الكوفية الفلسطينية.. زيّ شعبي بات رمزا للمقاومة
مصنع أسرة الحرباوي الوحيد داخل الأراضي الفلسطينية المشهور بصناعة "الكوفية" الفلسطينية التقليدية، والموجود في الخليل
لا تسمع من داخله سوى أصوات الماكينات تعمل بكل قوة لإنتاج النسيج، مع 3 أشخاص يمرون من حين لآخر حاملين سكينا في أيديهم لقطع الأجزاء الزائدة وتسوية الأطراف.
هو مصنع أسرة الحرباوي الوحيد داخل الأراضي الفلسطينية المشهور بصناعة "الكوفية" الفلسطينية التقليدية، والموجود في مدينة الخليل بالضفة الغربية.
يعود الفضل في ظهور "الكوفية" الفلسطينية التي طالما اشتهر بها البلد العربي، للأخوة الحرباوي الذين افتتحوا هذا المصنع في ستينيات القرن الماضي، ولكنهم وجدوا منافسة قوية خلال السنوات الأخيرة من المنتجات القادمة من الصين والهند.
الكوفية الفلسطينية التي اشتهرت بلونيها الأبيض والأسود أو الأبيض فقط، التي طالما صارت رمزا للقضية الفلسطينية وللمقاومة في وجه العدوان الإسرائيلي، لاسيما أن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ارتبط بها ارتباطا وثيقا وظلت ملازمة له حتى بعد وفاته.
10 دولارات للكوفية
اكتسبت بعض الكوفيات شهرة كبيرة بسبب تأكيد الرئيس الفلسطيني الراحل على افتخاره الشديد بالظهور بها في جميع المحافل الدولية، مثل كلمته أمام الأمم المتحدة.
وكان أول من وضع حجر الأساس للمصنع الأب ياسر الحرباوي، الذي توفي العام الماضي، في 1961، قبل أن يتولى الإخوة الحرباوي إدارته، ويحتوي المصنع على عدد من الماكينات أقدمها تعود إلى عام 1967 وتم جلبها من اليابان، وفي الجهة المقابلة لإحدى الماكينات عامل ينقش رسومات يدويا.
يسرد الأشقاء أن المنتجات الصينية والهندية أثرت سلبا على عملهم خلال السنوات الأخيرة، والسبب في هذا يعود لارتفاع سعر التكلفة داخل البلاد، مقارنة بالأسعار الزهيدة لهذه المنتجات القادمة من الخارج، حتى إن الأمر وصل لإغلاق المصنع لخمس سنوات بسبب عدم قدرته على المنافسة.
ووفقا للموقع الرسمي للمصنع على الإنترنت، كان الإنتاج يتراوح بين 150 ألف كوفية سنويا خلال فترة التسعينيات، ولكنه انخفض في 2010 إلى 10 آلاف كوفية سنويا.
وفي خلفية المصنع، المزين بألوان علم فلسطين في كل مكان، يوجد ملصق كبير لعينات من المنتجات بتصميمات وألوان مختلفة.
وفي الأثناء، دخل أحد الزائرين من القارة الأوروبية واقترب لمعاينة الكوفيات، وسأل عن إحداها، ليطلب عزت الحرباوي من أحد العاملين أن يرافقه إلى الجزء الأمامي، حيث كانت هناك مجموعة من الكوفيات المعروضة على الحائط، وفي جانب آخر، الكثير منها مصفوف على أرفف.
وعندما سأل الزائر عن السعر، أجابه بأن ثمنها 38 دولارا، قبل أن ترتسم ابتسامة سريعة عليه، ويقول "لا، لا، ثمنها 10 دولارات".
وعلى الرغم من أن مسألة المساومة على الأسعار تعد أمرا شائعا في الشرق الأوسط، فإن جودة الخامات جعلت الشاب لا يفكر كثيرا في السعر، فالقطن المصنوعة منه الكوفيات من أجود الخامات، حسب الأشقاء.
وباتت الكوفية رمزا داخل البلد العربي، حيث لا توجد مظاهرة داخل الأراضي المحتلة إلا وكانت حاضرة فيها سواء لتغطية الرأس أو الوجه أو حتى كوشاح للعنق، ولكنها تمكنت أيضا من تخطي حدود فلسطين.
ورغم انتشار الكوفية في بعض البلدان الأوروبية كوشاح للكتف أو للرقبة للاحتماء من برودة الطقس، فإنها لم تنفصل قط عن هويتها السياسية، حيث أصبح معتادا أن يُنظر إلى من يرتديها على أنه متعاطف أو مدافع عن القضية الفلسطينية.