هل بمقدور هذا الجيل الجديد من الأسلحة تحقيق استقرار أكبر في التوازن في التفوق الأميركي في مواجهة روسيا والصين؟
شرع البنتاغون في إخطار حلفاء محوريين بخصوص خطط لإنتاج تقنيات أسلحة متطورة ترمي لتعويض المكاسب العسكرية التي حققتها روسيا والصين. ومع ذلك، تقرر تجميد الجولة القادمة من هذه المناقشات في انتظار موافقة إدارة ترامب على هذه البرامج.
من جهته، صرح نائب وزير الدفاع روبرت وورك، بأنه التقى مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) شركاء أجانب مقربين بهدف تنظيم «تعاون رسمي» معهم وشرح أنظمة أسلحة متطورة تقنيًا ترمي لاستعادة الهيمنة الأميركية على صعيد الحروب التقليدية. ويعرف هذا التوجه الرامي لتعزيز الريادة الأميركية بمجال تكنولوجيا الكومبيوتر، داخل البنتاغون باسم «استراتيجية التوازن الثالثة».
الواضح أن القرار المطروح على الإدارة الجديدة يحمل أهمية كبيرة. المعروف أنه خلال فترة إدارة أوباما، تنامى قلق البنتاغون حيال التقدم الذي حققته روسيا والصين بمجال تكنولوجيا الأسلحة، بجانب السلوك العدواني الذي لا يهاب المخاطر الذي أبدته القوتان. وتعكس الضغوط التي يمارسها مسؤولو البنتاغون لإقرار مثل هذه الأنظمة الجديدة للأسلحة هذا المخاوف.
وتناول وورك بإيجاز التقرير الموجز الذي جرى التشارك فيه مع دول حليفة، والذي يقترح بناء أنظمة متشابكة من المجسات المعتمدة في عملها على الكومبيوتر، وشبكات لإدارة المعارك، وأسلحة ولوجستيات حركية. ويتمثل الهدف الأكبر من وراء هذه الجهود في بناء أنظمة على درجة بالغة من السرعة والانتشار تمكنها من التغلب على ما وصفه وورك بقدرة العدو على «المراقبة والتوجيه والتحديد والعمل».
من ناحية أخرى، أخطر وورك فريق العمل المؤقت المعاون لترامب بأمر هذه التقنيات، كما تشارك معهم في موجز أعده مكتب التقييم التابع للبنتاغون يشرح في رسوم تخطيطية تراجع التفوق الأميركي بمجال الأسلحة التقليدية، مقارنة بروسيا والصين.
وخلال مقابلة أجريت معه من داخل مكتبه في البنتاغون، قال وورك: «تتعرض هيمنتنا بمجال الأسلحة التقليدية للانحسار منذ فترة. ورغم أن الأمر لم يصل لمستوى حرج بعد، فإنه يبقى مثيرًا للقلق. فيما يخص الحروب التقليدية، لا نرغب في خوض حروب متكافئة». واستطرد بأن البنتاغون يسعى بدلاً عن ذلك وراء خوض حروب «قصيرة وحادة يكون الفوز حليفنا فيها».
ورفض متحدث رسمي باسم وورك الكشف عن رد فعل فريق العمل المعاون لترامب تجاه التقرير المعني بـ«استراتيجية التوازن الثالثة». وكان وورك قد أرجأ مجموعة ثانية مقررة من الاجتماعات مع عدد من الحلفاء، انتظارًا للحصول على موافقة ترامب. وقال: «نأمل أن يلقى هذا التوجه قبولاً من جانب الإدارة الجديدة».
أما عن الحلفاء، فقال وورك: «أقوى إشارة يمكنهم الحصول عليها هي عقد اجتماع المتابعة المقبل، الأمر الذي سيوحي لهم بأن السفينة ماضية في طريقها».
وشرح وورك أن موافقة الحلفاء مهمة لأن الاستراتيجية الجديدة مصممة للسماح لشركاء أجانب بالمشاركة في منظومة مجسات معقدة وأسلحة وإدارة معارك. وتنبع قوة الأنظمة الجديدة من قدرتها على دمج مجسات مختلفة ومنصات وأسلحة، وتنسيق منظومات تعمل دون تدخل بشري بالأرض والبحر وتحت الماء. وتبدو بعض هذه الأنظمة أشبه بحروب ألعاب الفيديو، بينما يشبه البعض الآخر «روبوتات قاتلة» أو جحافل من طائرات دون طيار شديدة الصغر.
المعروف أن وورك نفسه كان من كبار المتحمسين لهذه الاستراتيجية الجديدة. وخلال الصيف، قدم عرضًا موجزًا حولها أمام مجموعة استراتيجية تنتمي للحزبين الديمقراطي والجمهوري في أسبين بكولورادو، ما دفع بعض أعضاء المجموعة للدعوة إلى بقائه داخل الكونغرس، بغض النظر عمن ينتخب رئيسًا للبلاد، بهدف توفير شعور بالاستمرارية.
ولدى سؤاله حول ما إذا كان يرغب في الاستمرار في العمل على هذا الصعيد، أجاب وورك: «سأعمل على معاونة الإدارة القادمة بكل وسيلة ممكنة لضمان استمرار هذا النمط من التفكير».
ويبقى التساؤل: هل بمقدور هذا الجيل الجديد من الأسلحة تحقيق استقرار أكبر في التوازن في التفوق الأميركي في مواجهة روسيا والصين، أم أنه سيسفر عن مزيد من زعزعة الاستقرار؟ من بين جميع قضايا الأمن الوطني الكثيرة المطروحة على ترامب، تبقى هذه واحدة من الأكثر أهمية.
* نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة