جريمة مناخية.. انهيار الغابات لأعلى مستوياته خلال العقدين الأخيرين
خلال الفترة الزمنية الواقعة بين عامي 2001 إلى عام 2022، فقد العالم أجمع حوالي 459 مليون هكتار من الغطاء الشجري على مستوى العالم.
وهو ما يعادل انخفاضًا بنسبة 12٪ في الغطاء الشجري منذ عام 2000، تسبب ذلك في 195 غيغا طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
خلال نفس الفترة، كانت المنطقة العربية تخسر الكثير من أشجارها، فمن عام 2001 إلى عام 2022، خسر لبنان 5.88 ألف هكتار من الغطاء الشجري، أي ما يعادل انخفاضا بنسبة 9.0 في المائة في الغطاء الشجري في البلاد منذ عام 2000، أما الأردن خلال نفس الفترة فقد 8 هكتارات من الغطاء الشجري وما يعادل 0.33٪، أما مصر فقد فقدت مصر 1.78 ألف هكتار من الغطاء الشجري خلال نفس الفترة.
دول المغرب العربي المعروفة بالمساحات الخضراء الواسعة كان لها أيضا نسبة من الخسارة الخضراء، من عام 2001 إلى عام 2022، خسرت المغرب 54.6 ألف هكتار من الغطاء الشجري، وهو ما يعادل انخفاضًا بنسبة 8.4٪ في الغطاء الشجري منذ عام 2000. وكذلك تونس التي فقدت خلال نفس الفترة 33.0 ألف هكتار من الغطاء الشجري، وهو ما يعادل انخفاضًا بنسبة 15 ٪ في الغطاء الشجري منذ عام 2000. أما الجزائر فقد فقدت خلال نفس الفترة 205 هكتارات من الغطاء الشجري، أي ما يعادل انخفاضًا بنسبة 17 ٪ من مساحتها الشجرية.
تتنوع أسباب انحسار المساحات الشجرية في المنطقة العربية، يمكن أن تختلف باختلاف الدولة والمنطقة داخل العالم العربي. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون بعض هذه العوامل مترابط، مع إزالة الغابات وتدمير الموائل مما يؤدي إلى مزيد من التدهور البيئي وفقدان التنوع البيولوجي.
من ضمن هذه الأسباب القطع والحرق المباشر والمتعمد للأشجار لأغراض مثل الزراعة، حتى يتم إفساح المجال للأراضي الزراعية، أو بسبب مع نمو المدن وتوسعها وبناء مبان جديدة.
أو بسبب الحصول على الوقود من الأشجار، لا سيما في المناطق الريفية حيث قد يكون الوصول إلى مصادر الطاقة الأخرى محدودًا.
إضافة إلى قطع الأشجار غير القانوني الذي يعد مشكلة رئيسية في أجزاء كثيرة من العالم، بما في ذلك المنطقة العربية. غالبًا ما يتم قطع الأشجار وبيعها من أجل الأخشاب أو غيرها من المنتجات، مما يؤدي إلى إزالة الغابات وتدمير الموائل.
تغير المناخ له أيضا دورًا، حيث يساهم أيضًا في فقدان الأشجار في المنطقة العربية، لأن ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط هطول الأمطار تؤدي إلى زيادة صعوبة بقاء الأشجار على قيد الحياة، لا سيما في المناطق التي تعاني بالفعل من ندرة المياه.
ولكن الأكيد أن تقلص المساحات الشجرية في المنطقة العربية يتسبب في انبعاثات أكثر لثاني أكسيد الكربون، لفهم العلاقة بين تقلص المساحات وأسبابها وزيادة انبعاثات الكربون في خمس دول وهي مصر ولبنان ودول المغرب العربي والتي تشمل تونس والجزائر والمغرب، قمنا بتحليل البيانات الصادرة عن Global Forest Watch وهي عبارة عن منصة على الإنترنت توفر البيانات والأدوات لرصد الغابات من خلال تسخير التكنولوجيا المتطورة.
حجم الخسارة
بين عامي 2001 و2021، كان معدل الزيادة في خسارة المساحات الشجرية في لبنان يساوي 95%ـ فبعدما كانت المساحة المفقودة في 2001 حوالي 299 أصبحت في 2022 حوالي 584.7 هكتار، أما الجزائر فزادت بنسبة 288% فبعدما فقدت في 2001 حوالي 3468.7 ألف هكتار، فقدت في 2022 حوالي 13442.6 هكتار.
أما تونس فقد فقدت في 2001 حوالي 230.67 هكتار، ولكن في 2022 فقدت حوالي 2943.5 هكتار، فكانت نسبة الزيادة 1177% خلال عشرين عامًا، أما المغرب فكانت نسبة زيادة فقد المساحات الشجرية حوالي 543% خلال نفس الفترة فبدلا من فقدان مساحة شجرية تساوي 1868.2 في 2001 وصلت في 2022 إلى 12016.3 هكتار.
حرائق الأشجار
في المنطقة العربية، تتنوع أسباب فقدان المساحات الشجرية، ولكن أبرزها هي حرائق الأشجار، سواء كانت متعمدة أو غير متعمدة، خلال الأعوام السابقة شهدت البلاد العربية عدة حالات لحرائق الأشجار.
في شمال الجزائر، وتحديدًا في أغسطس 2022، اندلعت سلسلة من حرائق الغابات في شمال الجزائر، مما أدى إلى مقتل 38 شخصًا على الأقل. اشتعلت الحرائق بسبب الجفاف وموجة الحر الشديدة
في لبنان، احترقت مساحات شاسعة من غابات الصنوبر في المناطق الجبلية شمال البلاد بسبب حرائق الغابات المستمرة في يوليو/تموز 2021، وأدت هذه الحرائق إلى مقتل رجل إطفاء واحد على الأقل وأجبرت السكان على الفرار.
الأمر نفسه في ليبيا وتونس، في أغسطس/آب 2021، اندلعت حرائق في منطقة الجبل الأخضر في ليبيا وبالقرب من الحدود مع الجزائر في تونس، وقيل إن السبب هي درجات الحرارة المرتفعة، إضافة إلى بعض الأنشطة البشرية.
وفقا لتحليل البيانات الذي قمنا به، من عام 2001 إلى عام 2022، خسر لبنان 1.64 ألف هكتار من الغطاء الشجري بسبب الحرائق و 4.24 ألف هكتار من أسباب الخسارة الأخرى والتي تشمل القطع والأنشطة البشرية. كان العام الذي شهد أكبر عدد من الخسائر في الغطاء الشجري بسبب الحرائق خلال هذه الفترة هو عام 2021 حيث تم فقد 425 هكتارًا بسبب الحرائق أي حوالي 63٪ من إجمالي الغطاء الشجري المفقود في ذلك العام.
تونس أيضا خلال نفس الفترة خسرت 23.0 ألف هكتار من غطاء الأشجار من الحرائق و9.98 ألف هكتار من جميع دوافع انحسار الغطاء الشجري الأخرى. كان العام الذي شهد أكبر عدد من الخسائر في الغطاء الشجري بسبب الحرائق خلال هذه الفترة هو عام 2017 حيث تم فقد 7.85 كيلو هكتار بنسبة 92٪ من الإجمالي المفقود.
أما الجزائر فقد فقدت 149 ألف هكتار من غطاء الأشجار من الحرائق، وأكبر عاما شهد حرائق هو عام 2017 حيث فقد 41.7 ألف هكتار فيه أي حوالي 91٪ من إجمالي الغطاء الشجري المفقود في ذلك العام.
وكذلك المغرب الذي خسر حوالي 25.6 ألف هكتار من الغطاء الشجري من الحرائق، وكان أكبر عاما شهد حرائق الأشجار هو 2022 مع خسارة 10.8 كيلو هكتار بسبب الحرائق بنسبة 90٪ من إجمالي المفقود.
من عام 2001 إلى عام 2022 ، فقدت مصر 308 هكتارات من غطاء الأشجار من الحرائق و1.47 كيلو هكتار من جميع أسباب الخسارة الأخرى. كان العام الذي شهد أكبر عدد من الخسائر في الغطاء الشجري بسبب الحرائق خلال هذه الفترة هو عام 2012 حيث فقدت الحرائق 112 هكتارًا - 26٪ من إجمالي الغطاء الشجري المفقود في ذلك العام.
وكذلك مصر التي فقدت 308 هكتارات من غطاء الأشجار بسبب الحرائق، وشهد أكبر عام للحرائق، هو 2012 بحوالي 112 هكتارًا أي 26٪ من إجمالي الغطاء الشجري المفقود في ذلك العام.
زيادة الانبعاثات
بسبب تقلص المساحات الشجرية زادت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المُطلقة في الغلاف الجوي في الدول العربية، في لبنان زادت بنسبة 108%، وفي تونس زادت بنسبة 1130%، وفي المغرب 785% وفي الجزائر 334% خلال الفترة الواقعة بين 2001 و 2022.
يقول بول أبي راشد، مؤسس ورئيس جمعية الأرض في لبنان لـ "العين الإخبارية"، إن أسباب قطع أشجار لبنان المعمرة هو تراجع هيبة دولة القانون والمؤسسات لحمايتها، وتوجه تجار الحطب والفحم للقطع بهدف تلبية طلب متزايد على الحطب بعد غلاء المازوت والغاز للتدفئة.
ويضيف في المنطقة العربية يزداد حرق الغابات يتزايد بسبب تراجع قدرة المؤسسات المحلية كالبلديات في الحماية وضعف أجهزة الدفاع المدني، وكذلك وهشاشة الغابات في ظل التغير المناخي بعد ارتفاع درجات الحرارة وهبوب الرياح في الصيف بقوة.
وأضاف، اندثار المساحات الشجرية له أثر كبير على البيئة ويظهر من خلال تغير المناخ المحلي وانجراف التربة في الشتاء إلى البحر وجفاف بعض الينابيع وتغير صورة البلاد العربية الخضراء.
aXA6IDE4LjExOS4yMTMuMzYg جزيرة ام اند امز