رد واشنطن على هجوم «البرج 22».. رسالة «قواعد الاشتباك» وضربات «محددة»
فتح الهجوم بطائرة مسيرة على موقع متقدم على الحدود الأردنية مع سوريا، الباب أمام خطر توسع نطاق الصراع في الشرق الأوسط.
وفي ظل التصعيد الكبير المنسوب لـ"أذرع مرتبطة بإيران"، رجح مراقبون لـ"العين الإخبارية"، أن يتركز الرد الأمريكي على الهجوم الذي أسفر عن مقتل 3 عسكريين أمريكيين، على مواقع مهمة واستراتيجية أو قيادات بارزة لجماعات أو فصائل مسلحة مدعومة من إيران في كل من العراق أو سوريا، إذ "لا ترغب واشنطن في توسيع دائرة الحرب في المنطقة".
"لن يتم قصف إيران"
ويرجّح رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، الدكتور خالد شنيكات، في حديث لـ"العين الإخبارية"، شن الولايات المتحدة ضربات محدودة على مواقع المليشيات المرتبطة بإيران في سوريا والعراق كجزء من الرد على عملية مقتل الجنود الأمريكيين، مستبعدا أن يكون هناك قصف يشمل إيران نفسها.
وأرجع استبعاده قصف مواقع في إيران، لعدة اعتبارات منها أن الولايات المتحدة "لا تريد الدخول في حرب طويلة مع إيران ومع أذرعها، خاصة بعد خروجها من أفغانستان".
وقال شنيكات إن "هناك أيضا اعتباراً آخر، وهو أن الرأي العام الأمريكي ليس مستعدا للحرب، بل نلاحظ أن الرأي العام خاصة في الحزب الديمقراطي معارض للحرب ومنها على وجه الخصوص حرب غزة".
لكنه استدرك أن الضربات المتوقعة ضد أذرع إيران، "ستكون مؤلمة وبما يشكل ردعا للجماعات المسلحة، لكن السؤال هو: هل ستكون العملية فعلا وردّ فعل أيضا؟".
وأوضح أن "الولايات المتحدة ستوصل رسالة لإيران بضرورة احترام قواعد الاشتباك، وأن واشنطن لا تود الانخراط في حرب بالمنطقة".
شنيكات لفت إلى "صعوبة قصف إيران واستبعاد هذا الخيار بالنسبة للرد الأمريكي، لأن ذلك يعني ضمنا أن الولايات المتحدة ستنخرط في 3 حروب على الأقل، أولها حرب أوكرانيا، وثانيها دعم إسرائيل في الحرب على غزة، وكذلك الحرب مع إيران والمليشيات المتحالفة معها، وهذا الأمر ليس في حساب الحزب الديمقراطي تحديدا، ولا الجمهوريين".
واعتبر أن "التهديد بهجوم شامل على إيران يعد مناورة، إلا إذا قامت إيران بتصرف غير محسوب عبر استهدف المصالح الأمريكية ووقوع عدد كبير من الضحايا، وهنا ستضطر الولايات المتحدة إلى التدخل العسكري بضربات مؤلمة لإيران وتحديدا للحرس الثوري".
"مواقع محدّدة"
إلى ذلك، قال المحلل السياسي الدكتور صدام الحجاجحة إنه "منذ بداية الصراع السوري عام 2011، قدمت الولايات المتحدة مساعدات للأردن بمئات الملايين من الدولارات لإنشاء نظام مراقبة متطور عرف باسم برنامج أمن الحدود"، لوقف تسلل المسلحين من سوريا والعراق باتجاه الأراضي الأردنية.
وأضاف الحجاجحة لـ"العين الإخبارية" أنه :جرى في عام 2013، نشر منظومة باتريوت الأمريكية في البلاد، إذ كانت عمّان تخشى وقتها أن يتسع نطاق الحرب الأهلية السورية، وتشعل صراعا إقليميا".
وأشار إلى أن "الهجوم الإرهابي الذي استهدف موقعا متقدما على الحدود مع سوريا، وأدى إلى مقتل 3 جنود أمريكيين وجرح آخرين من القوات الأمريكية التي تتعاون مع الأردن في مواجهة خطر الإرهاب وتأمين الحدود، جاء وسط ضغوط من الجمهوريين على الرئيس الأمريكي جو بايدن للرد عسكريا على إيران التي يتهمونها بتجاوز الخطوط الحمراء في المنطقة"، مضيفا أن بايدن اتهم فصائل مدعومة من إيران بالضلوع في الهجوم متوعدا في الوقت نفسه بالرد.
وتوقّع أن "يكون الرد الأمريكي على هذا الهجوم محصورا باستهداف مواقع مهمة واستراتيجية أو قيادات بارزة لجماعات أو فصائل مسلحة مدعومة من إيران في كل من العراق أو سوريا، وذلك لعدم رغبة واشنطن في توسيع دائرة الحرب في المنطقة".
«تحول نوعي»
من جانبه، وصف العقيد المتقاعد الدكتور بشير الدعجة، الهجوم بأنه "تحول نوعي" كونه استهدف موقعا متقدما للقوات الأمريكية قريباً من الحدود الأردنية السورية، وتوقع أن يكون الرد الأمريكي "ذا بعد مستقبلي وغير تقليدي يهدف إلى لجم أذرع طهران في العراق وسوريا".
وقال الدعجة لـ"العين الإخبارية" إنه "كما سيهدف الرد إلى التأكيد في نفس الوقت على أهمية أمن الأردن وحدوده باعتباره حليفا قويا وشريكا استراتيجيا لواشنطن في المنطقة".
وبحسب الدعجة، فإن الولايات المتحدة "حتما سترد على هذا الهجوم، لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية ووجود حملات انتخابية"، واصفا الهجوم بأنه أفضل مادة للجمهوريين لـ"تبيان ضعف الديمقراطيين بقيادة الرئيس جو بايدن في قيادة البلاد والحفاظ على مصالحها وسلامة قواتها وجنودها في الخارج".
وأشار إلى أن الرد الأمريكي على الهجوم "يتطلب من الأردن رفع درجه جاهزيته العسكرية والأمنية باعتبار أن الحادثة تشير إلى أن الجغرافيا توسعت ولم يعد استهداف المصالح والقوات الأمريكية فقط في سوريا والعراق".
وأكد أن "اتفاقية التعاون الدفاعي التي تربط الأردن والولايات المتحدة الموقعة عام 2021، جاءت نتيجة تعاون عسكري وثيق بين البلدين، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب وحماية الحدود، خاصة أن الأردن ومنذ فترة طويلة يتحدث عن الخطر القادم من الشمال والشرق من خلال الجماعات الإرهابية وتجارة السلاح والمخدرات".
وكان الأردن قد طلب مؤخرا وتحديدا في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي من الولايات المتحدة إرسال مزيد من الدعم والعتاد الدفاعي المتقدم بسبب المخاوف من انخراط إيران ووكلائها في أي صراع أوسع في المنطقة.
وقالت عمان في بيان أمس، إن "الأردن أعلن سابقاً أنه يتعاون مع شركائه لتأمين الحدود، وطلب من الولايات المتحدة ودول صديقة أخرى تزويده بأنظمة عسكرية والمعدات اللازمة لزيادة القدرات على تأمين الحدود ومواجهة الأخطار عبرها".
فيما أدانت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأردن يائل لمبرت، اليوم الإثنين، الهجوم، وأكدت أن الشراكة بين الولايات المتحدة والأردن هي حجر أساس للاستقرار والأمن في المنطقة، وأن التعاون الأمني الثنائي القوي هو ركيزة لعلاقة البلدين.
وشددت على التزام بلادها بمواصلة العمل عن كثب لمساعدة الأردن في مواجهة التحديات الأمنية على الحدود لتحقيق الأمن والسلام.
aXA6IDMuMTM3LjE2NC4yMjkg جزيرة ام اند امز