في حادث كان الأول من نوعه الذي يقتل فيه جنود أمريكيون في المنطقة منذ بدء حرب غزة، فُجعت الولايات المتحدة بمقتل عسكريين لها، بهجوم على «البرج 22».
ويضم «تاور 22» (برج 22) الذي يقع قبالة منطقة الركبان السورية، نحو 350 عسكريًّا من سلاحَي البرّ والجوّ الأمريكيَّيْن ينفّذون مهمّات دعم لقوّات التحالف ضدّ تنظيم «داعش».
ذلك الهجوم أثار غضبًا كبيرًا داخل الولايات المتحدة، وتساؤلات حول أسباب فشل الدفاعات الأمريكية في تحييد المسيرة المعادية التي تسببت في الحادث الذي أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين بينما كانت القوات نائمة وإصابة أكثر من 40 شخصا.
فلماذا فشلت الدفاعات الأمريكية في تحييد المسيرة المعادية؟
نقلت وسائل إعلام أمريكية عن مصادر رسمية، قولها إن القوات ربما فشلت في إحباط الهجوم، لعدم قدرتها على تحديد ما إذا كانت الطائرة بلا طيار معادية أم أنها طائرة أمريكية عائدة إلى قاعدتها. ولم يؤكد البنتاغون هذا الأمر، قائلا إن التحقيق لا يزال مستمرا.
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» في تقرير لها عن مسؤولين أمريكيين قولهم، إن الولايات المتحدة فشلت في وقف الهجوم المميت، بعد أن اقتربت طائرة بدون طيار معادية من هدفها في نفس الوقت الذي كانت فيه طائرة أمريكية بدون طيار عائدة أيضًا إلى قاعدتها.
وأدت عودة الطائرة الأمريكية بدون طيار إلى بعض الالتباس حول ما إذا كانت الطائرة القادمة صديقة أم عدوة، حسبما خلص المسؤولون حتى الآن.
وقال مسؤولون أمريكيون إن الطائرة بدون طيار المعادية أطلقت من العراق من قبل ميليشيا تدعمها طهران، مشيرين إلى أن الطائرة بدون طيار ضربت أماكن معيشة القوات، مما ساهم في سقوط عدد كبير من الضحايا.
وفيما يشير هجوم الأحد إلى تصعيد الأعمال العدائية التي تزايدت منذ حرب غزة، أكد مسؤول دفاعي أمريكي أن الولايات المتحدة لم تجد بعد أدلة على أن إيران وجهت الهجوم الذي أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة عشرات آخرين.
لكن هل سترد أمريكا؟
وقال المسؤولون الأمريكيون، إن الولايات المتحدة تدرس توجيه ضربات ضد المليشيات في العراق وسوريا، وكذلك داخل إيران، إلا أنهم أكدوا أن الهجوم على الأراضي الإيرانية يبدو وكأنه خيار أقل احتمالا.
وبحسب «وول ستريت جورنال»، فإنه بالإضافة إلى تحديد كيفية الرد على هجوم الطائرات بدون طيار على البرج 22، تدرس الإدارة أيضًا توجيه ضربات ضد أهداف الحوثيين ردًا على هجماتهم على السفن العسكرية الأمريكية التجارية.
وقال البنتاغون إن المدمرة الأمريكية «يو إس إس كارني» أسقطت يوم الجمعة صاروخا باليستيا أطلق باتجاهها من منطقة يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، وهي المرة الثانية التي تعلن فيها الولايات المتحدة أن الجماعة استهدفت إحدى سفنها العسكرية.
وتقول الصحيفة الأمريكية، إنه يتعين على إدارة بايدن أن تفكر في رد قوي بما يكفي لردع حلفاء إيران عن شن المزيد من الهجمات على القوات والمصالح الأمريكية مع تجنب التورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط.
هل ستتجنب أمريكا إيران؟
يقول مسؤولون سابقون إن الإدارة قد تختار من بين مجموعة متنوعة من الخيارات غير ضرب الأراضي الإيرانية، مثل مهاجمة أفراد فيلق القدس شبه العسكري الإيراني في سوريا والعراق واليمن، أو ضرب السفن الإيرانية في البحر، أو شن هجوم كبير على المليشيا المدعومة من إيران.
وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، يوم الإثنين، إن الولايات المتحدة لا تزال تعمل على تحديد المسؤول على وجه التحديد عن الهجوم، لكنه يعتقد أن الجناة مدعومون من كتائب حزب الله، وهي إحدى المليشيات الرئيسية المتحالفة مع إيران وتتمركز في العراق.
فـ«لا نريد أن نرى استمرار هذه الهجمات. ونريد أن نوضح أنهم غير مقبولين»، يقول كيربي، مضيفًا: «نريد أيضًا أن نوضح أننا سنفعل ما يتعين علينا القيام به لحماية قواتنا ومنشآتنا ومصالح أمننا القومي في المنطقة. لكننا لا نسعى إلى حرب مع إيران. نحن لا نتطلع إلى صراع أوسع في الشرق الأوسط».
ونفت إيران أي صلة لها بضربة الطائرات بدون طيار. ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني يوم الإثنين أي مزاعم عن تورط إيران بأنها «اتهامات لا أساس لها» تهدف إلى إعادة الولايات المتحدة إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط.
وقال كنعاني للصحافيين في طهران: إن مسؤولية عواقب إثارة الاتهامات ضد إيران تقع على عاتق من يطرحون مثل هذه الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة.
وأعلنت المقاومة الإسلامية في العراق، مسؤوليتها عن الهجمات على ثلاث قواعد أمريكية في سوريا، بما في ذلك التنف، القريبة من الموقع الهجومي بالقرب من الحدود العراقية والأردنية، مشيرة إلى أن هجوم الأحد يمثل ردا على غارة أمريكية في جنوب بغداد قبل بضعة أيام قُتل خلالها اثنان من أفراد المليشيات.
وقال دبلوماسي إيراني: «لا أتوقع أي ضربات في إيران. لكن ستكون هناك هجمات على المليشيات الموالية لإيران وسيؤدي ذلك إلى تأجيج دائرة انتقامية قد تخرج عن نطاق السيطرة».
كيف ستتأثر الإدارة الأمريكية؟
يقول المسؤول الكبير السابق في المركز الوطني لمكافحة الإرهاب أندرو بورين، إن هناك خطرًا في عدم القيام بما يكفي، ورؤية المزيد من الهجمات على القوات الأمريكية والشحن التجاري الدولي، محذرًا في الوقت نفسه من تصعيد الصراع مع إيران نفسها.
وقال حمدي مالك، الخبير الذي يدرس المليشيات الشيعية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إنه حتى لو قامت الولايات المتحدة بالرد على المليشيات في العراق وسوريا، فمن المرجح أن تستمر الجماعات المسلحة في تصعيد حملتها ضد القوات الأمريكية في المنطقة.
وأضاف أن «أي تغيير في السلوك لا يمكن أن يحدث إلا نتيجة لتكاليف باهظة على النظام الإيراني نفسه وليس على المليشيات في المنطقة. إنهم مرتاحون للغاية في الوقت الحالي. تخيل ما يفكرون فيه. في الوقت الحالي، تمكنوا من توريط أعدائهم الرئيسيين، الولايات المتحدة وإسرائيل، في عدد قليل من الصراعات في المنطقة».
وشنت المليشيات المدعومة من إيران أكثر من 160 هجوما ضد القوات الأمريكية في العراق وسوريا منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي.