأزلامه في مجمل أفلامه: لا ينشرُ لَكُمْ مقالٌ ولا تُكتبُ لكم كلمةٌ
يكاد القارئ والمشاهد والمستمع والمطلع على يوميات أذرع قطر الإعلامية لا يجد مقالة أو مقابلة أو برنامجاً حول سوريا إلا وفيه تهجم وافتراء وشتم لرئيس الائتلاف الأسبق والأشهر "أحمد الجربا" رئيس تيار الغد السوري، وكأن صانع السياسة الإعلامية القطرية حيال سوريا يقول لأزلامه في مجمل أفلامه: لا ينشرُ لَكُمْ مقالٌ، ولا تُكتبُ لكم كلمةٌ، ولا يُسمحْ لكم بلقاءٍ، ولا يُجزلْ لكم عطاءٌ حتى تزجوا باسم "الجربا" بين سطور كلماتكم، وفي ثنايا مقالاتكم، وخبايا إطلالاتكم التلفزيونية.
وتلك سياسة معلومة من الإعلام الممول قطرياً بالضرورة، لا تغيب فيها شمس الرجل عن فجر سموم الإعلام القطري المشؤومة، فما هي الجريرة؟ وما هو الذنب الذي ارتكبه "الجربا" حتى تناله سهام أوهام صبيان "عزمي" المبشرين بالدوحة؟
لقد حرص الرجل منذ توليه قيادة الائتلاف السوري في فترته الذهبية أن يعبد الطريق لقرار سوري معارض ومستقل، ومارس بدوره سياسة الانفتاح لا الانبطاح مع جميع الدول الفاعلة إيجابياً في الملف السوري، وفي الوقت نفسه بنى جسوراً من التواصل الرصين مع روسيا ذات الدور المختلف عليه وطنياً وعربياً ودولياً بسبب دعمها نظام الأسد المجرم.
وقاد "الجربا" سفينة المفاوضات الأولى عام 2014 نحو شواطئ جنيف رغم معارضة أيتام قطر الائتلافيين واستقالاتهم الخلبية النابعة من خطاب "تعلاية السقوف" دون حل يذكر، وأغرق الرجل آنذاك قوارب "إيران" المبحرة نحو طاولة التفاوض، مانعاً الأمم المتحدة نفسها من دعوتها للحضور والمشاركة، وتلك غصة في حلق "طهران" لا تزال تعاتب بها المبعوثين الدوليين حتى اللحظة.
وحاول "الجربا" تنقية الأجواء السياسية فيما يخص الشأن السوري، وجلس في البيت الأبيض على طاولة الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" عام 2014، حاملاً في يده حقيبة مطالب الثورة السورية بدعم "الجيش الحر" كضمانة أساسية لحماية المدنيين وإنجاح أهداف الشعب السوري بالحرية والديمقراطية والخلاص من الاستبداد والإرهاب، في الوقت الذي دعمت فيه قطر مشروع "الفصائلية" وعززت من نفوذ أمراء الحرب المتشددين الذين تتساقط أوراقهم يوماً بعد يوم.
ولم ينفد صبر الرجل حيال ترسيخ مفهوم الشراكة لا العمالة في ماهية تحركات المعارضين السوريين الذين يقودهم، وسعى بكل ما أُوتِي من دعم ونفوذ على تدعيم أركان البيت السوري المعارض أمام عواصف التقلبات الدولية والإقليمية والعربية، وحين غادر الائتلاف وانتهى به المطاف مقيماً في "القاهرة" أسس "تيار الغد السوري" ضمن منظومة إعلاء صوت المنطق والواقعية السياسية، وتقبل النقد البناء وتصحيح الأخطاء، والقيام بوساطات إنسانية وطنية تفرضها مستجدات العبث السياسي من قبل محدثي النعمة التفاوضية، وساطة تكفلت بوقف إطلاق النار ولجمت إجرام النظام الأسدي والمتحالفين معه في مناطق الثورة المنكوبة وأدخلت الغذاء والدواء للناس، بعيداً عن التهجير والتغيير الديموغرافي المقيت من قبل قطر وأذرعها حين كانت وكانوا عرابين لاتفاقية "البلدات الأربع" وغيرها، ليركب المسلحون والمدنيون بعدها الباصات الخضر الأسدية إرضاءً لشهوة نظام الملالي التوسعية وخدمة لمشروع رسم حدود "سوريا المفيدة" التي يسعى لحكمها بشار.
وعلاوة على ذلك كله دأب "الجربا" ولا يزال على التزام الصمت والنأي بنفسه عن الخطوات الاستعراضية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولم يمشِ في طريق السياسة الثورية إلا بخطوات وطنية شهد بها الخصوم قبل العموم، لكن الهجوم لم يتوقف من قبل قطر وأذرعها رغم فرض بعض دول الخليج ومصر عزلة على هذه الدولة المارقة في معايير الجوار والإخوة.
وكأن أدعياء قطر من حملة الشهادة الابتدائية وأحياناً شهادة الميلاد فقط، ممن يطلقون على أنفسهم لقب "الكُتاب والإعلاميين" لا يتعلمون من دروس الماضي القريب، ولا يفلحون في مجال يسيل له لعاب أسيادهم في عالم الصحافة الصفراء إلا حين يعظمون الفرية والإفك ويلغون في سمعة زعيم سوري معارض ختم خطابه الأخير بكلمة واحدة: السلام على من اتبع مصلحة شعبه قبل هواه وغيِّه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة