هل حان وقت التخلي عن العولمة الاقتصادية؟.. للمستشار الألماني رأي آخر
ربما تكون العولمة الاقتصادية أحد الأسباب الرئيسية في انزلاق العالم بمنحدر الأزمات الراهنة المتشعبة، ورغم ذلك للمستشار الألماني رأي آخر.
المستشار الألماني أولاف شولتس، أكد تأييده للعولمة الاقتصادية في ضوء سلاسل التوريد المتقطعة وأزمة الطاقة.
أولاف شولتس: العولمة أساس الازدهار والتقدم
وقال شولتس السبت الموافق 10 سبتمبر 2022، أمام حوالي 600 فرد من الأوساط الاقتصادية في إطار محادثات مع رجال أعمال في مدينة بادن-بادن الألمانية: "لا أؤمن بتفكيك العولمة.. لا أؤمن بالتخلي عما جعل الازدهار والتقدم في العقود الماضية ممكنا في جميع أنحاء العالم والتركيز فجأة على أنفسنا مرة أخرى".
وذكر شولتس أن العالم أصبح متعدد الأقطاب أكثر من أي وقت مضى، مضيفا أنه إلى جانب آسيا يتعين النظر أيضا إلى أفريقيا أو أمريكا الجنوبية، حيث تنشأ العديد من الدول المؤثرة، وقال: "ونريد حقا أن نجعله عالما متعاونا".
كما أكد شولتس أن حل المشكلات العالمية لن يكون في الاستغناء، بل في النمو والتقدم التكنولوجي، مضيفا أنه لا يمكن دفع المواطنين في آسيا أو أفريقيا نحو الاستغناء، ولكن يمكن أن نقدم لهم التقنيات التي تضمن "أن العالم يمكنه تحقيق هذا الازدهار دون أن يعاني معها المناخ والتنوع البيولوجي".
ووصف شولتس الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الألمانية لتصبح مستقلة بقدر الإمكان عن الغاز الروسي بأنها نجاح كبير، مضيفا في المقابل أنه لم يتم حل جميع المشكلات التي نشأت نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير، وقال: "سنتجاوز ذلك كما ينبغي".
وألقى شولتس كلمته خلال مؤتمر بمناسبة الذكرى السنوية الـ 150 لمنتدى رجال الأعمال في بادن-بادن. ويشارك في المحادثات التي تبدأ غدا الأحد رجال أعمال لإلقاء محاضرات وإجراء ورش عمل ومناقشات.
العولمة الاقتصادية.. والسقوط بأزمات سلاسل التوريد والطاقة
في القرن الماضي، عرف صندوق النقد الدولي "العولمة الاقتصادية" بأنها التعاون الاقتصادي لجميع دول العالم بما يزيد حجم التعامل السلعي والخدمات المتنوعة عبر الحدود دون قيود.
واليوم، ورغم حالة العولمة الجارفة، التي قادت اقتصادات العالم إلى نمو هائل ما قبل كورونا، ورغم صراعات متفرقة في أماكن عدة من العالم، وقفت منظمة التجارة العالمية أمام الحرب الروسية الأوكرانية حائرة بين قوى تتصارع على هامش طموحات "فلاديمير بوتين" السوفياتية في البحر الأسود.
في البحر الأسود لم تكن أزمة سلاسل التوريد العالمية تتعلق فقط بالحبوب، "القمح والذرة"، بل تمددت إلى مدخلات إنتاج ومواد خام فرْملت صناعة السيارات والهواتف وبعض مكونات خطوط الغاز، حتى التي تمتلكها موسكو، والتي تمثل أداة القوة في صدّها العقوبات الأوروبية المدعومة من الغرب.
واليوم، باتت سلاسل التوريد العالمية تمثل ما يصل إلى 80% من إجمالي البصمة الكربونية للمؤسسات في شكل انبعاثات. لذلك؛ يعتبر التحدي الذي تواجهه الشركات متعددة الجنسيات، ضخم ويفوق قدرتها على مواجهته لوحدها.
في العالم اقتصاداتٌ تعلّمت الدرس من أزمات سلاسل التوريد، وأخرى تقف متفرجة على ما ستسفر عنه نتيجة الحرب النهائية، وإلى أي معسكر ستكون الغلبة، فأما التي تعلّمت الدرس تحركت سريعًا لتأمين مخزونها من الحبوب والغذاء والطاقة، بما لا يستفز المُناخ، وأما التي تنتظر فعليها ألا تتوقع أن تحصد الخير في عصر "أقلمة" العالم، خاصة أنها لم تستطع حصده في زمن العولمة الكبرى.
تبدد آمال العالم في العودة للتضخم المنخفض
فيما قال عدد من أكبر شركات الاستثمار في السندات على مستوى العالم إن السوق المالية ستخطئ إذا توقعت تحقيق البنوك المركزية انتصارا طويل المدى في الحرب ضد التضخم المرتفع.
وذكرت وكالة بلومبرج للأنباء أن هناك شكوكا بسيطة في قدرة زيادة أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وأوروبا على خفض معدلات التضخم التي وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ عقود، سواء من خلال إبطاء وتيرة النمو الاقتصادي أو حتى ركود الاقتصاد.
لكن تراجع معدل التضخم عن مستوياته القياسية لن يؤدي إلى عودة استقرار الأسعار كما حدث في الماضي القريب بسبب التحولات الكبيرة في الاقتصاد العالمي، وذلك بحسب مجموعة واسعة من المستثمرين والخبراء في شركات استثمار مالي كبرى منها باسيفيك إنفستمنت مانجمنت كو "بيمكو" وكبيتال جروب ويونيون إنفستمنت.
وبحسب الخبراء والمستثمرين فإنه خلال فترة ازدهار العولمة ساعدت أسعار المواد الخام وتكلفة العمالة المنخفضة في إبقاء معدل التضخم عند مستوى منخفض. لكن الأمور الآن تسير في اتجاه معاكس. فأسعار النفط والغاز الطبيعي ترتفع مع تقليص الولايات المتحدة وأوروبا الغربية لعلاقاتها الاقتصادية مع روسيا بسبب حربها في أوكرانيا منذ فبراير/شباط الماضي.
aXA6IDMuMTM4LjEzNC4yMjEg جزيرة ام اند امز