مقبرة توت عنخ آمون.. سلسلة اللعنات والدم
"لعنة الفراعنة" المزعومة أصابت كل مَن اقترب من مقبرة توت عنخ آمون
"سيضرب الموت بجناحيه السامين كل من يعكر صفو الملك"، هذه هي العبارة التي وجدت منقوشة على مقبرة توت عنخ آمون، كما عثر على تمثال في المقبرة مكتوب عليه "إنني أنا حامي حمى قبر توت عنخ آمون وأطرد لصوص القبر بلهب الصحراء"، والتي تلا اكتشافها سلسلة من الحوادث الغريبة فكل الذين مسوه أو لمسوه طاردهم الموت واحدا بعد الآخر مسجلا بذلك أعجب وأغرب ما عرف الإنسان من أنواع العقاب، وهو ما حير العلماء والناس، وجعل الكثير يعتقد فيما سمي "لعنة الفراعنة".
ورغم أن هذا الملك ليست له أي قيمة تاريخية، وربما كان حاكما لم يفعل الكثير، فقد حكم مصر 9 سنوات من عام 1358-1349ق.م، لكن من المؤكد أن هذا الملك الشاب قد استمد أهميته الكبرى من أن مقبرته لم يمسها أحد من اللصوص، فوصلت إلينا بعد 3300 عام سالمة كاملة، حيث تم اكتشافها في 4 نوفمبر 1922 على يد العالم الأثري"كارتر"، ويوم 6 نوفمبر عام 1922م أرسل رسالة إلى اللورد "كارنرفون" الممول الرئيسي لعملية الاكتشاف يقول له "أخيرا اكتشفت شيئا رائعا في وادي الملوك، وقد أسدلت الغطاء على الأبواب والسرداب حتى تجيء أنت بنفسك لترى".
سلسلة اللعنات والدم
أولى حلقات سلسلة اللعنات هي موت عصفور "كارتر" الكناري الذهبي الذي حمله معه إلى الأقصر، فعندما سافر كارتر إلى القاهرة وضع مساعده "كالندر" العصفور في الشرفة، ويوم افتتاح المقبرة هاجم ثعبان كوبرا قفص العصفور وقتله، فأسرع كالندر بقتل الثعبان الذي يشبه ثعبان الكوبرا الذي يوضع على تاج ملوك مصر بحسب تفسير "إرثر ويجل" المفتش العام السابق للآثار المصرية، وهو عقاب وانتقام الملك من الذين عكروا صفوه كما تقول العبارة المنقوشة على مقبرة توت.
بعد ذلك توالت المصائب، وبدأ الموت يحصد العديد من الذين شاركوا في الاحتفال أو أسهموا في نقل محتويات المقبرة، ومعظم حالات الوفاة كانت بسبب تلك الحمى الغامضة أو حوادث أخرى، أشهر هذه الحالات هي وفاة اللورد "كارنارفون"الغامضة، وذكرت صحيفة نيويورك تايمز، في 22 من ديسمبر في عام 1922م، أن اللورد" كارنارفون" تعرض للدغة بعوضة، وقد أصيب بتسمم في الدم ومات بعدها في 5 أبريل 1923، ومات بعد ذلك أخوه غير الشقيق العقيد "أوبري هربرت" بعد أن أصبح أعمى تماماً، وتوفي في 26 سبتمبر عام 1923م؛ وذلك بسبب تسمم في الدم.
وأثناء الاحتفال الرسمي بافتتاح المقبرة أصيب "محمد زكريا" الأثري المصري بحمى غامضة، وقد قيل إن إصبعه قد جرح داخل المقبرة، وقد فسرت الحادثة على أنها انتقام من الملك توت عنخ آمون، بحسب مقولة الفلكي الفرنسي "لانسيلان"، والغريب أن التيار الكهربائي انقطع في القاهرة في الليلة نفسها دون تفسير واضح.
توفي سكرتير هوارد كارتر بشكل مفاجئ في 15 نوفمبر 1929؛ فقد وجد مخنوقا في سريره، وبعدها انتحر والده حزناً عليه وفي أثناء تشييع جنازة السكرتير داس الحصان الذي كان يجر عربة التابوت طفلاً صغيراً فقتله، كما اشتعلت النيران بمنزل عالم الأنثربولوجي "هنرى فيلير"، بعد أن أرسل هدية لكارتر عبارة عن صور لسوار الملك توت.
الأغرب في هذه الحوادث، هو عندما حاول بعض العلماء التصدي لهذه الفكرة ومهاجمتها في ذلك الوقت تعرضوا لحوادث غامضة في الوقت نفسه، ومن بينهم الدكتور "عز الدين طه" عالم الأحياء الذي أكد عدم وجود "لعنة الفراعنة"، موضحاً أن "هناك بعض الفطريات والسموم التي ربما يكون نشرها القدماء المصريون فوق مقابرهم، وبعض أنواع البكتيريا التي تنشط فوق جلد المومياء المتحللة التي عاشت آلاف السنين في حالة سكون فتصيب مكتشفي هذه المقابر، وقبل أن يستطيع إثبات نظريته لقي مصرعه في حادث سيارة، وتبين من تشريح الجثة أن سبب الوفاة هو ضيق بالتنفس".
وفي عام 1972 عندما صرح الدكتور "جمال محرز" عالم الآثار المصري، أنه يرفض ظاهرة "لعنة الفراعنة" لأنه قضى عمره بين الموتى والتوابيت والمومياوات دون أن يحدث له شيء، وبعد هذا التصريح بشهر توفي إثر إصابته بهبوط في الدورة الدموية، والغريب أن وفاته جاءت في اليوم نفسه الذي نزع فيه القناع الذهبي للملك "توت عنخ آمون" للمرة الثانية.
التفسيرات العلمية للعنة
أجمع علماء وباحثون متخصصون على عدم وجود ما يسمى "لعنة الفراعنة" وأنها خرافة ليس لها أساس علمي، وأن كل سلسلة الوفاة التي حدثت لا تتعدى كونها صدفة، والدليل على ذلك هو أن"هاورد كارتر" نفسه مكتشف المقبرة لم يحدث له أي مكروه، على الرغم من أنه قد أساء إلى المومياء بالمقبرة عندما قام بانتزاع القلائد الذهبية من المومياء، ومزق الكفن نصفين، وأن الصحف في ذلك الوقت ساعدت على نشر الهلع والذعر والترويج لظاهرة واستثمارها في زيادة بيع أعداد الصحف.
حاول بعض العلماء تفسير "لعنة الفراعنة" بأنها تحدث نتيجة لتعرض الأشخاص الذين يفتحون المقابر الفرعونية لجرعة مكثفة من غاز الرادون، وهو أحد الغازات المشعة، وهو غاز عديم اللون شديد السمية، وإذا تكثف فإنه يتحول إلى سائل شفاف، ثم إلى مادة صلبة معتمة ومتلألئة، والرادون هو أحد نواتج تحلل عنصر اليورانيوم المشع الذي يوجد أيضاً في الأرض بصورة طبيعية.