اضطراب ما بعد الصدمة.. كيف تعرف أنك مصاب باضطراب ما بعد الكرب؟
ليس كل من يُعاني من التعرض لصدمة يصاب بمرض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، لذا نتعرف إلى أهم أعراضه وأسبابه وكيفية تشخيصه وطرق التغلب عليه وعلاجه والتعايش معه.
يحدث اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) عندما يتعرض شخص ما لخطر أو عنف أو مرض أو تهديد بالإصابة، فمن المحتمل أن يحمل تلك الصدمة معه لسنوات قادمة، لذا يحتاج العديد من الأشخاص المصابين بالمرض إلى علاج متخصص للتعافي من الضائقة النفسية التي يمكن أن تكون شديدة ومعيقة.
يؤثر هذا المرض على ما يقرب من 3.5% من البالغين في الولايات المتحدة كل عام، ويتم تشخيص واحد من كل 11 شخصًا مصابًا باضطراب ما بعد الصدمة في حياتهم، والنساء أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب بمقدار الضعف مقارنة بالرجال.
ما هو اضطراب ما بعد الكرب (PTSD)؟
اضطراب نفسي قد يحدث للأشخاص الذين عانوا من الصدمة النفسية أو حدثًا مؤلمًا يتمثل في: كارثة طبيعية أو حادث خطير أو عمل إرهابي أو حرب أو قتال أو اغتصاب أو الذين تعرضوا للتهديد بالقتل أو العنف الجنسي أو الإصابة الخطيرة.
وحسب الرابطة الأمريكية للطب النفسي (APA) يكون لدى الأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة أفكار ومشاعر مكثفة ومزعجة تتعلق بتجربتهم والتي تستمر لفترة طويلة بعد انتهاء الحدث الصادم، وقد يسترجعون الحدث من خلال ذكريات الماضي أو الكوابيس، وقد يشعرون بالحزن، أو الخوف أو الغضب أو الانفصال أو الاغتراب عن الآخرين.
وقد يتجنب الأشخاص المصابون بمرض اضطراب الكرب التالي للصدمة المواقف أو الأشخاص الذين يذكرونهم بالحدث الصادم، وقد يكون لديهم ردود فعل سلبية قوية تجاه شيء عادي مثل الضوضاء العالية أو اللمسة العرضية.
للمزيد: احذر الصدمة الصحية المفاجئة.. 6 نصائح للإسعافات الأولية
أسباب الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة
يتطلب تشخيص اضطراب الإجهاد الحاد التعرض لحدث مؤلم مزعج، ومع ذلك يمكن أن يكون التعرض مباشر، أو غير مباشر، أي أن هناك بعض المسببات للإصابة بهذا الاضطراب قد لا يمر الشخص بها بنفسه.
على سبيل المثال، يمكن أن يحدث اضطراب ما بعد الصدمة عندما يعلم الفرد تجربة الموت العنيف لعائلة أو صديق مقرب، أو نتيجة التعرض المتكرر لتفاصيل مروعة للصدمة مثل تعرض ضباط الشرطة لتفاصيل حالات إساءة معاملة الأطفال، نضيف إلى ذلك الأسباب المباشرة التي يختبرها الفرض بنفسه، مثل:
- تجربة الاقتراب من الموت أو الغرق.
- فقد أحد المقربين.
- التعرض إلى حادث مؤلم أو عنيف.
- التعرض إلى الترويع أو التهديد.
- خوض تجربة مؤلمة مثل: الكوارث الطبيعية أو الحروب.
- التهديد بالقتل.
- التعرض إلى العنف الجنسي أو الجسدي.
اكتشف: كيف تختار طبيبك النفسي المناسب؟
أعراض اضطراب ما بعد الكرب أو الصدمة
وفقًا لموقع American Psychiatric Association، تختلف أعراض اضطراب ما بعد الصدمة في شدتها، لكن هناك مجموعة علامات تخبر بأن هذا الشخص مصاب، وتندرج أعراض اضطراب ما بعد الصدمة في الفئات الأربع التالية:
1. أفكار وذكريات ملحة
حيث تكون ذكريات الماضي حية لدرجة أن الناس يشعرون أنهم يعيدون عيش التجربة الصادمة أو يرونها أمام أعينهم، فضلاً عن رؤية أحلام مؤلمة أو استرجاع الأحداث الصادمة، بالإضافة إلى إلحاح الأفكار الدخيلة مثل الذكريات المتكررة واللاإرادية.
2. اضطراب الشخصية التجنبية
تجنب التذكير بالحدث الصادم، فضلاً عن تجنب الأشخاص والأماكن والأنشطة والأشياء والمواقف التي قد تثير ذكريات مؤلمة، بالإضافة إلى تجنب تذكر أو التفكير في الحدث الصادم، الأمر الذي يجعل الفرد يقاوم الحديث عما حدث أو ما يشعر به حيال ذلك.
3. التغييرات في الإدراك والمزاج
وتشمل مجموعة من العلامات مثل:
- عدم القدرة على تذكر الجوانب المهمة للحدث الصادم
- التغييرات السلبية في المزاج والمعرفة والأفكار والمشاعر السلبية التي تؤدي إلى معتقدات مستمرة ومشوهة عن النفس أو الآخرين (على سبيل المثال أنا سيئ أو لا يمكن الوثوق بأحد)
- الأفكار المشوهة حول سبب أو عواقب الحدث الذي يؤدي إلى إلقاء اللوم على النفس أو الآخرين بشكل خاطئ
- الخوف المستمر أو الرعب أو الغضب أو الذنب أو العار
- اهتمام أقل بكثير بالأنشطة التي تمتعت بها سابقًا
- الشعور بالانفصال أو الاغتراب عن الآخرين
- عدم القدرة على تجربة المشاعر الإيجابية (خالي من السعادة أو الرضا).
4. التغييرات في الاستثارة ورد الفعل
بما في ذلك الانفعال ونوبات الغضب، بالإضافة إلى التصرف بتهور أو التدمير الذاتي، فضلاً عن الإفراط في الانتباه لما يحيط به بطريقة مشبوهة، ومواجهة مشاكل في التركيز أو النوم.
5. يصاحبه اضطرابات أخرى
غالبًا ما يحدث اضطراب ما بعد الصدمة مع حالات أخرى ذات صلة، مثل الاكتئاب وتعاطي المخدرات ومشاكل الذاكرة ومشاكل الصحة الجسدية والعقلية الأخرى.
من ناحية أخرى، وفقًا للرابطة الأمريكية للطب النفسي، فإن اضطراب ما بعد الصدمة كان معروفًا بالعديد من الأسماء في الماضي، مثل "صدمة القذيفة" خلال سنوات الحرب العالمية الأولى و"التعب القتالي" بعد الحرب العالمية الثانية، لكنه لا يحدث فقط للمحاربين القدامى، بل يصيب جميع الناس من أي عرق أو جنسية أو ثقافة وفي أي عمر.
تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة
وفقًا لموقع Cleveland Clinic هناك مجموعة من الخطوات التي يجب اتباعها عند تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة:
- التقييم النفسي الشامل من خلال جمع معلومات عن التاريخ الطبي والنفسي للمريض.
- المقابلة السريرية: التحدث مع المريض للحصول على وصف مفصل للأعراض والتجارب المرتبطة بالصدمة.
- استبعاد الحالات الطبية الأخرى أو الاضطرابات النفسية التي قد تسبب الأعراض المشابهة، مثل الاكتئاب أو اضطرابات القلق.
- استخدام الأدوات القياسية والاستبيانات: مثل مقياس PTSD المدني (PCL-C) أو مقابلة تشخيصية منظمة (CAPS) لتقييم شدة الأعراض ومدى تأثيرها على الحياة اليومية.
وحتى يتم تشخيص الشخص باضطراب ما بعد الصدمة، يجب أن تستمر الأعراض لأكثر من شهر ويجب أن تسبب ضائقة كبيرة أو مشاكل في الأداء اليومي للفرد، وتظهر الأعراض على العديد من الأفراد في غضون 3 أشهر من الصدمة، ولكن قد تظهر الأعراض لاحقًا وتستمر غالبًا لأشهر وأحيانًا سنوات.
علاج اضطراب ما بعد الصدمة
يتطلب علاج اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) نهجًا متعدد الأوجه يجمع بين العلاج النفسي، الأدوية، ودعم الحياة اليومية وفقًا لموقع WebMD، كما يلي:
1. العلاج النفسي لاضطراب ما بعد الصدمة
يشمل مجموعة من استراتيجيات العلاج، منها:
العلاج السلوكي المعرفي (CBT)
- العلاج بالتعرض: يهدف إلى مساعدة المريض على مواجهة الذكريات الصادمة بطريقة آمنة ومنضبطة لتقليل الخوف والقلق.
- العلاج المعرفي: يركز على تحديد وتغيير الأفكار السلبية غير الواقعية المتعلقة بالحدث الصادم.
- العلاج بالتعرض المطول (PE): يعزز التعرض التدريجي للمواقف المخيفة والذكريات المزعجة للمساعدة في تقليل الأعراض.
إزالة التحسس وإعادة المعالجة بحركة العين (EMDR)
يستخدم EMDR تقنيات حركية للعين لمساعدة المريض على معالجة وتخفيف الذكريات الصادمة.
2. العلاج بالأدوية
- مضادات الاكتئاب مثل مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) ومثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورإبينفرين (SNRIs).
- الأدوية المضادة للقلق مثل البنزوديازيبينات، وتُستخدم لفترات قصيرة فقط بسبب خطر الاعتماد.
- الأدوية المضادة للذهان، وتُستخدم في حالات الأعراض الشديدة غير المستجيبة للعلاجات الأخرى.
3. العلاج الجماعي والدعم
يوفر فرصة للمرضى للتفاعل مع أشخاص آخرين يعانون من نفس الحالة وتبادل الخبرات والدعم. وقد يكون الانضمام إلى مجموعات دعم مفيدًا لتلقي التشجيع والنصائح من الآخرين الذين يمرون بتجارب مشابهة.
4. التغييرات في نمط الحياة
- التقنيات الاسترخائية: مثل التأمل، اليوجا، والتنفس العميق.
- ممارسة الرياضة لتخفيف التوتر وتحسين المزاج.
- الحفاظ على نظام نوم صحي لتقليل الأعراض.
- تجنب الكحول والمخدرات لتخفيف الأعراض.
التعايش مع اضطراب ما بعد الصدمة
التعايش مع اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) يمكن أن يكون تحديًا، لكنه ممكن من خلال اتباع بعض الاستراتيجيات والدعم المناسب، من النصائح التي قد تساعد في التعايش مع PTSD:
- الالتزام بجلسات العلاج النفسي مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أو إزالة التحسس وإعادة المعالجة بحركة العين (EMDR) يمكن أن يساعد بشكل كبير.
- تناول الأدوية الموصوفة من الطبيب بانتظام يمكن أن يساعد في تقليل الأعراض.
- تطوير مهارات إدارة التوتر مثل التأمل، التنفس العميق، واليوغا يمكن أن تساعد في تقليل التوتر والقلق.
- ممارسة الرياضة بانتظام مثل المشي، الجري، أو السباحة يمكن أن تحسن المزاج وتخفف من الأعراض.
- الحفاظ على روتين يومي يمكن أن يوفر شعورًا بالاستقرار والتحكم.
- تقسيم المهام الكبيرة إلى مهام صغيرة يمكن أن يجعلها أكثر قابلية للإدارة ويقلل من الشعور بالإرهاق.
- لا تتردد في طلب الدعم من الأشخاص المقربين منك.
- الانضمام إلى مجموعات دعم PTSD يمكن أن يوفر فرصة للتواصل مع الآخرين الذين يمرون بتجارب مشابهة.
- معرفة المواقف أو الأشخاص أو الأماكن التي تحفز الذكريات الصادمة ومحاولة تجنبها.
- وضع خطة للتعامل مع المحفزات عندما لا يمكن تجنبها.
- تناول طعام صحي ومتوازن، والحصول على عدد ساعات كافية من النوم، وتجنب الكحول والمخدرات.
- ممارسة الهوايات والأنشطة التي تجلب لك السعادة يمكن أن تكون مفيدة في تخفيف التوتر وتحسين المزاج.
- مساعدة الآخرين يمكن أن تكون طريقة جيدة للشعور بالإنجاز وتحسين الحالة النفسية.
وأخيرًا، يمكننا القول أن التعايش مع اضطراب ما بعد الصدمة يتطلب مزيجًا من العلاجات المهنية، الدعم الاجتماعي، والتغييرات في نمط الحياة. من المهم البحث عن العلاج المناسب والالتزام به، وتطوير مهارات إدارة التوتر، والحفاظ على نظام دعم قوي من الأصدقاء والعائلة.
aXA6IDMuMjEuNDYuNjgg جزيرة ام اند امز