"العين الإخبارية" تجيب عن السؤال الصعب.. هل تجف مياه دجلة والفرات؟

يسود القلق الرأي العام العراقي على الصعيدين الحكومي والشعبي، بشأن احتمال جفاف مياه نهري دجلة والفرات خلال السنوات المقبلة.
قبل أيام، قال وزير الموارد المائية العراقي عون ذياب، إن سياسات تركيا المائية سينتج عنها جفاف نهر الفرات، متهمًا إياها بأنها تمد بلاده بنصف كمية المياه المتفق عليها، والمقدرة بـ500 متر مكعب في الثانية على الأقل يتقاسمها العراق وسوريا.
أوضح وزير الموارد المائية أن تركيا لم تطبق مبدأ تقاسم الضرر بين دول المصب والمنبع، بشكل أدى إلى معاناة بلاده من الضرر الأكبر بفعل عمل السدود التي سبق وأن أقامتها الأولى، مشيرًا إلى أن الاتفاق معها لم يحدد الكمية التي تحصل عليها العراق فيما يخص نهر دجلة.
في نفس السياق، وجه رئيس مجلس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بضرورة اتخاذ تدابير من شأنها مواجهة أزمة شح المياه، مؤكدًا، خلال بيان إعلامي، أنها أزمة عالمية غير مقتصرة على بلاده فقط.
بخلاف التصريحات والقرارات الحكومية، تداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة صور لنهري دجلة والفرات، أشاروا بموجبها إلى أن نسبة المياه انخفضت مقارنة بما كانت عليه سابقًا.
من المعطيات السابقة، تحاول "العين الإخبارية" الإجابة عن سؤال صعب، مفاده: هل تجف مياه دجلة والفرات؟
لن يحدث
قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة في مصر، إن كل منطقة في العالم لها ظروف مختلفة بشأن الأمطار، ففي سنوات تزيد كميتها، وفي سنوات أخرى تقل.
أضاف "شراقي"، لـ"العين الإخبارية"، أن تركيا، باعتبارها منبع نهري دجلة والفرات، لم تواجه في الفترة الماضية أي مشكلة بشأن الأمطار، لكن تظل الأزمة متعلقة بالسدود المشيدة عليهما، والتي تحجز بطبيعة الحال كمية كبيرة من المياه.
ركز "شراقي" حديثه على منطقة جنوب الأناضول التي شهدت زلازل تركيا في الآونة الأخيرة، شارحًا: "هذه المنطقة بها 10 سدود بواقع 5 على نهر دجلة ومثلها على الفرات، وأكبرها سد أتاتورك الذي يخزن 49 مليار متر مكعب".
أردف: "تركيا لم تهتم بموقفي سوريا والعراق واتخذت قرارات أحادية وخزنت كما تريد، وهي تعاني بعد الزلازل من أن هذه السدود تحفّز بعض الفوالق، وإذا حدث زلزال يؤثر على أحد السدود سيكون هناك طوفانًا".
أوضح "شراقي" أن تركيا بدأت في عملية تفريغ السدود بعد الزلزال المدمر الذي شهدته، ما أدى إلى غرق بعض القرى السورية: "الـ10 سدود تخزن أكثر من 120 مليار متر مكعب".
يستبعد "شراقي" فكرة جفاف نهري دجلة والفرات: "هناك أمطار على تركيا والمياه تجري في النهرين، بخلاف الأمطار التي تشهدها الأراضي السورية والعراقية. إيراد النهرين ليس بالكامل من تركيا بل يمثل فقط 50%، أما الـ50% الباقية تأتي من داخل الأراضي العراقية".
حلول واجبة النفاذ
من جانبه، قال الدكتور ماهر عزيز، استشاري الطاقة والبيئة وتغير المناخ وعضو مجلس الطاقة العالمي، إن السبب الرئيسي لهذه الأزمة هو السدود التي شيدتها تركيا على منابع النهرين.
نوه "عزيز"، في تصريحه لـ"العين الإخبارية"، بأن التغيرات المناخية لا يوجد أي تأثير ملموس لها على الأزمة حتى الآن، خاصةً وأن تدفقات الأمطار على المنابع طبيعية ولم تتأثر سلبًا بأي ظرف.
يرى "عزيز" أن الحل الوحيد للمشكلة يتمثل في حصول العراق على الكمية التي تكفيها من المياه، وهو ما قد يتم بعقد اتفاق يستدعي وجود وسطاء بين البلدين.
ما سبق أكدت عليه الدكتورة هايدي فاروق عبدالحميد، كبير مستشارين بمركز المعلومات الجغرافية الصيني وعضو الجمعية الجغرافية المصرية، والتي أشارت إلى أن تركيا أجرت عمليات تفريغ لسدودها بشكل ملحوظ.
أوضحت "هايدي"، في تصريحها لـ"العين الإخبارية"، أن هناك "كمية كبيرة من المياه بفعل عمليات التفريغ تتحرك باندفاع ما بين النهرين، مؤكدةً أن نهر الفرات لم يجف، بل تغير مساره: "بات تحت الأرض ونتج عنه بحيرة ضخمة من المياه".
شددت هايدي على أن الوضع الراهن يعكس مدى نقص المعلومات ولا يتعلق بفقر المياه حسب رأيها، مضيفةً أن الحل حاليًا يتمثل في "إحداث عملية فتح عمودي فيما يخص تفريغ السدود، لإعادة تمكين ظهور المياه سطحيًا".
aXA6IDMuMTM1LjI0Ni44OCA= جزيرة ام اند امز